لأول مرة في مدينة منبج شابة شركسية تتقن الغناء بلغتها الأم

مركز الثقافة والفن في مدينة منبج بشمال وشرق سوريا هو الراعي لكثير من المواهب التي لم تبصر النور.

سيبيلييا الإبراهيم

منبج - اتقنت شابة شركسية فن الغناء باللغة الشركسية، وأظهرت موهبتها على خشبة المسرح، لتشجع الشابات على إظهار مواهبهن وثقافة أجدادهن من خلال أصواتهن.

تتميز مدينة منبج بوجود أربعة مكونات أساسية منذُ بناء وتأسيس هذه المدينة، ومن ضمن هذه المكونات هو المكون الشركسي، الذي كان له دور في بناء هذه المدينة وازدهارها، ولكن بحكم النظام الدولتي الموجود لم تظهر ثقافة ولون هذه المكونات في منبج، فكان اللون واللغة البارزين هي اللغة العربية بالدرجة الأولى.

ولكن حدث تغير جذري في هذه المدينة بعد تحريرها من قبل قوات مجلس منبج العسكري في عام 2016، وتطبيق مشروع الأمة الديمقراطية وبناء المؤسسات، ومنها مركز الثقافة والفن الذي فتح المجال أمام كافة المكونات لإظهار ثقافتها ولغتها الأم.

كما ساهم المركز في إظهار مواهب شخصيات عدة من كافة المكونات، ومن هذه الشخصيات الشابة الشركسية زينب إسحاق التي تعتبر أول شابة شركسية تغني بلغتها الأم، وتشارك في كافة الفعاليات على مستوى شمال وشرق سوريا.

وفي هذا السياق أجرت وكالتنا لقاءً مع عضوة مركز الثقافة والفن وعضوة فرقة أفين كوي التابعة للمركز، زينب إسحاق التي قالت "انضممت لمركز الثقافة والفن منذُ عام 2020، وبدأت التدريب هنا في المركز، ومن ثم بدأت بالغناء على خشبة المسرح أمام الجمهور والملأ".

وأما عن فرقة الشهيدة أفين كوي التي هي عضوة بها وسميت على اسم آفين كوي التي استشهدت في باريس، قالت "قمنا بتأسيس هذه الفرقة منذ ما يقارب شهرين، وأغلب العضوات بها هن من العنصر النسائي، ومعظم الأغاني التي نؤديها هي أغاني ثقافية تحاكي المرأة ونضالها في الثورات".

وعن المستوى الذي وصلت إليه المرأة في منبج من الناحية الثقافية أفادت "هناك قلة لتواجد النساء في المركز الثقافي والساحة الثقافية بشكل عام، بسبب الذهنية الذكورية الموجودة داخل المجتمع والتي تمنع دخول المرأة إلى الساحة الثقافية، وكتجربة شخصية كوني طالبة فقد كانت الدراسة إحدى العوائق التي عرقلت دخولي إلى الساحة الثقافية"، وأضافت "لكن من خلال تنظيم وقتي والتنسيق بين الدراسة واستمرار شغفي بالغناء تخطيت هذا العائق، واستطعت من خلال تواجدي هنا أن أغير من نظرة المجتمع للمرأة، وذلك من خلال شخصيتي وتواجدي بالساحة الثقافية".

وقد سلطت الضوء على دور مركز الثقافة والفن في إظهار الثقافة الشركسية في مدينة منبج بقولها "بفضل فكرة مشروع الأمة الديمقراطية الذي فتح المجال أمام كافة المكونات لإظهار ثقافتها الأم، وعن تجربة شخصية كشابة تغني بالغة الشركسية في منبج وريفها ولأول مرة في هذه المنطقة، كانت فكرة نادرة وملفتة للمجتمع بشكل عام، فقد أردت أن أظهر ثقافتي من خلال الغناء بلغتي الأم".

وحول مشاركتها في الفعاليات المقامة في مدينة منبج وشمال وشرق سوريا قالت زينب إسحاق "بالطبع لدي العديد من المشاركات على مستوى مدينة منبج ومستوى شمال شرق سوريا، فقد شاركت في فعاليات الثامن من آذار وعيد النيروز، وغنيت بها باللغة الشركسية وأكثر ما شجعني عند وقوفي على خشبة المسرح هو تشجيع الجمهور لي، الذي أعطاني الحافز للاستمرار والغناء بلغتي الأم، فأغلب الأغاني التي أغنيها بلغتي تتحدث عن وطني الأم القوقاز وعن هجرة الشركسي ومغادرة القوقاز قصراً".

وعن رسالتها التي تحملها للشابات قالت" النساء والشابات اللواتي يمتلكن مواهب، عليهن أن يكسرن حاجز الخوف، وأن يظهرن مواهبهن وثقافتهن الدفينة"، وأضافت "لا شيء مستحيل إذا أراد المرء أن يظهره، كتجربتي الشخصية ضمن الساحة الثقافية، فلم يكن يوجد هناك مدربين أو أشخاص يغنون باللغة الشركسية، فكان المجهود الأكبر يقع على عاتقي ومجهودي الشخصي، وأطمح أن أطور من نفسي أكثر واوصل رسالتي وأظهر ثقافة الشركس من خلال صوتي والأغاني التي أغنيها باللغة الشركسية".

وفي السياق ذاته تحدثت وكالتنا مع الرئيسة المشتركة لمركز الثقافة والفن في منبج وريفها روز إسحاق قائلةً "تأسس مركز الثقافة والفن في مدينة منبج بعد تحرير المدينة، وفي بداية تأسيس المركز لم تكن الفكرة متقبله لدى أهالي مدينة منبج، فقد عانينا في البداية من استقطاب مكونات المجتمع، فقد كان هنالك تردد ولم يكن هنالك شجاعة على الإقبال للمركز".

وأما بالنسبة للفرق التي تنتمي لمركز الثقافة والفن فقد أشارت" أن هنالك العديد من فرق المسرح والفرق الغنائية وفرق خاصة بالمرأة، وكان هنالك افتقار لفرق الدبكات إلا أننا الآن نسعى إلى تشكيل فرق دبكات، وأما بالنسبة لفرقة الشهيدة أفين فقد تزامن تأسيسها مع استشهاد أفين كوي، وأطلق عليها اسم الشهيدة استذكاراً لها، وهي فرقة خاصة بالنساء وتشكل الآن حجر أساس، وفي الأيام القادمة سيكون هناك زيادة في عدد عضوات الفرقة".

وخلال الحديث عن المكون الشركسي ودوره في مركز الثقافة والفن، قالت روز إسحاق "تاريخ المكون الشركسي في مدينة منبج قديم جداً وهو من مؤسسي هذه المدينة، لكن مع مرور الزمن والحروب التي دارت تسبب في هجرة الشركس من مدينة منبج إلى مناطق ودول عدة، وعلى الرغم من العدد القليل في المكون الشركسي إلا أنه احتفظ بثقافته ولغته، بالإضافة لمساهمة مركز الثقافة والفن بوجود هذا المكون وإظهار ثقافتهُ لكافة المكونات، نسعى إلى زيادة عدد الأعضاء من المكون الشركسي ضمن مركز الثقافة والفن في منبج".

وأما عن موهبة الشابة  الشركسية زينب إسحاق تطرقت روز إسحاق بقولها "أردنا دائماً في مركز الثقافة والفن تسليط الضوء على المكون الشركسي، لكن كان مقتصر على الرقصات الشركسية وأما الغناء باللغة الشركسية كان معدوم، إلى أن ألتقينا الشابة الشركسية زينب التي كانت تحب الغناء، واكتشفنا أن لديها صوت جميل، وساهمنا في تدريبها وتشجيعها لتغني بلغتها وتصل إلى المستوى الذي وصلت إليه"، وأضافت "زينب هي الشابة الوحيدة التي تتقن الغناء باللغة الشركسية في مدينة منبج ونسعى إلى تطوير موهبتها، وزيادة عدد النساء اللواتي يغنن بهذه اللغة، فكانت نقله نوعية من طالبة إلى فنانة تغني باللغة شركسية".

ووجهت روز إسحاق رسالة لكافة أبناء المجتمع مفادها أنه يجب عليهم أن يلجؤوا إلى مركز الثقافة والفن لإبراز هويتهم الثقافية والفلكلورية وإظهار مواهبهم، قائلةً "هنالك تردد من قبل العنصر النسائي، وأوجه لهن رسالة بإن يظهرهن مواهبهن وألا يبقين مكتوفات الأيدي وسط مجتمع لا يستطعن فيه التعبير عن مواهبهن".