بين خيوط الإرث والابتكار اختارت نمط موهبتها الفنية
بالزخارف واللوحات الفنية التي تشكلها بألوان مختلفة تسعى الفنانة التشكيلية آمنة العوض لتجسيد ثقافة وتراث منطقتها الغنية بالحضارات والثقافات المتنوعة.
دلال رمضان
الحسكة ـ تعمل الفنانة آمنة العوض من خلال مرسمها الخاص على استقطاب النساء والأطفال لتنمية مواهبهم وتوفير بيئة آمنة وداعمة لهم لتشجيعهم على الكشف عن إبداعاتهم الفنية.
تعلمت الفنانة آمنة العوض وهي ابنة الفنان التشكيلي أحمد العوض من مدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا، الفن التشكيلي في عمر الخامسة والتي ورثته عن والدها الراحل، وفي مشاركتها الأولى والتي كانت في معرض الآباء والأبناء بمدينة الرقة جسدت من خلال لوحاتها الالتزام والشغف لتبدأ رحلتها مع الفن والإبداع.
في عمر الثامنة عشرة أي بعد رحيل والدها الذي ترك لوحة غير مكتملة، بدأت بشكل فعلي ممارسة هوايتها وشغفها بالفن التشكيلي، حيث استكملت لوحته وواصلت الرسم بمفردها وشاركت في عدة معارض مختلفة ومنها المدرسية بالإضافة إلى الملتقيات الثقافية والمعارض الجماعية التي كانت تقام في مدينة الحسكة وقامشلو، فقدمت أول معرض لها تكريماً لوالدها وجسدت في لوحاتها الإرث الذي ورثته عنه باسم "أنا وأبي" ومعرض آخر خاص بفنها التشكيلي.
وافتتحت فيما بعد مرسمها الخاص والذي يحمل اسم والدها الراحل في مدينة الحسكة، وتعلم فيها الأطفال والنساء الرسم والأعمال اليدوية لتدعمهم في المجتمع ولتعيد شكلاً من أشكال التمكين الاجتماعي وتوفر بيئة ملائمة وداعمة وتشجعهم على التعبير الفني.
تقول آمنة أحمد العوض البالغة من العمر 30 عاماً وهي خريجة كلية التربية قسم رياض الأطفال "تعلمت الرسم من والدي الراحل الذي كان مهوساً بالرسم وله العديد من اللوحات الفنية، وكما أن الأجواء الفنية الداعمة في المنزل شجعتني لدخول هذا المجال"، مشيرةً إلى أنها كانت في الخامسة من عمرها عندما شاركت للمرة الأولى مع والدها في المعارض وحينها كان المعرض مشتركاً بين الآباء والأطفال.
وأضافت "بعد رحيل والدي بدأت مسيرتي الفنية لاستكمال أرثه العريق، وأصبح طموحي هو الفن والتعمق فيه"، مشيرةً إلى أن والدها ترك لوحة زيتية غير مكتملة "اللوحة التي تركها والدي كانت من أصعب اللوحات التي عملت عليها، فكانت أول تجاربي الفنية، ولكن بالعزيمة والإصرار استكملت اللوحة ونجحت في ذلك".
وأكدت أنه يجب أن يكون للفنان بصمة خاصة فيه بمجال الفن التشكيلي لذا تعلمت الرسم في جميع المدارس "تعلمت رسم كل المدارس التشكيلية وكل أنواع الفنون، واخترت لنفسي نمط الزخارف وهو المحبب لنفسي ويميز جميع أعمالي ولوحاتي، ومن أشكال الزخارف التي ارسمها هي الزخارف الحيوانية، النباتية، الإسلامية، الماندالا، الزنتاجل وغيرها، كما رسمت لوحات زيتية تبرز تراث وحضارات العالم القديم والحديث فرسمت الروكار الدمشقي، الفن الهندي الحديث والقديم، المرأة الإفريقية، الفن المصري، الفن المغربي، الجزائري، اليوناني، الياباني والفن الأوربي كذلك، وما زلت ابحث عن حضارات وثقافات العالم المختلفة والغنية والتي لا تنتهي".
ولفتت إلى أنها اختارت فن الزخرفة لأنه يعد بمثابة غذاء لروحها "عندما ارسم عن حضارة معينة، في البداية أبحث عنها واتعرف عليها سواء من خلال قراءة الكتب أو المقالات واتعمق بها من خلال مزج الألوان ودمجها على اللوحة".
وعن المعارض التي شاركت فيها وعدد لوحاتها تقول آمنة العوض "إلى اليوم رسمت 55 لوحة زيتية وأكثر من ألف لوحة كرتونية، أنا أحب الرسم بشكل جنوني والرسم الزخرفي يخرج الإنسان من الكآبة والحالة النفسية الصعبة التي يمر بها، فالرسم الزخرفي مثل تمارين اليوغا للروح"، مشيرةً إلى أنها شاركت في العديد من المعارض سواء داخل سوريا أو خارجها عن طريق المعارض الإلكترونية منها في مصر بعنوان "شغف"، الهند، استراليا بعنوان "لمتنا" واخر معرض كان في الإكوادور، وهذه المعارض موجودة في دفتر التاريخ في جميع المتاحف".
ولفتت إلى أنها تستخدم في القسم الثاني من لوحاتها الكرتونية أقلام التلوين الخشبية والباستيل والمائي والفلوماستر الملون "هدفي من اختيار الكرتون هو عدم التقيد بألوان محددة وحضارة معينة فارسم ما يحلو لي".
إلى جانب الرسم تمتلك آمنة العوض مواهب أخرى كالأعمال اليدوية والرسم على الفخار وفن النسج والتطريز "افتتحت مؤخراً مرسماً خاص بي لتعليم وتدريب الأطفال والكبار ومساعدة النساء لفتح مشاريع صغيرة من خلال تعلم الأشغال اليدوية والرسم على الفخار، وتعليم النساء فن التطريز وذلك من أجل دعمهن وتمكنيهن اقتصادياً".
ومن خلال المرسم افتتحت ورشات خاصة بالأطفال والنساء "افتتحت في المرسم ورشات رسم وخط للأطفال وللكبار، استقبل الاطفال من عمر الرابعة وحتى الـ 13، والكبار من عمر الـ 15 وما فوق".
وعن الصعوبات التي تواجهها خلال عملها تقول آمنة العوض "أواجه صعوبة في حجز القاعات الخاصة بالمعارض في مدينة الحسكة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد المستخدمة في الرسم حتى أنني أكتشف أن بعض تلك المواد فاسدة، والأصعب من ذلك بيع اللوحات فبعض اللوحات تصبح عبء على الفنان".
وقالت في ختام حديثها "على المرأة أن تكتشف ذاتها وتنمي مواهبها لمساندة نفسها وعائلتها لتكون عضوة فاعلة في مجتمعها، ولتتمكن اقتصادياً في ظل الظروف الصعبة الراهنة وما تمر به المنطقة من حصار وهجمات مستمرة، المرأة لها دور كبير في المجتمع لذا يجب عليها أن تثبت نفسها".