فنانة تحوّل قصص الواقع إلى لوحاتٍ نابضة بالحياة والجمال
تُعلّمُ صفاء شيخو الأطفال فن الرسم وكيفية التنسيق بين الألوان، واتبّعت في تعليمهم طريقةً جديدة اعتمدت فيها على تحفيز الموهبة ليعبر الأطفال عما يريدون بطريقتهم الخاصة.
سيلفا منلا عثمان
حلب ـ منذ أن وطئت قدمي الإنسان الأرض شعر بقوته الباطنية التي لم يعرف في البداية طريقة لترجمتها على أرض الواقع، بدأ يتأمل في الأشياء من حوله، يسمع الأصوات ويحاول تقليدها، يرى الأشياء ويحاول أن يخلق مثلها.
لكن على الدوام شعر بالعجز إلى أن تمكّنَ ومع مرور الزمن وتطور العقل البشري من ترجمة هذه القوة الباطنة إلى أمورٍ محسوسةٍ سواء بإصدار أصواتٍ متناغمة متقاربة، لتكون الموسيقى، وحاول أن يجسد الطبيعة فرسمها بألوانٍ زاهية مُماثلة لما في الطبيعة فكان الرسم، وأعجب بالأساطير فشكل التماثيل من فن النحت.
جمال عفرين تنعكس على لوحاتها
في مدينة عفرين بإقليم شمال وشرق سوريا كان لابد أن يكون للطبيعة الجميلة أثرها البارز في نفوس الفتيات المرهفات الحس المتأملات في الطبيعة من حولهن، ومنهن الفنانة صفاء شيخو التي ولدت بين أرجاء طبيعة عفرين التي انعكس جمالها في لوحات عديدة.
بداية لم تدرس الرسم اتجهت حسب رغبة عائلتها إلى كلية الزراعة لتتخرج منها عام 2010، ولكن الحلم رافقها إلى أن قررت صقل الموهبة بالانضمام إلى معهد الفنون الجميلة قسم الرسم في جامعة حلب، والذي تخرجت منه عام 2014 وبذلك لم تتخلى صفاء شيخو عن موهبتها في الرسم.
ولم تكتفي بذلك فلصقل موهبتها وتطوير قدرتها على الرسم التحقت بمركز جميل هورو للثقافة والفن في حي الأشرفية بحلب، تُعلّمُ الأطفال فن الرسم وكيفية التنسيق بين الألوان، واتبّعت في تعليمهم طريقةً جديدة اعتمدت فيها على تحفيز الموهبة ليعبر الأطفال عما يريدون بطريقتهم الخاصة فاتخذت دور الموجه للموهبة، تشرف عليهم وتراقب تطور رسوماتهم، تُعطيهم النصيحة المناسبة في الوقت المناسب.
وترى صفاء شيخو أنه لإيصال الفن إلى أكبر شريحة مجتمعية "علينا التوجه إلى الأطفال منذ نعومة أظفارهم ونعمل معهم لاكتشاف الموهبة وصقلها عبر اللعب والتعليم، هذا الأمر صعب ويحتاج إلى تعبٍ وجهد كبير. أما بالنسبة لتعليم الشابات والشبان، فهذا أسهل لأن موهبتهم تكون ناضجة أكثر وقدرتهم على التعبير أكبر".
ولتحقيق هذا الهدف يجب زيادة عدد من المراكز الثقافية والفنية التي تحتضن المواهب الشابة ومواهب الأطفال وتعطيهم الرعاية الكاملة لكي يغدوا في المستقبل رسامين وموسيقيين ونحاتين على مستوى عالمي.
تعالج من خلال رسوماتها المشاكل الاجتماعية
وتختار الموضوعات التي ترسمها من البيئة الطبيعية والاجتماعية التي حولها، فتعالج بعض المُشكلات الاجتماعية مثل التي تُعبّر عن المرأة والعنف الذي تتعرض له، وتُفضّل الرسم بالألوان الزيتية لأنها كما ترى تُسهم في توضيح اللوحة أكثر وتعطيها معنى وحياةً.
ومثل أي فنانٍ أخر ترغب في تطوير موهبتها وصقلها لتصبح أفضل وتحاول أن توصل أعمالها وتجربتها الفنية إلى أكبر شريحة في المجتمع الذي يُحيط بها، وأن تطور من عملها في تعليم الأطفال والشابات والشبان ليصبحوا قادرين في المستقبل على أن يكونوا رسامين وفنانين موهوبين، ينتجون أجمل وأرقى اللوحات.
وطالبت صفاء شيخو بالاعتناء بالأطفال والشبان ممن يملكون الموهبة الحقيقية وتقديم الدعم المعنوي والمادي لهم، وشجعت النساء والفتيات اللواتي تملكنَ موهبة فنية في مُختلف المجالات أن تعتنينَ بهذه الموهبة وتحاولن تطويرها نحو الأفضل حتى وأن كان المجتمع الذي تعشن فيه لا يتقبل أن تكون المرأة حُرّة في التعبير عما في داخلها.