حرفية تسخر فن السيراميك في تجسيد صورة المرأة المغربية
رغم ضعف الإمكانيات، تحاول حورية الشيحي تجسيد صورة المرأة المغربية المكافحة، وهي التي اقتحمت فن السيراميك متحدية الواقع الصعب.
حنان حارت
المغرب ـ تعمل الحرفية حورية الشيحي التي بات ندرة وغلاء المواد يقف كعائق أمام تحقيق أهدافها التي كانت قد رسمتها قبل عشر سنوات، في الحفاظ على فن السيراميك الذي تعتبره بمثابة تراث يعبر عن فن وأصالة المغرب.
الحرفية المغربية حورية الشيحي التي تلقت دورة تدريبية لتعلم فن السيراميك، تكبر طموحاتها يوماً بعد يوم وتنتظر توفير الدعم لحلمها، وبرغم كل العوائق لم تيأس وطورت من نفسها في فن السيراميك على الزجاج وعلى القماش، والفخار والستانيو، وتمكنت من خلق مشروعها الخاص، الذي بدأته بشغف ومحبة.
عن حبها لما تمتهنه تقول "كنت أعمل ممرضة في إحدى المستشفيات، لكن بعد زواجي وإنجابي قررت ترك عملي للتفرغ لمسؤولياتي العائلية، لذا فكرت في إنشاء مشروع خاص في البيت، وبعدما استشرت وبحثت كثيراً اهتديت لحرفة السيراميك، وحاولت التدرب عليه من خلال الانضمام إلى أحد المدارس المتخصصة، وتمكنت من دراسة هذا الفن لإتقانه بكل أنواعه، ومن ثمة أطلقت مشروعي من البيت، وكانت البداية مشجعة".
حورية الشيحي التي تتخذ من منزلها ورشة لعملها، وهي بصدد إنجاز لوحة تجسد صورة المرأة المغربية في الشمال تقول "الرسم على الزجاج فن ممتع يعمل على تحويل شكل الزجاج التقليدي إلى لوحة فنية جذابة رائعة، أجد المتعة وأنا أقوم بذلك بغض النظر عن الجانب المادي".
وعن مراحل الرسم على الزجاج أوضحت "أولاً يجب الحرص على أن يكون الزجاج نظيفاً وخالياً من الأتربة والشوائب قبل البدء بالرسم، كما يجب توفير الألوان المخصصة لهذا الغرض وكذلك الأقلام والفراشي".
وأضافت "بالنسبة للرسومات أستخرجها من الأنترنت أو اشتري صوراً جاهزة، وأقوم فقط بتثبيتها خلف قطعة الزجاج الشفاف، ثم أتابع خطوط الرسم بقلم التحديد، مع الاستعانة باللون الذهبي أو الفضي لما يضفيانه على الزجاج من لمعان أثناء انعكاس الضوء، وعند استخدام المحدد يجب أن تكون سرعة حركة اليد متوافقة مع قوة الضغط على الأنبوب. ثم تأتي مرحلة التلوين التي تتطلب تركيزاً كبيراً حتى لا تخرج الألوان عن إطار الرسم، فيبدو غير متقن".
وحول الوقت الذي تستغرقه أثناء الرسم تقول "الرسم على القطعة الصغيرة يستغرق حوالي ربع أو نصف ساعة، لكن مرحلة التلوين هي التي تأخذ الحيز الأكبر من الوقت لأنه لا يتم تلوين اللوحة كاملة، بل نصفها فقط، وبعدها يتم الانتظار إلى أن تجف، ليتم بعدها تلوين النصف الآخر، ثم تترك حتى تجف تماماً، لأقوم بتلوين الأرضيات، وانتظر مرة أخرى حتى تجف لتفادي تداخل الألوان وامتزاجها ببعض، وبعدها تأتي مرحلة عمل الإطار، حتى تبدو لوحة متكاملة".
وعن اختيار الألوان المستعملة "أحاول استعمال الألوان التي تتلاءم مع بعضها البعض، لكني أفضل الألوان الزاهية التي تعطي حياة للوحة، وتضفي رونقاً للمكان الذي ستوضع فيه".
يكتظ بيت حورية الشيحي بعدد من اللوحات المتنوعة التي كانت قد رسمتها بهدف تزيين شقتها، فهناك مجموعة من الأشكال الفنية، علاوة على رسم الطبيعة بمختلف مكوناتها، من أشجار وورود.
لا تتوقف موهبة حورية الشيحي عند الرسم على الزجاج، بل ترسم لوحات باستخدام مادة الستانيو وهي عبارة عن ورق معدني يستعمل للتزيين "الستانيو فن راقي يحتاج لدقة وإتقان وصبر ويعتمد على الورق المعدني والنحاسي والبرونزي، ليتم النحت عليه".
وأضافت "نبدأ العمل بأدوات وأقلام خاصة حيث نأخذ الوجه اللامع للستانيو؛ ثم نقلبه لنعمل عليه من الجهة الأخرى، ويأتي بعد ذلك مرحلة التشميع بشمع خاص الذي تتم إذابته على النار ثم نفرغه على الأماكن الفارغة من الخلف لكي يكون الانتفاخ صلب حتى إن ضغطنا عليه لا يتأثر، فهو يجمد في الحين ثم نقلب العمل على وجهه ونزين الجوانب بخطوط عشوائية لإعطائها ديكور، ثم استعمال صباغة خاصة بالسيراميك".
وتعد الرقائق الفضية هي الأكثر استعمالاً كما أوضحت حورية الشيحي لأنها تظهر العمل قديماً أكثر، كما أنه سهل الاستخدام في العمل ولا يحتاج لمجهود، بينما الرقائق المعدنية باللون الذهبي والنحاسي فصعبة في العمل وتحتاج لمجهود كبير، لذلك فالأغلبية يستعملون الرقائق المعدنية باللون الفضي.
وإلى جانب استخدامها فن السيراميك على الزجاج والستانيو، تتقن كذلك فن السيراميك على القماش والفخار، لكن نتيجة مجموعة من العوامل أصبح من الصعب عليها إنجازها "في البداية لم تكن هناك أية عوائق، بل على العكس كان الأمر جيداً وحقق المشروع نجاحاً كبيراً وكان لدي زبائن كثر، لكن خلال السنوات الأخيرة خاصة مع جائحة كورونا بتنا نعاني من ندرة المواد الخام وكذلك غلاء الأدوات المستخدمة في صنع اللوحات، من قماش وأخشاب وألوان وصباغات، هناك عدة طلبيات لكني لا أقبلها لأني لا أجد المواد في الأسواق أو المحلات المخصصة التي كنت أقتنيها منها، فهي تستورد من الخارج".
وفي ختام حديثها قالت "على كل امرأة تعلم أي مهنة في أي سن كانت، لأن كل شيء تتعلمه جيد بالنسبة لها، وبالرغم من جميع الصعوبات علينا التمسك بأحلامنا".