"كنداكات الديوان" مبادرة تهدف للحفاظ على التراث النوبي

تعمل مجموعة من النسويات من خلال مبادرة "كنداكات الديوان" على أنتاج مجموعة من الأدوات والمشغولات الخاصة بالتراث النوبي للمحافظة عليه من الاندثار.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تتميز الثقافة النوبية بالألوان البديعة والمختلفة والصور المعلقة على الجدران للنوبيات في زيهن التقليدي المميز اللافت للأنظار، وللتعرف أكثر على هذا التراث والثقافة تم إطلاق مبادرة "كنداكات الديوان".

المحامية نجلاء أبو المجد، اهتمت بملف المرأة والتراث النوبي منذ أن كانت في الجامعة، وصولاً لمشاركتها في المادة 50 من الدستور ضمن لوبي نسائي وجه جهوده للتعديلات التشريعية التي تحفظ حقوق النساء وتمنحهن العدالة في المعاملات مع الرجال.

وأوضحت نجلاء أبو المجد في حوار مع وكالتنا المحاولات التي استهدفت الحفاظ على التراث النوبي وأهم الأزمات التي تعاني منها النساء النوبيات وما نجحت مبادرة "كنداكات الديوان" في إنتاجه وتسويقه من مشغولات نوبية تراثية والدور الذي يقمن به من أجل التعريف بالثقافة واللغة والتراث الخاص بهن.

 

حديثنا عن مبادرة "كنداكات الديوان" المعنية بالتراث النوبي؟

كنت أتحدث في أي مكان عن تراثنا وتاريخنا وحكايات من بلادي وهو الأمر الذي كان يلقى إعجاب أغلب المستمعين له، وعقب الثورة بات هناك زيادة في الوعي خاصة فيما يتعلق باللغة النوبية حتى لا ينساها أطفالنا.

وخلال الفترة الأخيرة وجدنا أن معالم وملابس النوبيات بدأت تتغير وبعض المقتنيات المنزلية لم تعد موجودة والفتيات بتن يرتدين العبايات في البلد بينما الزي النوبي والمنتجات النوبية ترسل هدايا للعديد من الدول حول العالم.

وهذا التغير الذي حدث في الحياة كان مقلقاً لكونه يهدد بنسيان الثقافة النوبية مع الوقت وهو الأمر الذي جعلنا نفكر في إعادة إحيائها بالعودة للعمل لإنتاج مقتنيات للبيت النوبي والزي وأيضاً التوعية بأهمية الحفاظ على اللغة والثقافة.

وانا من قرية اسمها الديوان وهي في الماضي كانت مقر الحكم هناك، وتحدثت إلى الفتيات بشأن فكرة المبادرة فتحمسوا لها وبدأنا في توفير الخامات وقمنا بإنتاج مجموعة متنوعة من الأدوات والمنتجات والمشغولات.

 

كانت لك تجارب سابقة تتعلق بالتراث النوبي... حدثينا عن رحلة اهتمامك بالتراث والثقافة؟

المشوار بدأ أثناء دراستي في جامعة القاهرة وكانت بها أسرة طلابية باسم "أبناء الوادي"، وكنا نغنى من تراثنا ونتحدث بلغتنا ونقيم حفلات بالشراكة مع الأسر النوبية في جامعات أخرى.

وانشغلت لفترة عن هذا المسار نتيجة زواجي وإنجابي، وخلال ثورة 25 يناير كانت لدي مبادرة باسم "نوبيات من أرض الذهب" وفي تلك الفترة كانت السياسة طاغية وبتنا مهتمين بقضية تمكين النساء في بلاد النوبة، وكنت أذهب لهناك وأعقد محاضرات من أجل التعريف بالنوبة وتراثها وعملنا على عدد من المشاريع من أجل الحفاظ على التراث وتطوير أدوات ومهارات النساء هناك.

ومبادرة "نوبيات من أرض الذهب" تمكنت من المشاركة في إنتاج كتاب حمل عنوان "تشريعات مؤثرة لدخول النساء البرلمان" وهو منتج إقليمي شارك به العديد من الممثلين من دول "الجزائر والمغرب وتونس ولبنان" وقمنا بعقد جلسات مع جميع الأحزاب.

 

إلى أي مدى أثر التمييز المستند للنوع الاجتماعي والتنميط على المرأة النوبية؟ وما هي التحديات التي تعاني منها؟

المرأة بشكل عام تعاني في مختلف أنحاء العالم خاصة إن كانت مختلفة عن المجتمع المحيط بها، وهو الأمر الذي رفع من معدل الأعباء التي تعاني منها النساء بشكل عام.

أما عن المرأة النوبية فقد تربينا في صغرنا على عدم رد الاساءة بمثلها وهو الأمر الذي جعلها تستطيع التعايش وهي غير مكترثة لما يمارس عليها من ضغوط مجتمعية.

وفي مجال العمل نجد هناك جملة معتادة تتصدر مشهد التعامل مع النوبيات وهي "بتوع القاهرة خلصوا علشان يجيبوا واحدة من النوبة"، ولكن مع مرور الوقت يتم إثبات الذات وانتزاع الفرص.

وعلى مستوى الأجر فالأمر لا تتحمل تبعاته المرأة النوبية وحدها ولكن جميع النساء تعاني من واقع التمييز في الأجر حتى وإن كانت حاصلة على نفس المؤهل وتقوم بنفس العمل الذي يمارسه الرجل.

وكوني عضوة في الجبهة الوطنية لنساء مصر كنت ضمن مجموعة قررت التوجه للبرلمان للنظر في تلك المسألة التمييزية التي تتحمل النساء تبعاتها فقط بسبب نوعهن الاجتماعي، وناقشنا أيضا أزمة الميراث التي تحرم منه النساء في صعيد مصر.

فالتحديات التي تعاني منها المرأة النوبية لا تختلف عن غيرها من النساء لكونها تعيش داخل مجتمع ذكوري يفرض سيطرته على النساء وينتقص من حقوقهن فقط نتيجة النوع الاجتماعي دون الاستناد لمعايير الكفاءة والمهارات التي تمتلكها النساء.

ومازالت الأزمة الاقتصادية المتصدرة للمشهد كليا والمؤثرة فيه، فالنساء عانين من جراء التغيرات المناخية وكذلك تبعات الحرب الأوكرانية الروسية وقبلها انتشار فيروس كورونا وغيرها من الأمور.

 

البعض يؤكد أن العمل اليدوي لا يتم تقديره على النحو المأمول... فكيف ترين تلك الأزمة وما أهم المقتنيات التي تنتجها "كنداكات الديوان"؟

أنه إلى حد كبير "مظلوم" فمسألة تقديره وتثمينه ليست رائجة على النحو المطلوب وهو الأمر الذي يحتاج لجهد مضاعف من التسويق والترويج له.

ونحن في مبادرة "كنداكات الديوان" نعاني من أزمات متعددة منها الجانب المادي وإمكانية الإنفاق على المستلزمات المستخدمة في المنتجات المتنوعة، فضلاً عن عبء السفر لجلب بعض المواد المستخدمة ومنها الخوص وغيره من الأدوات.

والتسويق أحد المعوقات أيضاً فلا نمتلك الحرفية اللازمة للترويج للمنتجات التراثية على النحو المأمول رغم زيادة معدل الطلب على المنتجات النوبية في خارج البلاد إلا أن العمل المحلي يحتاج لمزيد من الجهد.

أما عن المقتنيات التي يتم إنتاجها فمنها "القرج" وهو طبق صنع من الخيط بأحجام مختلفة وألوان متنوعة يستخدم كصينية تقديم في الأفراح، فضلاً عن الشنط، والمروحة النوبية التي تلائم ارتفاع درجات الحرارة الشديدة هناك.

وننتج أيضاً حلي العروسة المصنوع من الذهب، وحامل البخور، والاكسسوارات المختلفة وأيضاً جرابات الهواتف والاطباق التي بها مطبوعات نوبية والألبسة التي تكتب عليها كلمات نوبية وغيرها.