الحرف اليدوية مهنٌ تتناقلها النساء للحفاظ على التراث
حياكةُ الصوف والرسم بالخرز على قطع القماش, حرف يدوية جميلة تحتاج إلى الصبر والهدوء, تتفن بها المرأة بشكل ملفتٍ للانتباه, وذلك للحفاظ على إرث الأجداد وتناقله من جيل إلى جيل
ليلى محمد
قامشلو ـ حياكةُ الصوف والرسم بالخرز على قطع القماش, حرف يدوية جميلة تحتاج إلى الصبر والهدوء, تتفن بها المرأة بشكل ملفتٍ للانتباه, وذلك للحفاظ على إرث الأجداد وتناقله من جيل إلى جيل.
موهبة جميلة تراثية ومتوارثة, تمارسها النساء في مدينة قامشلو في شمال وشرق سوريا, بأنامل مبدعة وفنية يحولن الخيوط الصوفية إلى قطع تصلح للارتداء, ويقمن بالرسم بالخرز على قطع القماش العادية, التي تتحول بين أيديهن إلى لوحات فنية جميلة, وهناء أحمد واحدة من تلك النساء المبدعات.
تقول هناء أحمد البالغة من العمر 36 عاماً, أنها بدأت بتعلم الأعمال اليدوية في العقد الأول من عمرها "منذ صغري واظبت والدتي على تعليمي برفقة أخواتي, وتعلمت بسرعة نتيجة لشغفي بهذه المهنة التي كانت تمارسها والدتي".
وتعمل هناء أحمد على العديد من الأعمال اليدوية كحياكة الصوف وتزيين الألبسة بالخرز "تكثر طلبات حياكة الصوف في فصل الشتاء, وفي الربيع يكثر عملي في رش الخرز, نظراً لوجود عدة مناسبات وحفلات في فصل الربيع", وأوضحت أنها مع اقتراب عيد النوروز, قامت بتخصيص شهر آذار/مارس للعمل في تزيين الألبسة الكردية الفلكلورية.
ويصادف الـ 21 من آذار/مارس يوم الاحتفال بعيد النوروز, تيمناً بأسطورة كاوا الحداد, الذي أشعل شعلة التحرر والخلاص من بطش الملك "ضحاك", وهي قصة تراثية كردية, إضافة إلى أنه يوم الاعتدال الربيعي.
أما بخصوص الصعوبات التي تواجهها في عملها, قالت أن أبرز الصعوبات تتمثل في عدم توفر المواد الكافية, إذ أن الخرز الذي تستخدمه تستورده من خارج سوريا إلى جانب بعض المواد الأخرى, إضافة إلى ضيق الوقت, موضحة أن هذه المعوقات لم تكن عائقاً أمام حبها واستمرارها في ممارسة المهن اليدوية.
وعن الدعم الذي تلقته تقول هناء أحمد "أكثر من دعمني كان أسرتي وصديقاتي, فلم يقتصر دعمهم على الجانب المعنوي فقط, بل وشمل الجانب المادي أيضاً", مؤكدةً على أنها تقوم بتعليم الفتيات هذه المهن في منزلها، بهدف إحياء الثقافة والإبقاء على عادة ارتداء الملابس الكردية الفلكلورية من أجل الحفاظ على الإرث الحضاري والشعبي للمنطقة "هذا يجعلني فخورة بنفسي كثيراً".
وفيما يتعلق بأهمية وضرورة توارث الأعمال اليدوية، تقول هناء أحمد "بغض النظر عن التسلية والمتعة التي تحملها الأعمال اليدوية, والراحة التي تمنحها لمن يعمل بها, كونها تبعد الإنسان عن الضغوطات الحياتية وتعلمه الصبر, فهي تعود بمردود مالي, وتسهم في تنمية اقتصاد المرأة الخاص".
ووجهت هناء أحمد في نهاية حديثها رسالة إلى النساء اللواتي يمتلكن موهبة في الأعمال اليدوية, بأن يطورن أنفسهن, ولا ينتظرن الدعم من أي أحد, فهن قادرات على الاعتماد على أنفسهن "نريد من خلال الفنون أن نحافظ على إرث المنطقة وثقافتها, ونعيد إحياء التراث الفلكلوري الكردي".
والجدير ذكره أن المهن اليدوية تنتشر بكثرة في مناطق شمال وشرق سوريا, ولا سيما في القرى والنواحي, إذ تلجأ النساء إلى هذه الأعمال لرفع المستوى الاقتصادي والمعيشي للأسرة.