حمام السمرة وجهة نساء غزة للعلاج بالطب البديل
أوضحت الباحثة نورا ديب أن حمام السمرة الأثري أصبح مزاراً لمن تريد أن تتلقى العلاج للعديد من الأمراض التي يفشل الأطباء في إيجاد حل لها، وتنجح الطرق التقليدية للطب البديل في إنهائها.
رفيف اسليم
غزة ـ لا يُضل من يقصد البلدة القديمة طريق الوصول إلى حمام السمرة الأثري لارتباط ذلك المكان بالتاريخ والعراقة من جهة، ولصيته في استخدام طرق الطب البديل العلاجية من جهة أخرى، فبفعل نجاح تجربة زبائنه أصبح المكان يسوق لنفسه حتى بات المقصد الأمثل الذي تتجه إليه النساء في قطاع غزة للتخلص من بعض الأمراض كالانزلاق الغضروفي والعقم وغيرها.
حول حمام السمرة الأثري، تقول الباحثة في علم التاريخ نورا ديب أن حمام السمرة يعتبر ثاني أقدم معلم أثري في قطاع غزة بعد المسجد العمري الكبير، ويقدر عمره بأكثر من ألف عام أي أنه عايش الكثير من التحولات التاريخية التي مرت بها المدينة المحاصرة، ليبقى الأثر الوحيد الدال على سنة تأسيسه هي رخامة بيضاء توضع على الباب مزينة بنقش يحمل تاريخ ترميمه في العهد المملوكي أي قبل 865 عاماً.
ولفتت إلى أن حمام السمرة يعتبر الوحيد المتبقي داخل قطاع غزة، بعدما كان يحتوي القطاع على 38 حماماً أثرياً، قد اختفى أثرهم مع مرور الزمن، ليصبح المقصد الأول للكثير من المواطنين خاصةً النساء والسياح الأجانب الذين يقومون بزيارة المدينة، مبينةً أنه سمي بالسمرة نسبة إلى الطائفة السامرية التي كانت موجودة داخل المدينة والذين كانوا يستخدمونه بشكل أكبر من غيرهم.
وعن سبب كثرة أعداد الحمامات قديماً، توضح أن الاستحمام من الممارسات اليومية والضرورية للإنسان، بالمقابل لم تكن شبكات المياه قد أوصلت للمنازل، فكان لابد من إيجاد الحمام العام كطريقة تستجيب لوظائف عديدة من النظافة والترفيه إلى الطهارة وما تقتضيه طقوس التعبّد وإقامة الشعائر، فلجأت النساء إليه في البداية بغرض الترفيه ثم تنبهت لفوائده العلاجية.
ويتميز حمام السمرة الواقع بحي الزيتون أحد أكبر وأقدم أحياء قطاع غزة؛ بالسقف الزجاجي المميز الذي توجد به مجموعة من الفتحات التي تعمل على دخول أشعة الشمس من خلالها، والأرضية الرخامية المميزة بالحرارة الدافئة، بالإضافة إلى العديد من المقتنيات الأثرية القديمة الموجودة داخله، كالراديو والهاتف الأرضي وضوء الكاز والآلات الموسيقية والأباريق الفخارية.
وأشارت نورا ديب إلى أنه يتم الدخول للحمام من خلال سرداب ينتهي بساحة مفتوحة تسمى بـ قسم الاستراحة "الإيوان"، وتزينها بعدد من القباب والأقواس، تتصل مع القسم الداخلي بباب صغير أي القسم الساخن والذي يحتوي على الغرفة المشبعة بالبخار، والمستوقد الذي يشعَل من خلاله الحطب ليعمل على تسخين المياه الموجودة داخل الحمام.
وتبدأ رحلة المرأة بالاسترخاء على الرخام الساخن لمدة عشرين دقيقة تقريباً، يفرز الجسم خلالها العرق ثم يبدأ بمرحلة التكيس لحوالي عشر دقائق، ثم الانتقال إلى غرف أكثر سخونة وحرارة ثم إلى المغطس، لتنتهي بدش ماء بارد حتى يتم تنشيط الدورة الدموية، وأخيراً إلى غرفة التدليك لمن ترغب بنوعيه النقري والمسحي، أو إلى صالة الاستراحة الخارجية، بحسب ما قالته نورا ديب.
وأوضحت أنه تستهدف عملية التدليك البحث عن النقطة التابعة للعضو المراد تنشيطه والضغط عليها حتى يزول ويتلاشى الألم، وبعد ذلك تُدلك خلال مدة لا تتجاوز النصف دقيقة ليتم الانتقال للبحث عن نقطة أخرى، كي تعود العضلات لعملها الطبيعي بعد خمول أصابها فأعيا الجسد.
وتساعد تلك الرحلة المرأة في التخلص من آلام العظام والرقبة والظهر وتنشيط الدورة الدموية وتحسين عمل ووظائف الكلى والكبد والبنكرياس والتخلص من السموم والسمنة المفرطة والصداع الشديد، بالإضافة لعلاج مرض العقم، وتحظى كل امرأة بعناية ومتابعة خاصة كي لا تتأذى من حرارة الغرفة، أو المكوث لفترة أطول من قدراتها على التحمل مما قد يسبب لها الاختناق.
وأضافت نورا ديب أن الحمام أصبح في الوقت الحالي مزاراً لمن تريد أن تتلقى العلاج للعديد من الأمراض التي يفشل الأطباء في إيجاد حل لها، وتفلح الطرق التقليدية للطب البديل في إنهائها، عبر درجات الحرارة التي تصل لـ 55 درجة، خاصةً تلك الأمراض الجسدية الناتجة عن آثار نفسية، إثر العيش في مدينة محاصرة تكابد سوء الأوضاع الاقتصادية وتشهد هجوم عسكري عليها كل عام تقريباً.
لا يحتاج الحمام لنشر الإعلانات عنه لأنه قد اكتسب شهرة واسعة بين الزائرات اللواتي تتوجهن إليه من فترة لأخرى بغرض الترفيه أيضاً، فاتحاً أبوابه يومياً لعشرات النساء من جميع الفئات العمرية اللواتي وجدن به راحة لا تتوافر بالمراكز الطبية المتخصصة، في ظل المتابعة الدورية لنظافته ومراعاة مناسبة السعر لجميع الفئات كي لا تكون النقود عائق أمام من تكون بحاجة للعلاج من الشابات أو المسنات.