مايا زبيب تتحدث عن "زُقاق" وأهمية المسرح في معالجة قضايا المجتمع
في بلد حيث السلام معلق دائماً بخيط رفيع، برزت فرقة المسرح الجماعي "زُقاق" كواحدة من الفرق المسرحية القليلة في لبنان التي تقوم بالتدخل النفسي والاجتماعي في سياقات مهمشة متنوعة ومع مجموعات مختلفة
كريستيان واكد
بيروت ـ ، مثل السكان المتضررين من الحروب والنزاعات والمهاجرين واللاجئين وعاملات المنازل الأجانب والسجناء والنساء والشباب والأطفال المعرضين للعنف المنزلي وما إلى ذلك.
أسست مخرجة المسرح، الكاتبة والممثلة مايا زبيب مع المخرج المسرحي عمر أبي عازار فرقة "زُقاق"، وفي لقاء معها تحدثت مايا عن تاريخ الفرقة وأهدافها، تقول "أسسنا فرقة "زُقاق" عام 2006 وهو نفس العام الذي شهد الحرب الإسرائيلية على لبنان، نسعى من خلال فرقة زُقاق إلى تطوير بيئة من الحوار والتفكير حول الفنون الأدائية في لبنان والمنطقة بأكملها".
"تقدم فرقة زُقاق العلاج الدرامي وورش عمل للمدربين في تقنيات الوساطة النفسية والاجتماعية، لتمرير معرفتهم، ونقل خبراتهم في أساليب البحث الشاملة القائمة على المسرح"، من خلال هذا الأسلوب تجمع فرقة زُقاق أشخاص من خلفيات اجتماعية ودينية مختلفة معاً، حيث يشاركون قصصهم ويطوّرون خبراتهم ومهاراتهم الفنيّة وفي بعض الأحيان يتعافون معاً.
وعن عدد أعضاء الفرقة تقول مايا زبيب "تتكون الفرقة الأساسية من ٥ أعضاء بالإضافة إلى فريق كبير من التقنيين والإداريين. من بين الأعضاء، المخرج المسرحي عمر أبي عازار الذي أخرج عروض كثيرة لزُقاق والتي عرضت في مدن مختلفة في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية وجنوب آسيا وأفريقيا".
شاركت فرقة زُقاق في عدد من المهرجانات والمسارح وورشات عمل في حرم جامعات دولية، لخلق أعمال مسرحيّة مبتكرة، مثل مركز الفنون المسرحي في جامعة نيويورك أبوظبي، مركز سينثيا وودز ميتشل، جامعة هيوستن، تكساس وغيرها الكثير.
أوضحت مايا زبيب "نحاول دائماً فهم الطبقات الاجتماعية التي تكوّن مجتمعنا، ومعرفة القضايا التي يجب تسليط الضوء عليها ومعالجتها من خلال الأعمال الفنية".
وتتميز فرقة زُقاق في طريقة تخصيص عروضها من أجل إضفاء الطابع الديمقراطي على المسرح والوصول إلى جميع أنواع الجمهور، هكذا تقول مايا زبيب "من عروض الأداء في الشوارع إلى المسرح المريح، يتنوع جمهور زُقاق من النخبة الفكرية إلى المشاهدين من الأحياء الشعبية".
ساعدهم اختلاف وتنوع مسرحهم من المسرح الساخر والنصوص الحادة والأداء المميز لممثليهم في الحصول على تقدير دولي والعديد من الجوائز من بينها جائزة "البريميوم" امبيريال اليابانية لعام 2017 التي تمنحها جمعية الفنون اليابانية للفنانين الشباب.
كما وحصلت فرقة زُقاق على الجنسية الفخرية من مدينة باليرمو الإيطالية عام 2017.
وبحسب قول مايا زبيب أنه وبالشراكة مع المعهد الفرنسي، أطلقت فرقة زُقاق في عام 2015 منصة "فوكاس لبنان" لدعم عرض ونشر أعمال الفنانين المحليين. كنتيجة مباشرة لهذه العروض، تم تقديم أعمال الفنانين المحليين في العديد من المهرجانات المرموقة في جميع أنحاء أوروبا.
وافتتحت زُقاق في كانون الأول/ديسمبر عام 2017 استوديو ومسرح خاص بالفرقة في منطقة الكارنتينا حيث تم عرض بمناسبة الافتتاحية مسرحية "الجواكر". هذا العمل يعيد النظر في "المهمشين" في المجتمع؛ تلك الشخصيات التي تم نبذها إلى أقصى الحدود، فأضحت كبش محرقة إن لم تغير هويتها الذاتية بالكامل وهو أمر مستحيل.
المسرحية حازت على نجاح كبير وعرضت خارج البلاد أيضاً، وفي تشرين الأول/أكتوبر عام 2017 تم عرضها ضمن المهرجان الدولي للفنون في منطقة بوردو الفرنسية.
مع انفجار الرابع من آب/ أغسطس 2020، الذي وقع في الميناء وسط بيروت العاصمة حيث تم تخزين 2750 طناً من نترات الأمونيوم، وهي مادة متفجرة تستخدم في الأسمدة والقنابل، كانت مخزنة في المرفأ منذ ما يقارب ست سنوات دون أي تدابير أمنية، ونظراً لموقع استوديو زُقاق القريب لمرفأ بيروت فقد تضرر المكان بشكل كبير.
توضح مايا زبيب "انفجار 4 آب/أغسطس كان له تأثير تدميري على استوديو زُقاق، المكتب بالإضافة إلى المعدات دمرت كلياً، ومنذ أول يوم بعد الانفجار أتى متطوعين من كل لبنان إضافة إلى أصدقاء وزملاء فنانين قاموا خلال أيام قليلة بتنظيف المكان كلياً، وبعدها حصلنا على بعض المساعدات من أفراد وجمعيات مختلفة لترميم المكان. حاليا الاستوديو مغلق؛ لأننا لم ننتهي من أعمال الترميم، ونحن نبحث إذا كنا سنكمل عملنا في هذا الاستوديو أو أننا سننتقل إلى مكان آخر".
وخلال اللقاء سلّطت مايا زبيب الضوء على إمكانات الشباب في المجال الثقافي ودعتهم للانضمام إلى العمل المسرحي من أجل إنشاء شبكة حقيقية فاعلة في المجال المسرحي في لبنان.
وبالرغم من تطور وسائل الفن، فإن المسرح وبشكل عام يبقى أكثر الفنون إخلاصاً في تقليد للحياة، ويمكن أن يكون نموذجاً للتعاطف، وفرقة "زُقاق" تشكل المختبر الثقافي المثالي للمسرح اللبناني.