أعمال فنية غيرت من الواقع والقوانين
تناولت الكثير من الأعمال الفنية قضايا تتعلق بالمرأة في المجتمع المصري وكانت بعض الأفلام والمسلسلات سبب في تغيير قوانين ورفض عادات وتقاليد استسلم لها المجتمع على مر السنين
نيرمين طارق
القاهرة ـ .
يبقى الفن قوة ناعمة إما تساهم في انحدار أخلاق المجتمع، وإما تعمل على تحسينه والرقي به، ففي زحمة الأعمال الدرامية التي تهدف للربح لا أكثر، نجد أعمالاً تطرح مواضيع اجتماعية هامة، واستطاعت من خلال هذا الطرح تغيير قوانين مجحفة خاصة بحق المرأة والطفل.
السينما والدراما المصرية وعلى مدى تاريخها كانت أداةً للفت المشرعين للقوانين التمييزية ضد المرأة والقضايا الاجتماعية الحساسة كعمالة الأطفال والتشرد والعنف ضد المرأة والطلاق والحضانة وغيرها. واستطاعت تغيير هذه القوانين ومساعدة المجتمع على تقبل أفكارٍ جديدة كانت من التابوهات كقضية التبني.
ففي عام 1975 قدمت فاتن حمامة في فيلم "أريد حلاً" معاناة زوجة لا ترغب الحياة مع زوجها بعد تعرضها للضرب والخيانة، ولكنها لم تحصل على الطلاق رغم استمرار قضيتها أمام المحاكم لأربع سنوات بعد إحضار زوجها لشهود زور للشهادة ضدها، وكان الفيلم سبب من أسباب تشريع قانون الخلع فيما بعد الذي منح النساء حق إنهاء العلاقة الزوجية عبر المحاكم في وقت قصير دون الحاجة لسنوات من الانتظار.
"ليه لا" التبني ورعاية الأيتام
بعد أيام من عرض الجزء الثاني لمسلسل "ليه لا" والتي تقدم فيه منة شلبي جزء من معاناة الأطفال من نزلاء دور الرعاية قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي تخصيص شقق مفروشة للأيتام بعد تركهم دور الرعاية.
يتناول المسلسل قصة حياة طبيبة يلقى على كاهلها مسؤولية إنقاذ حياة طفلة رضيعة، ما يقلب حياتها رأساً على عقب، وبذلك يطرح العمل أحد أكثر المواضيع حساسية في المجتمع المصري وهو قضية التبني.
إذ تواجه الطبيبة العديد من العقبات مثل رفض المحيطين بها فكرة الاحتضان، ولكن لوحظ في مصر ازدياد تقديم طلبات الكفالة بعد عرض المسلسل ولم تعد فكرة الكفالة حكر على الأسر التي تواجه صعوبات في الإنجاب بل تقدمت بعض الأسر التي لديها أطفال بطلب كفالة بعد شعور المشاهد بمعاناة الطفل الذي يحرم من الحنان أثناء الطفولة ثم يجبر على ترك دار الرعاية عندما يتم الـ 18 عاماً وهو لا يملك منزل يعيش فيه أو أسرة تساعده على تدبير نفقاته حتى يجد فرصة عمل.
وقد أصبح المسلسل حديث السوشيال ميديا في مصر بعد تصحيح الكثير من المفاهيم فالمجتمع المصري يرفض التبني نظراً لما عرفه من تحريمه شرعاً لأسباب متعلقة بالميراث وغيرها، لكن المسلسل أكد أن الطفل المحتضن لا ينسب للأسرة التي تكفله بل يمكن أن تقوم الأم بإرضاعه بعد الاستعانة بطبيب أطفال متخصص في الرضاعة وبذلك يصبح وجوده داخل الأسرة بشكل شرعي وفقاً لتعاليم الدين الإسلامي.
نجحت الممثلة منة شلبي في تجسيد معاناة كل فتاة لم تتزوج وتشعر بالوحدة وبرغبة في وجود طفل في حياتها وتضمنت طلبات الكفالة وجود عدد كبير من الفتيات اللاتي تشجعنَّ للفكرة.
كذلك القوانين في طريقها للتغيير فيتم حالياً الإعداد لمشروع قانون يمنح الأم الكافلة حق اجازة رعاية الطفل مثل الأم البيولوجية وحق الطفل في الحصول على عضوية النادي الذي تشترك فيه الأسرة.
لعبة نيوتن والاغتصاب الزوجي
تناول مسلسل "لعبة نيوتن" الذي عرض خلال الموسم الرمضاني قضية الاغتصاب الزوجي بعد المشهد التي تعرضت فيه منى زكي للاغتصاب من قبل زوجها، وتحولت السوشيال ميديا لساحة لرفض تلك الجريمة وتوالت المطالب بوجود قوانين لتجريم الاغتصاب الزوجي لما له من تأثير سلبي على نفسية الزوجة، وقام بعض رجال الدين برفض وجود علاقة جنسية بين الزوجين بالإكراه استناداً للمودة والرحمة التي وصفت بها العلاقة الزوجية، كما تناول المسلسل الطلاق الشفهي الذي يعرض المرأة لفقدان حقوقها فرغم كونها مطلقة إلا إنها لا تستطيع الزواج مجدداً، لذلك فتتوالى المطالبات حالياً بإلغاء الطلاق الغيابي والشفهي وضرورة وجود قانون ينص على عدم حدوث الطلاق إلا بعد وجود الطرفين، خاصة بعد ظهور حالة لسيدة عاشت مع زوجها سنوات رغم تطليقه لها إلا إنه لم يخبرها بوقوع الطلاق.
خلي بالك من زيزي وفرط الحركة
نجحت أمينة خليل من خلال مسلسل "خلي بالك من زيزي" لفت نظر الأمهات والمعلمات في المدارس لمرض فرط الحركة الذي يجب أن يعالج منذ الطفولة وكان المسلسل سبب من أسباب المطالبة بوجود أخصائيين نفسيين في المدارس والحضانة للتعامل مع الطفل الذي يعاني من فرط الحركة الذي كان بنظر المجتمع طفل غير مهذب ويتهم الأم بإفساده لذلك كان يتعرض مريض فرط الحركة للعنف الأسري والنبذ المجتمعي.