الغناء والعزف في إيران... نساء تتحدين المحظورات

إن تقييد النساء في جميع المجالات الاجتماعية والمهنية والرياضية المختلفة وبالطبع الفنية كالموسيقى والغناء، تشكل زوايا مختلفة من الأيديولوجية المناهضة للنسوية في إيران.

سویدا خراسانی

خراسان ـ يثبت تاريخ العالم الممتد لخمسة آلاف عام أن المرأة والموسيقى تربطهما علاقة قوية، حيث تظهر المنحوتات الحجرية المتبقية من الحضارة العيلامية وبلاد ما بين النهرين، أن مكانة النساء والرجال في الفن والموسيقى متساوية، أي أن المرأة لم تحرم من الغناء والعزف أو المشاركة في المجال الفني بأفرعه المختلفة.

لم يتم ذكر أعمال الموسيقى النسائية في القصص فحسب، بل تم تسجيلها أيضاً في التاريخ وعلى المنحوتات الحجرية، إلا أن القوانين المناهضة للنساء في إيران، حظرت الغناء على النساء وخضعتها للرقابة، مما تسبب في بقاء المغنيات في المنزل ونسيان أصواتهن عبر الوقت.

في لقاء لوكالتنا مع "ل. ر" التي تمتلك واحدة من أجمل الأصوات النسائية في خراسان، أوضحت أنها لا تزال تواصل نشاطها في مجال الموسيقى والغناء في السر وعبر الفضاء الافتراضي، رغم المحظورات والقيود التي تفرضها عليها عائلتها.

 

"لا بد لي من استخدام اسم مستعار لإخفاء هويتي"

تقول "ل. ر" البالغة من العمر 24 عاماً، أنها تغني منذ أن كانت صغيرة في السن "إن الغناء منفرداً في إيران ممنوع على النساء، فمنذ أن كنت في الخامسة عشرة من عمري اقتصر غنائي على الاحتفالات والتجمعات العائلية، وأهتم أكثر بالقراءة بلغتي الأم الكردية، لكني أقرأ بالتركية والفارسية أيضاً".

وعن سبب عدم غنائها بشكل علني والمشاركة في المجال الفني تقول "هناك أسباب كثيرة تحول دون المشاركة في هذا المجال منها عدم وجود الحافز، وعدم وجود دعم من قبل المجتمع، فالعادات والتقاليد البالية تدفع الأسر إلى معارضة غناء بناتهم أو زوجاتهم"، مشيرةً إلى أنها ليست الوحيدة التي تتعرض لتلك الضغوطات والصعوبات "لا يمكننا استخدام صوتنا وفننا إلا في التجمعات العائلية الخاصة. لسوء الحظ، هذه القيود والقوانين المناهضة للمرأة حكمت المجتمع لدرجة أنني كمغنية إذا كنت أرغب في ممارسة نشاط فني على الشبكات الاجتماعية، يجب أن استخدم اسماً مستعاراً لإخفاء هويتي".

 

"كان للثورة أثر إيجابي على النساء"

وحول ثورة المرأة التي انطلقت قبل أشهر في إيران وشرق كردستان وتأثيرها على النساء "اعتقد أن ثورة Jin jiyan azadî، كان لها تأثير إيجابي على النساء، فبالنسبة لي زادت هذه الثورة من ثقتي بنفسي، إن فلسفة هذا الشعار قيمة وتعطي المرأة مكانتها الحقيقية في المجتمع".

وأضافت "يمكن القول أن السبب الرئيسي في عدم وجود المرأة في المجال الفني هي المحظورات والقواعد والعادات والتقاليد البالية في المجتمع والتي تقوم على معايير أبوية، واعتبار أصوات النساء جريمة، للأسف النساء في إيران في جميع المجالات هن دائماً ضحايا للقوانين المناهضة لهن والتمييز بين الجنسين".

وشددت على أن "الفن والموسيقى والغناء معترف بها في جميع الدول وتعتبر من ركائز الأمم، لكن للأسف في إيران أصبح هذا الفن أداة لقمع النساء، ويعد منعهن من الغناء والعزف وإسكات أصواتهن كأنه حُكم عليهن بالسجن لأجل غير مسمى".

وأكدت في ختام حديثها على أنهن أقويات وستتحدين المحظورات "أطلب من النساء والفتيات النضال من أجل تحقيق أحلامهن وعدم نسيان أصواتهن".