حنان فرفور: دخلت بيوت العالم العربي وقدمت ما يليق بالقصيدة اللبنانية في "أمير الشعراء"

شاركت الشاعرة حنان فرفور ممثلةً لبنان في مسابقة "أمير الشعراء" ووصلت للمرحلة النصف نهائية متجاوزة كل الصعوبات، ولكنها اصطدمت بحاجز التصويت الذي لم يساعدها في الوصول إلى المرحلة النهائية وربما حيازة اللقب، في رحلة دخلت فيها قلوب العالم العربي عبر القصيدة اللبنانية.

كارولين بزي
بيروت ـ
 
"لم أسمح للملاحظات أن تحبطني ولا للمديح أن يغرّني"
تصف الشاعرة حنان فرفور تجربتها في برنامج "أمير الشعراء" بالمختلفة، ولفتت في حديث لوكالتنا إلى أنها لطالما كانت متابعة دائمة للبرنامج ولكنها قررت هذا العام أن تشارك، وتقول "تقدمت للمشاركة في البرنامج وفق شروطهم وبالفعل تم قبولي من بين 900 شخص، تم إجراء الاختبارات معهم من خلال لقاءات افتراضية، وفي التصفيات انتقل عشرون شاعراً وشاعرة إلى أبو ظبي ثم إلى دبي للمشاركة على المسرح، ومثلت لبنان خلالها وصولاً للمرحلة النصف نهائية. كنت سعيدة بالتجربة واستطعت أن أقدم شيئاً يليق بالقصيدة اللبنانية، ففي كل مرة كنت أصعد فيها المسرح كنت أقدم كل ما لدي كي لا أندم لاحقاً".
تلقت حنان فرفور إشادة بنصوصها الشعرية وكذلك ملاحظات، ولكن لم تدع هذه التعليقات تؤثر عليها، وتقول "أثّر بي تعليقاً صدر عن الدكتور صلاح فضل أحد أعضاء لجنة التحكيم، قال فيه "أنت امتداد جميل لتجربة جبران خليل جبران، وأنت تنسجين بريشة سعيد عقل، فهذه الدقة والرهافة ورثتيها عن سعيد عقل"، أسعدني هذا التعليق لأنهما اسمين كبيرين في لبنان".
وتتابع "في الحلقة الأولى من البرنامج تم الإشادة بنصي الشعري بينما في الحلقة الثانية كانت هناك بعض الملاحظات، ولكن الملاحظات لم تؤثر بي لأن النص الثاني يضاهي النص الأول شعرياً، وبالنهاية كل شاعر داخله ناقد صغير، كما لم أسمح للمديح أن يجعلني أغتّر بنفسي وكذلك لم أسمح للملاحظات السلبية أن تحبطني".
"المسؤولية كانت كبيرة والخطأ ممنوع"
وتؤكد الشاعرة حنان فرفور بأن "المسؤولية كانت كبيرة جداً"، وتوضح "أنا أمثل واجهة الشعر الشبابي المعاصر في برنامج جماهيري تصل نسبة مشاهدته إلى ثلاثة ملايين شخص، أي أن الخطأ ممنوع، وهذا يعني أن الشعر خرج من الدائرة النخبوية والاختصاصيين ودخل إلى الشارع وهو الحكم الذي يحكم وفقاً لذوقه وقلبه وبفطرته العربية على حب الشعر وخاصة الشعر الموزون بعيداً عن نظريات النقد العلمية". 
على الرغم من أن التصويت من لبنان خذلها بسبب الأوضاع التي يعيشها اللبنانيون ولاسيما الاقتصادية منها، إلا أنها تلقت دعماً من خلال رسائل وصلتها من عدد كبير من اللبنانيين، الذين وجدوا في تجربتها بارقة أمل. ولم يقتصر الأمر على اللبنانيين بل استطاعت حنان أن تكتسب قلوب الجمهور العربي الذي حصلت على أصواته، فتلقت الدعم من مختلف الدول العربية، "تلقيت دعماً من السعودية والجزائر والعراق وكنت أتلقى رسائل من البلدان العربية يخبرونني فيها بأنهم دعموني لأن القصيدة التي قدمتها تستحق، هذا الأمر يعني لي الكثير وشعرت بالامتنان العميق، وأعتقد أنه من الجيد أنني قمت بهذه الخطوة ولولا البرنامج لما دخلت إلى هذا الكم من البيوت والقلوب".
 
"أمير الشعراء" أخرج الشعر من الأوساط الضيقة إلى العامة
في ظل الأعمال التلفزيونية التي تعتمد على السطحية والتسليع أخرج برنامج "أمير الشعراء" القصيدة أو الهم الشعري من الأوساط الضيقة أو المحدودة إلى الوسط الجماهيري، وتعتبر حنان فرفور بأن "الذوق العام يُكتسب، عندما يتم تقديم أغنيات جديدة بكلمات هابطة وبرامج هابطة تعتمد على التعري والاستهلاك والفضائح، يتحول الوعي العام إلى ضحية، فالجمهور لا يحتاج للكثير هو بحاجة لأن نقدم له هذا المحتوى بقالب جذاب وهذا ما حصل في برنامج "أمير الشعراء"، حتى القصائد التي تم تقديمها كانت راقية والجمهور أحبها وتفاعل معها، وبالتالي العيب ليس بالناس بل بما يُقدم للناس".
تعبّر حنان فرفور عن فرحتها بالدعم الشعبي الذي حصلت عليه في لبنان من شماله إلى جنوبه بعد مشاركتها في البرنامج، الدعم الذي تخطى الأوساط الشعرية وأصحاب الاختصاص، حتى أن صورها انتشرت على مداخل مدينتها احتفاءً بها. 
إلى جانب كتابة النص الشعري تتحلى حنان بالقوة والجرأة خلال إلقاء الشعر، "ساعدني إلقاء الشعر في صغري على التمكن والسيطرة على الصوت ونبرته فذلك كان له تأثير على قدرتي في إلقاء الشعر، كما أن البيئة التي أقطن فيها تهتم بالشعر وبالقصيدة المنبرية والخطابية لذلك لم أعتبر أنني أقوم بجهد خلال الإلقاء كما أنني أحب ذلك وأنا شغوفة بما أقدمه".   
وتلفت إلى أنها ساهمت بتأسيس مهرجان قدموس الشعري ونجح بنسخته الأولى، ولكن كان لديها خطط بتحويله إلى مهرجان شعري ونقدي نظراً لافتقار الفن والشعر إلى النقد، لكن الظروف الحالية أجلّت استكمال هذا المشروع. وتتابع "حالياً، سأبذل جهدي أكاديمياً لإنجاز عدد من الأبحاث بمجال الأدب العربي بشكل عام".
 
"ولا الضالين" ديوان يجسّد الغضب ورؤية مغايرة للواقع
تعترف حنان فرفور أن "لا مثل أعلى عندها بالشعر لأنه لا يوجد أي شخص كامل، ولكنها لا تنكر بأنها تحب التمرد عن شاعر معين والرومانسية عند آخر".
لدى الشاعرة حنان فرفور ديوان بعنوان "لو" طرحته منذ فترة، وهي تتحضر لطرح ديوانها المقبل "ولا الضالين" وهو عبارة عن مزيج بين القصيدة العمودية وقليل من قصائد التفعيلة، وتلفت إلى أنها "تميل أكثر فيه للقصائد المتمردة، القصائد التي تجسد الغضب ورؤية مغايرة للواقع".
وعن مدى ارتباط القصيدة ببيئتها، تقول "القصيدة هي بنت تحاول أن تبني واقعاً مغايراً، أو تعيد إنتاج الواقع بتمردها فهي تهدم لتبني واقعاً جديداً". وتتابع "القصيدة ترفض الواقع أو تتبناه ولكن لا أعتقد أن الشاعر يمكن أن يشعر بالرضا عن الواقع لأنه يطمح دائماً إلى المثال لبناء عالم مغاير".
شاركت حنان فرفور بمسابقة "أمير الشعراء" بثلاثة نصوص، وأول نص كان بعنوان "نبوة امرأة" وتقول "هذا النص ابن واقع نعاني فيه، وهو يشير إلى حاجة الشرق إلى المرأة البصيرة، الواعية، المتمكنة والقادرة على القيادة لإخراج هذا الواقع الباهت إلى حيّز أكثر وعياً وبصيرة".
تؤكد أن هذا النوع من النساء موجود ولكن نسبتهن قليلة، وتتابع "على المرأة أن تبذل جهداً على نفسها وكيانها وتتفلت من كل القيود وسنوات الرضوخ، والحروب التي قادتها للحصول على حق التعلم، حق العمل والمساواة في العمل، وحق الانتخاب... فالتغيير بالنمط الفكري والثقافي يحتاج إلى سنوات عديدة، فمن السهل أن نجد امرأة بكامل أناقتها وتعيش حياةً عصرية ولكن يمكن أن نصطدم بأسلوب تفكيرها الرجعي".
 
"أولاد اللغة العربية تخلفوا عن الركب الحضاري"
وتضيف "لكي يتغير واقع المرأة عليه أن يبدأ بها وينتهي بها ويمر من خلالها، لأن التغيير لا يحصل عن طريق الرجل، علماً أن الرجل أحياناً يقدم الدعم، ولكن من المعروف أن الحرية تؤخذ ولا تُعطى".       
حول مصير الشعر في ظل تراجع مستخدمي اللغة العربية، تقول "اللغة العربية هي ضحية الإعلام والمناهج الدراسية التي لم تتغير منذ أكثر من ثلاثين سنة، ففي لبنان كل شيء بالتراضي من الأمن إلى التعليم وحتى كتاب التاريخ بالتراضي، اللغة العربية هي ضحية لكل هذه العوامل، ضحية أن المتحدثين باللغة العربية أي أولادها ليسوا من المبتكرين أو العلماء، بالتالي ليست هي من خفتت بل أولادها تخلفوا عن الركب الحضاري". وتضيف "اللغة العربية لا تزال تعيش في الشعر والرواية، والتحدي أمام الشعر كبير ولكن يبقى للشعر سحره الخاص لأن الناس مفطورة على حبه ولاسيما الشعر الموزون، فالقصيدة العامودية حتى لو يفهمها المستمع ولكنه يستمتع بإيقاعها الموسيقي، والقصيدة النثرية يحبها الناس لأنها تلامس يومياته". 
وتؤكد بأن "الشعر لا يموت مهما كان، لأن لدينا علاقة تاريخية وربما علاقة ملتصقة بجينات الإنسان العربي، وأعتقد أن نظريات موت الفلسفة والشعر كلها نظريات غير صحيحة".