الرسم بالرصاص... الأبيض والأسود يعطيان جمالاً خاصاً
تفضل نيفين إبراهيم ابنة مدينة كوباني في شمال وشرق سوريا الرسم بقلم الرصاص، وتقول إنه أكثر متعة بالنسبة لها
نورشان عبدي
كوباني - تفضل نيفين إبراهيم ابنة مدينة كوباني في شمال وشرق سوريا الرسم بقلم الرصاص، وتقول إنه أكثر متعة بالنسبة لها، مبينةً أن الأبيض والأسود يعطيان جمالاً خاصاً للوحات، لكنها لا تقف عند طريقة واحدة بل تعمل بإصرار للرسم بالألوان والفحم أيضاً.
تقضي نيفين إبراهيم التي تبلغ من العمر 20 عاماً معظم وقتها بالرسم، وتقول إن الرسم هو المجال الوحيد للإفصاح عما بداخلها من أفكار وخيال، "بالرسم أترجم ما بداخلي". مبينةً أنها تمتلك موهبة الرسم منذ الصغر، ولأنها محبة للرسم درست في معهد خاص، لتطور موهبتها بشكل أكبر.
الرسم موهبة تخلق مع الإنسان لكنها بحاجة لاهتمام وصقل، فالإهمال يقتل الكثير من مواهب وقدرات الشخص، كما تؤكد من خلال تجربتها "لدي شغف بالرسم منذ طفولتي لكنني لم أعطي أهمية كبيرة لذلك، إلا أنني بدأت بالخربشة على الأوراق عند نزوحنا إلى شمال كردستان عام 2014، في ذلك الوقت شعرت بالحاجة لأمسك الورقة وانقل إليها ما في داخلي، فمن خلال الرسم كنت أعبر عن شوقي لمدينتي، ولأنني مبتدئة كانت لوحاتي بطبيعة الحال بسيطة لكني راضية عنها".
وتضيف "مع الممارسة زاد شغفي وحبي للرسم، فرسوماتي في ذلك الوقت عبرت عن شوقي لمدينتي"، وحتى بعد عودتها إلى كوباني لم تتخلى عن حبها للرسم "أكملت تعليمي حتى المرحلة الثانوية وإضافة إلى ذلك مارست الرسم".
في أيلول/سبتمبر عام 2017، افتتح معهد الشهيدة زوزان في مقاطعة كوباني، ومن بين فروعه كان الفن التشكيلي. ولأنها من محبي الرسم سارعت للتسجيل من أجل صقل موهبتها "كنت أشاهد لوحات ورسومات فنانين/ات محترفين، لم أتخيل يوماً بأنني سأرسم بهذه الدقة والإتقان، وأن اتعمق في مجال الرسم لتصبح لوحاتي بهذا التميز".
نيفين إبراهيم من قرية زرافيك الواقعة جنوبي مقاطعة كوباني وهي بعيدة عن المدينة، تقول عن الصعوبات التي واجهتها "لا يخلو الأمر من الصعوبات كي نبدأ بأي عمل. أعتبر الوصول إلى المدينة هو صعوبة بحد ذاته، لكنه ليس عائقاً فأنا مصممة على التعلم. قريتي تبعد كثيراً عن المدينة لذلك أخرج من المنزل في الصباح الباكر، مهما يكن الطقس حاراً أو شديد البرودة فأنا أقف على الطريق وانتظر وسيلة نقل للوصول إلى معهدي".
تفضل نيفين إبراهيم الرسم بقلم الرصاص هذه الطريقة بالرسم التي تتميز بالمدى الهائل من التأثيرات البصرية التي يمكن للفنان التعبير عنها بواسطة قلم واحد بدون ألوان، "أفضل الرسم بالرصاص فهو أكثر متعة بالنسبة لي فالأبيض والأسود يعطيان جمالاً خاصاً للوحات، وفي المعهد يتم التركيز على هذا الشكل من الرسم ونتلقى الدروس بالقلم الرصاص والتخطيط والتظليل".
لكنها تستخدم أيضاً الألوان في رسوماتها، وترغب في المستقبل بتعلم الرسم بالفحم "عندما بدأت برسم أول لوحة بالألوان شعرت بصعوبة، فمرحلة دمج الألوان بالنسبة لي هي تحدي. كان لدي خوف لأني دون تدريب انتقلت من الرصاص إلى الألوان، ومع الإصرار والممارسة تخطيت هذا التحدي".
تختلف المواضيع التي تتناولها نيفين إبراهيم في لوحاتها تقول عن ذلك "أميل لرسم المواضيع التي تتعلق بالمرأة والمجتمع وعن الشهداء الذين أفدوا بأرواحهم من أجل حريتنا، ومن أجل العيش بسلام وأمان، كمحبتي لكوباني أحببت الرسم لذلك هذه المواضيع التي أرسمها ليست بقلمي ولكن بمشاعري".
بالنسبة لنيفين إبراهيم الرسم حياة وهو مكان للإفصاح عما بداخلها "لا أستطيع دوماً التعبير عن أحلامي وأفكاري بالكلمات، وأعتقد أن العديد من الأشخاص يشعرون بهذا لذلك اندفع للرسم في كل مرة أشعر فيها بالحزن، أو أشعر بالسعادة لذلك أقول دوماً أن الرسم بالنسبة لي حياة خاصة".
عن كيفية تطوير ذاتها وصقل موهبتها بينت أن الدراسة في المعهد منحتها هذه المعرفة "دراستي للرسم حلم حققته، فهو أول خطواتي لصقل موهبتي ولكي أصبح رسامة".
ولا تفوت نيفين إبراهيم أي مناسبة لعرض لوحاتها، فقد شاركت في العديد من الفعاليات وذكرت منها مشاركتها في معرض للرسم في معهد الشهيدة زوزان الذي تدرس فيه، وقد شاركت بلوحة لأحد الشهداء من قريتها، "يتم التحضير لمعرض آخر في المعهد وسيكون للرسم والأشغال اليدوية، ومن أجل ذلك جهزت لوحة للقائد عبد الله أوجلان بالأشغال اليدوية، حيث طرزت الخرز على قطع القماش".
وفي ختام حديثها بينت نيفين إبراهيم أن رسالتها من الرسم هي تجسيد ما بداخلها بصورة معبرة عن الواقع الذي تعيشه، متأملةً أن تملك مرسماً خاصاً في المستقبل "الفن يحتاج لخيال واسع، ولذلك احتاج مساحتي الخاصة لكي أبدع فيه".