الرحى تاريخ يروي نفسه
الرحى حجر يستخدم لطحن الحبوب يتم العمل عليه يدوياً، وهو عبارة عن حجرين بشكل دائري لهما فتحة من الوسط لوضع الحبوب ويتم تحريك الحجر الأعلى باليد حتى تطحن المادة.
زينب خليف
دير الزور ـ "الرحى" من الوسائل التي ساعدت كثيراً نساء الأرياف لتأمين الغذاء للعائلة، وما تزال نساء ريف دير الزور الشرقي في هذه المنطقة التي تتميز بحياة اجتماعية ريفية تستخدمنه واستفدن منه خلال سنوات الأزمة التي مرت على المنطقة.
يعتبر حجر الرحى أساساً في حياة العوائل قبل انتشار المطاحن كذلك فهو يعد رابطاً اجتماعياً يجمع بين أهل الحي أو القرية الواحدة. تقول صبحة الخليفة ذات الـ 63 عام من بلدة أبو حردوب في ريف دير الزور الشرقي أن "حجر الرحى من الأدوات التراثية الذي استخدمتها نساء دير الزور لطحن جميع أنواع الحبوب".
ولازالت صبحة الخليفة تحتفظ به كتراث شعبي وخوفاً كما تقول من "نائبات الزمان". مشيرةً إلى أن نساء الحي كن تجتمعن كل يوم في منزل لطحن حاجتهن من الحبوب والتي تعينهن على تأمين لقمة العيش خاصةً أنها الوسيلة الوحيدة التي كانت متوفرة في ذلك الوقت "تتناوب النساء على الرحى فتتقابل كل اثنتين منهن على حجر الرحى والثالثة تقوم بغربلة المسحوق الناتج ومن ثم طحنه من جديد حتى يصبح طحين ناعم صالح للخبز".
وأوضحت أن "كمية الطحين المطحون في الجلسة الواحدة تتراوح من خمسة عشر إلى ثلاثين كيلو غرام في الجلسة الواحدة والتي تستمر حوالي ساعة ونصف تقريبا بتكرار العملية عدة مرات حتى يحصلن على مادة طحين ناعمة او حسب نوعية الحبوب المستخدمة".
وعن صناعتها قالت إنها تصنع من الحجر الأسود والذي يأتي من مدن حماة وحمص أو من رأس العين/سري كانيه وغيرها ويصنع يدوياً وباستخدام بعض الآلات الخفيفة ويوضع لها قطعة من الخشب في المنتصف تسمى بـ (جب الرحى) ليتم التحكم بعملية الدوران، وفي القسم العلوي يوضع لها أيضاً قطعة خشب ليسهل تحريكها.
وبينت أن "الصخرتان العلوية والسفلية تصنعان بحرفية ليتم التحكم بعملية الضغط وطحن الحبوب بأفضل شكل وانعم صورة له وفي حال أصبح أدائها غير جيد يمكن صيانتها باستخدام أدوات بسيطة لتعمل بشكل أفضل".
وقالت إنه يتم طحن العديد من أنواع الحبوب التي تعد وجبات رئيسية في الماضي مثل "الخبز والقرصة والحمص والعدس والبرغل وغيرها". واصفة الرحى بضيف يزور جميع بيوت الحي أو القري فهم يتقاسمون أيام إقامتها بحسب حاجتهم لها "تطوف على البيوت بالترتيب ويستفيد منها جميع سكان القرية".
وأشارت إلى أن النساء كن يتبادلن أطراف الحديث والأهازيج والعتابة وبعض ألوان الغناء الشعبي الجميل ليقضن عملهن المتعب في جو من الفرح والسرور، مضيفةً "العمل على الرحى متعب جداً لكن هو أفضل من عمل المطاحن الحديثة لكننا كنا نستمتع بطحن الحبوب في المنزل دون الحاجة إلى قصد الطاحونة حيث يفقد الخبز نكهته".