أناهيتا سينو: لدينا أقلام نسويّة مُخبأة
اتحاد المثقفين في شمال وشرق سوريا مؤسسة ثقافية مُستقلة تتعامل مع جميع المؤسسات دون أيَّ شرط، ومن بينها الأحزاب السّياسيّة ولكن ضمن المجال الثّقافي
رهف يوسف
قامشلو ـ .
ترى الرّئيسة المشتركة لاتحاد المثقفين في إقليم الجّزيرة أناهيتا سينو المُثقف الحقيقي متجرد من الحزبية والمصالح الشّخصية، وتدعو لضرورة إبراز الأقلام النّسوية المخبأة والتّعبير بجرأة أكبر.
وأشارت إلى أنه وبهدف رفع مستوى الوعي الثّقافي في المنطقة، تأسس اتحاد المثقفين في عام 2014. ولأن خطوات البداية دائماً صعبة، تقول أنّ أهم مشكلة هي العثور على المُثقف الحقيقي الغير مُتحيز، باعتبار أن البلاد عانت من سيطرة الأنظمة الدّيكتاتوريّة "ارتبط كل مُثقف بجهة سياسيّة، مما انعكس سلباً عليهم".
وكمؤسسة ثقافية مُستقلة يتعاملون مع جميع المؤسسات دون أيَّ شرط، ومن بينها الأحزاب السّياسيّة ولكن ضمن المجال الثّقافي، "أبوابنا مفتوحة للجميع، فلا يهمنا التّوجه السّياسي والفكري للمثقف، بل ما نركز عليه هو الدّرجة التي يستطيع بها خدمة المُجتمع".
وينسقون مع جميع الاتحادات كاتحاد الكتاب والصّحفيين، "فروعنا كثيرة للأسف، فعوضاً عن اجتماعنا تحت سقف واحد، ننقسم لـ 5 أو 6 مؤسسات ثقافيّة، فمن الأجمل أن تجمعنا مظلة واحدة بعيداً عن اختلاف آرائنا وأفكارنا، ومن جانب آخر جميلٌ هذا التّنوع، ونتعامل مع بعضنا في جميع النّشاطات الثّقافية".
وترى أناهيتا سينو أنّ أعمال الاتحاد كثيرة لا يمكن إحصائها، ومن أبرزها "استقطاب أو احتضان القلم النّسوي رغم قلتهِ، إلا أنه مجال تعبيري جيد للمرأة، والمشاركة في المعارض، وطباعة كُتب المُثقفين".
ومع الثّورة التّكنولوجية وانتشار مواقع التّواصل الاجتماعي على نطاق واسع، تعتبر أن أعداد القُراء قد انخفضت، لذا لا بد من تحفيزهم، "افتتحنا حديقتين للقراءة إحداهما بقامشلو في الأول من شباط/فبراير 2019، تحت شعار 'بالقراءة تحيا المجتمعات'، والثّانيّة قبل عدة أشهر في مدينة الحسكة، ونفكر بافتتاح واحدة في كل مدينة يوجد فيها أحد مكاتبنا".
وأضافت "تحتوي الحديقة مكتبة تضم كتباً متعددة ومُختلفة، لاستقطاب الكتاب، والشّعراء، وحتى الطّلبة، لتنشيط حركة القراءة، وكل يوم أربعاء نقيم فيها نشاط ثقافي كالندوات والأمسيات الشّعريّة".
وعن توسيع دائرة العلاقات، ذكرت أنها كانت أحد أعضاء الوفد الذي زار في العام المنصرم إقليم كردستان، "التقينا باتحادات كتاب ومُثقفين وإعلاميين، لخلق جسر للتواصل بيننا، وبالرغم من أننا قمنا هنا بخطوات عدة، لكن يوجد حلقة ضائعة تربط المُثقفين، وهي التّرفع عن السّياسة وفتح باب النّقاش بيننا لحل المُشكلات".
ولعل أبرز الأهداف على المدى القريب نشر الرّوح الإنسانيّة في المجتمع، "المثقف الحقيقي هو الذي يضع يده على الجّرح ويجد الدّواء، أو يكون قدوة حسنة على الأقل".
وبالرغم من التّطور الثّقافي الحاصل بعد عام 2011 وانطلاق الثورة في شمال وشرق سوريا، إلا أن المثقفة ما يزال أمامها العديد من الحواجز كالجرأة، فالرَّجل سباق في هذه النّاحيّة، نظراً لوجود العديد من العادات والتّقاليد البالية التي لم تُكسر، كما قالت. "لدينا أقلام نسائية مخبأة" بهذه الجملة تُقيم الأدب النّسوي في مناطقنا، لذا لا بد من العمل والتّنسيق، لإيصال المرأة للمستوى الذي تستحقه.
ولعل للأحداث الأخيرة تأثير واضح على الأدب النّسوي، والحديث لأناهيتا سينو "النزوح القسري، والظروف المعيشية إضافة للتقاليد التي تفرض نفسها على فكر المرأة وغيرها، كل ذلك يجعل المرأة مقيدة في كتاباتها".
وتعتبر أن هناك العديد من الأقلام النّسائية الجديرة بالاحترام، ومنها الأقلام الشابة الفتية التي بدأت بالظّهور حديثاً، "أملنا كبير بالشّابات الطّموحات اللواتي يسعينّ للقمة".
وتشير إلى أنّ التّعميم السّائد بأنّ كل شاعر وكل كاتب هو مثقف خاطئ، فكل ملم بشيء عن كل شيء ومرتبط بمجتمعه ويتحلى بالصّدق والاخلاص ويعطي آرائه بحكمة، ومترفع عن نقاط الضعف كالمال والسّلطة هو مثقف "في الدّول المتقدمة المثقف هو الذي يرأس المجتمع".
وتؤكد على أن مفاهيم الثقافة ومعايير المثقف تختلف من مكان لآخر، "لا يمكننا أن نقارن مثقفينا بألمانيا أو غيرها، لأن البيئة والنّشأة تختلف".
وفي الكّونفرانس الرَّابع لاتحاد المثقفين تغيرت العديد من الأمور "كان لدينا تسع فروع بقي منها ثمانية بعد احتلال سري كانيه في عام 2019، غيرنا الفروع إلى مكاتب، وكان في السَّابق لكل فرع رئاسة مُشتركة، ولكن مع التَّسمية الجَّديدة أصبح هناك رئيس فقط يدير هذه الفروع".
وفيما يتعلق بأبرز الخطط المُستقبلية تقول "نخطط لإنشاء حدائق للقراءة، وحالياً في عامودا وكركي لكي، لأننا نريد أن نكون ولو بنسبة 50% على قدر تطلعات النّاس".
وركزت أناهيتا سينو في ختام حديثها على ثلاث نقاط هامة تأمل أن ينتبه لها المثقفون "عليهم أن لا يتبعوا مصالحهم الشّخصيّة، والتخلص من الحزبية لأن المثقف هو ضمير أمته، وعلى المرأة أن تكف عن الرّضوخ، ويجب أن يكون لدينا مرجعية ثقافية تحتوي هذه الاتحادات لنستطيع أن نكون لسان الشّعب".