بين التعليم والمسرح... "سيناريو" تساند المجتمعات المهمشة
تأسست جمعية "سيناريو" في عام 2015 في لبنان ولاحقاً تم تأسيسها في عام 2019 في الأردن، تتوجه الجمعية إلى الفئات المهمشة من لاجئين ونازحين ونساء، وتركز جهودها على المسرح التشاركي وأساليب التعليم الحديثة.
كارولين بزي
بيروت ـ يلتحق بمسرح "سيناريو" نساء من مختلف الأعمار والجنسيات، وكل من لا صوت له، إذ تحاول "سيناريو" أن تدفعهن للتعبير عن أنفسهن ورفع أصواتهن عالياً.
أهداف سيناريو
قالت مديرة الفنون في الجمعية لمى الأمين أن "سيناريو جمعية تُعنى بالفنون والتعليم، نعمل مع الفئات المهمشة في المجتمعات في كل من لبنان والأردن. وتتركز نشاطاتنا مع النساء والأطفال والشباب والمعلمات/ين".
وأوضحت "تنقسم نشاطاتنا إلى شقين وهما المسرح التشاركي، ونقوم بتدريب المعلمين والمعلمات على أساليب التعليم الحديث من خلال اللعب ما يطوّر من قدرات الأطفال ويعزز من ثقة المعلمين/ات بأنفسهم".
وحول الفئات المهمشة المستهدفة تقول "المهمشون هم الأشخاص الذين لا يستطيعون أن يتعلموا أو يلتحقوا بالمسرح لأنه غير متاح لكل الناس وللأسف في لبنان أصبح أغلب اللبنانيين والمقيمين من الفئات المهمشة، لأن سبل العيش الأساسية لم تعد موجودة. كما أن المسرح لا يعتبر من الأساسيات، بل هو من الكماليات".
وأشارت إلى إنه "يندرج تحت مصطلح مهمش، النازحون واللاجئون والمرأة المغيبة عن دورها في المجتمع، وبالتالي نعمل مع النساء للتأكيد على دورهن الفعال وايصال صوتهن للتعبير عن أنفسهن، نقوم بدفعهن نحو الأمام من خلال المسرح حيث تشعر المرأة أن هذه المساحة لها، مساحة آمنة، نساعدها فيها على استكشاف مهاراتها".
وتتعاون "سيناريو" مع عدد من الجمعيات والمنظمات بهدف الوصول إلى الفئات المستهدفة من برامجها كما أوضحت لمى الأمين، ومن بينها جمعية "نساء الآن" في البقاع التي تتعاون معها "سيناريو" منذ العام 2015 أي منذ انطلاقتها، "من خلال 'نساء الآن' وهي جمعية سورية تُعنى بشؤون المرأة، استطعنا الوصول إلى أطفال النساء اللواتي تلتحقن بالجمعية، ففي الوقت الذي تقوم فيه الأمهات ببرامج معينة في الجمعية نقوم نحن بتدريب الأطفال على المسرح".
كما تعاونت المنظمة مع جمعيات أخرى مثل "عامل" و"دار الأيتام" و"كشاف يعبد" في مخيم شاتيلا في بيروت، بالإضافة إلى "حماية" وغيرها، مؤكدةً على مقولة أن يد واحدة لا تصفق، لذلك جاء التعاون بينهم في "سيناريو" وباقي الجمعيات والمنظمات بهدف توسيع المعرفة والتعليم.
وأشارت إلى أن هناك شراكة أيضاً وتعاون مع المدارس بهدف الوصول إلى الأساتذة وكذلك الطلاب، وتشير إلى أن "سيناريو" تعمل مع الأساتذة على مراحل تدريبية ثلاث وهي القصة والموسيقى وإدارة الصف والسلوك.
لا يقتصر التدريب على الحضور الشخصي للمعلمين والمعلمات، بل أيضاً أطلقت المنظمة تطبيق "بلاي كيت" يساعدهم على الوصول إلى كل سبل التعليم الحديث التي تركز على المرحلة التأسيسية للأطفال في المدارس.
"الحاجة إلى التعبير"
وعن انطلاقة منظمة سيناريو تقول "تأسست المنظمة في العام 2015 من قبل فيكتوريا لابتن وأوسكار وود. كانت المغتربة البريطانية فيكتوريا لابتن تعمل في "أشكال ألوان" في العام 2011 ومع اندلاع الحرب في سوريا وبدء وصول النازحين إلى لبنان، وجدت أن كل المنظمات تعمل على تأمين سبل العيش من مأكل ومشرب واعتبرت أن النازحين في حاجة لأن يعبروا عن قصصهم وبأن المسرح هو المكان الذي يتيح للجميع بأن يعبّروا عن أنفسهم في مكان آمن لهم".
وأوضحت "بدأت المسيرة مع جمعية كشاف يعبد، تم تأسيس المرحلة التي أطلق عليها اسم Show Build وهي دورة تدريبية مكثفة تمتد على خمسة أيام".
وأضافت "نعمل في "سيناريو" على فكرة المسرح التشاركي، إذ أن المشاركين هم الذين يقررون السيناريو أو الفكرة التي يرغبون بالتحدث عنها، لهذا السبب تم إطلاق اسم سيناريو على المنظمة ثم تأتي مرحلة كتابة النص وبالتالي يتشارك المشتركون بأفكارهم التي يتم ترجمتها لاحقاً إلى عمل مسرحي يشاهده الجمهور، بمساعدة فريق من المحترفين".
"جوا وبرا"
إلى جانب مرحلة الـShow Build، هناك قسم تدريبي آخر وهو "ستوديو سيناريو" ويتألف من 25 حصة تمتد على ثلاثة أشهر وهذه الدورة مخصصة للشباب والنساء، بالإضافة إلى قسم Cycle "دورة" وهي مرحلة يخضع فيها الأطفال إلى تدريب مرة كل أسبوع أيضاً تمتد على ثلاثة أشهر.
وأشارت إلى آخر نشاطات الجمعية وهي مسرحية "جوا وبرا" التي تناقش معاناة فتيات وذكريات ينقلنها من أفكار إلى عمل مسرحي، موضحةً "تتحدث المرأة في هذه المسرحية عن معاناتها، مثلاً هناك إحدى الفتيات التي لعبت دور بائعة حرير والسبب وراء هذه الشخصية هو أنها تحب الحرير ولكنها غير قادرة على شرائه. أو بائعة الورود التي توفي والدها في سوريا فالوردة تذكرها به. هذه المسرحية التي جسدتها عدد من الفتيات تحت إدارة المخرجة رويدا الغالي، تحاولن فيها إيجاد شخصيات تشبههن في الحياة وتذكرهن بماضيهن". وتروي تجارب بعض الفتيات في العمل المسرحي ولاسيما في مسرحية "تلك" التي تنقلها لمى الأمين حالياً وتحوّلها إلى فيلم وثائقي.
وأضافت "تشارك في مسرحية "تلك" المشتركات قصصهن الشخصية أمام الجمهور، وقد وصلن إلى استنتاج هو أن كل الناس يشبهون بعضهم البعض فمن أهداف سيناريو أن نجمع الناس وأن نوضح أن المشكلة واحدة وبأنه يمكن للحل أن يكون بين أيديهم".
وبينت أنهم من خلال "سيناريو" يحاولون تدريب المشاركات على اكتساب الأسلوب النقدي إلى جانب التمثيل وابتكار نصوص مسرحية.
وأضافت "نحن نحاول أن نصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس الذين لا يملكون مساحة يعبرون فيها عن أنفسهم، المسرح يغيّر الناس، فهو يعزز الثقة بالنفس ويرفع من مستوى الشجاعة إذ عادةً ما نفتح باب النقاش مع الجمهور بعد كل عمل مسرحي ضمن فئة "ستوديو سيناريو"، الأمر الذي يساعد المشتركات على تعزيز الثقة بالنفس واكتساب الأسلوب النقدي الصحيح".
فرص عمل
لا يقتصر الأمر على التدريب بل أحياناً على تأمين فرص عمل، إذ أن آلاف الأشخاص خضعوا لتدريبات تحت إدارة "سيناريو"، وهناك نحو عشرين شخصاً أصبحوا الآن جزءاً من "سيناريو" ويعملون كميسرين وميسرات لدى المنظمة منذ عام 2020، وبالتالي تلمس المنظمة نتيجة تدريباتها على الأرض من خلال تطوّر هؤلاء الأشخاص الذين أصبحوا لاحقاً جزءاً منها، كما تمنح المشاركين الأمل بغد أفضل".
على الرغم من أن "سيناريو" تأسست في العام 2015 في لبنان، إلا أنها انطلقت في الأردن في العام 2019. وحول ما إذا كان هناك تنسيق أو نشاطات مشتركة بين لبنان والأردن، أكدت "أنه في فترة الصيف وتحديداً في مرحلة "شو بيلد" يوجد تنسيق ومنافسة بين المشتركين في لبنان والأردن، وذلك من خلال مشاركة فيديوهات وتحديات بين المشتركين في البلدين تزيد من حماستهم ولاسيما أنهم من صغار السن".
وأضافت أن التدريبات التي تقدمها المنظمة في لبنان والأردن هي واحدة والأهداف نفسها. كما عملت المنظمة في الأردن في مخيم الزعتري حيث تم تنظيم ثلاثة برامج داخل المخيم منذ تأسيس "سيناريو" هناك.
رؤية سيناريو
فيما يتعلق باستراتيجية المنظمة توضح أن المنظمة تسعى للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المجتمعات، وتوسيع كافة نشاطاتها لتصل إلى اليمن والعراق والسودان وأن تطلق برامجها في هذه الدول وتدرب الناس هناك على المسرح وأساليب التعليم الحديثة.
وأضافت "كما نسعى لأن نوسع نشاطاتنا ويتعرف علينا العالم. ونتحضر حالياً للقيام بعرض لمسرحية "أرى شبحي قادماً" التي أقوم بإخراجها وعنوان المسرحية مستوحى من مقطع من قصيدة لمحمود درويش "أرى شبحي قادماً من بعيد"، سنعرضها في ألمانيا".
وأشارت إلى وثائقي يحمل عنوان مسرحية "تلك" وهو يتناول قصة المرأة التي تحاول أن تهرب من واقعها وتجد حلماً جديداً وتبني وطناً أفضل وثائقي مسرحية "تلك" مستوحى من تجارب الفتيات اللواتي تحدثن عن قصصهن في المسرحية التي تحمل العنوان نفسه.
وأوضحت "تتعرف الفتيات خلال رحلتهن في مسرحية "تلك" إلى فتاة تُدعى "تيما" وهي فتاة أثيوبية تزوجت من لبناني وعاملها زوجها بطريقة سيئة، وتظهر وهي تقوم بتسريح شعرها وكأنها تزيل كل الهموم التي تحملها من تنمر ومعاناة، خسارتها لابنها الذي لم تستطع رؤيته وخسارتها حضانته ونضالها المستمر لاستعادته، كما تروي "فاطمة" قصتها أيضاً وهي فتاة ضائعة لا تعرف ما هو هدفها في الحياة، وأخرى تريد أن تبيع ابنتها، وغيرها من القصص المستوحاة من قصص حقيقية واقعية".
وقالت مديرة الفنون في الجمعية لمى الأمين في ختام حديثها "في المسرحية تحدثت الفتيات عن قصصهن، ولكن في الوثائقي نتعمق أكثر في قصة كل واحدة منهن، ونتناول قصة "نجاح" التي تعيش في مخيم في البقاع في ظل ظروف صعبة جداً. حياة فدى التي خسرت عدداً من أفراد عائلتها في الحرب في سوريا وغيرها من القصص".