حلبية وزلبية عرشان متقابلان على ضفتي الفرات

تعتبر مدينة "حلبية وزلبية" إحدى أبرز المواقع الأثرية الشاهدة على تاريخ مدينة دير الزور، والتي سميت بـ "مدن القلاع"، حيث تميزت بموقعها الاستراتيجي والتجاري.

كوثر الجاسم

دير الزور ـ تعتبر "حلبية وزلبية" من الشواهد القليلة المتبقية على ضفاف نهر الفرات والتي تتمتع بتاريخ عريق وموقع متميز بإطلالته، وحكايته الضاربة في عمق التاريخ، فالموقع في أصله عبارة عن حصنين ازدهرا مع ازدهار الحضارة التدمرية.

في الشمال الغربي لمدينة دير الزور بشمال وشرق سوريا، على بعد 58 كم من قرية التبني تقع مدينة "حلبية وزلبية" وهي إحدى المدن الأثرية التي تعتبر من الشواهد القليلة المتبقية على ضفاف نهر الفرات والتي تتمتع بتاريخ عريق.

ويقسم نهر الفرات المنطقة إلى قسمين الأول هو مدينة حلبية أي مدينة زنوبيا على ضفة الفرات الغربية في الشمال، والقسم الثاني توجد مدينة زلبية أو زلوبيا على ضفة الفرات.

تقول العضوة في لجنة الثقافة والفنون في مجلس المنطقة الغربية بدور الهجر، أنه كان لمضيق "حلبية" أهمية كبيرة في التاريخ القديم، لسهولة تحصينه بالصخور الشاهقة الموجودة على السفح، والتي تسيطر على مدخل الممر ومخرجه، وتشكل الأبواب الضيقة والمضيق النهري.

وأوضحت أنه مع نمو مملكة تدمر أصبحت المدينة مركزاً تجارياً تمر منه القوافل التجارية التي كانت تنقل البضائع بين أسواق العراق ومنها بلاد فارس والهند والخليج وأسواق الشام وحوض البحر المتوسط، مشيرةً إلى أن "الملكة زنوبيا قامت ببناء المدينة على الفرات لحماية حدود مملكتها من الشرق ولتجعل من المدينة ميناءاً نهرياً".

وكانت مدينة حلبية عبارة عن مرتفع بارز محاط بوديان كما أوضحت بدور الهجر، مشيرةً إلى أن المرتفع الذي كان يصله بزلبية كان منخفضاً وعلى قمة المرتفع قلعة يتفرع منها سوران جصيان ينحدران باتجاهين متعاكسين، أما الضلع الثالث للمثلث المواجه للنهر فقد ذهبت به مياه الفرات وأعيد بناؤه خلف البناء القديم.

وتطل القلعة من أعلى المرتفع على الأراضي المجاورة وعلى الجزيرة والسور، ومن جهة النهر بابان أو ثلاثة ولكل ضلع من الضلعين الآخرين من المثلث باب، وعلى كل ضلع عدد من الأبراج المربعة المتشابهة ذات طوابق وأدراج ومداخل، وبنيت أسور المدينة من الأحجار الجصية التي يكثر وجودها في منطقة الفرات كما أوضحت بدور الهجر.

ولفتت إلى أن شارع ذو أعمدة رخامية على الجانبين يقطع المدينة ويتجه من الجنوب إلى الشمال ويمر ببابي المدينة الجنوبي والشمالي، وللأعمدة تيجان مزخرفة من الرخام لا تزال آثارها قائمة إلى الآن، وفي وسط المثلث آثار كنيسة وأطلال لعدد من الأبنية، مشيرةً إلى أنه تم الكشف كذلك عن أسوار ثانية والمحكمة ومدافن برجية، وحمام ومطابخ، وتم العثور على أواني خزفية ونقوش كتابية ومجموعة من الأقمشة، ورسوم جدارية.

وأوضحت عضوة لجنة الثقافة والفن في مجلس المنطقة الغربية في دير الزور هيام محمود، أن مدينة دير الزور تشتهر بآثارها، ومن أبرز تلك المواقع قلعة "حلبية وزلبية"، مشيرةً إلى أن هذه المنطقة الأثرية تشتهر بالأحجار النحتية، و العديد من السياح كانوا يقصدون المنطقة للتعرف على تاريخها ولا يزال الزوار يقصدونها.