'اخترت الفن التجريدي كونه يحررني من كافة القيود'
تمكنت الفنانة التشكيلية رجاء بن نصر من الولوج في مجال فن الرسم على الرغم من أنه بعيد تماماً عن مجال عملها، لكنها ترى فيه متنفساً وهواية مناسبة لشغل أوقات فراغها بعد التقاعد.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ ترى الفنانة التشكيلية رجاء بن نصر أن الرسم متنفس للمرأة لتعبر من خلاله عما بداخلها، معتبرةً إياها هواية مناسبة لممارستها في أوقات الفراغ ولإفراغ الطاقات السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية.
"عشقت الفن التشكيلي منذ الصغر لكن انشغالي بالدراسة والعمل وخدمة العائلة، حالت دون الاهتمام بصقل موهبتي"، هذا ما استهلت به الرسامة رجاء بن نصر حديثها، مضيفةً "شغفي بالألوان ولد منذ مرحلة الطفولة وعندما أرى لوحة فنية أتمنى أن أستطيع رسم مثلها لأُزين بها جدران منزل الزوجية، لكن لم اتعلم الرسم وكيفية توظيف الألوان وتطويعها إلا أنني كنت اهتم بالفن بصفة عامة من موسيقى ورقص وغناء خاصةً المسرح حيث انضممت لنادي المسرح بالمعهد الثانوي".
وأوضحت أنه "بعد الإحالة على شرف المهنة وتخرج ابني وابنتي من دراستهما، أصبح لدي وقت فراغ، لذلك تساءلت في نفسي لم لا أتوجه للرسم واخرج ما اكتمه في داخلي من حب لهذا الفن؟ وبالفعل رسمت أول لوحة ليّ عام 2017، بعد أن أسست ورشة في منزلي حيث كنت في البداية أقضي ساعة واحدة في الرسم ثم ساعتين ومنها يصل إلى عدة ساعات دون كلل أو ملل، وما شجعني أكثر أن ردة فعل عائلتي وأصدقائي إيجابية الأمر الذي دفعني أيضاً لتطويرها من خلال الخضوع لدورات تدريبية في هذا المجال، وكانت المدربة لطالما تؤكد لي أنني أملك المؤهلات الكافية التي تساعدني لأكون رسامة محترفة".
وأضافت "الدروس التي حصلت عليها ساهمت في صقل موهبتي لأكون رسامة محترفة وكلما تطورت موهبتي في الرسم وجدت نفسي قريبة أكثر من الفن التجريدي، كوني اعشق الحرية وأحب التحرر من جميع القيود، وهذا لا يعني أن أتخطى الضوابط بل حافظت على التوازن في رسم اللوحة"، مؤكدة أن الفنون لها تأثير إيجابي على الصحة النفسية خاصة بعد التقاعد من العمل أو في حال عدم وجود بالأساس، لذلك حثت النساء على ممارسة فن الرسم واستغلال وقت فراغهن للتعبير عن ذواتهن.
وعن المواضيع التي تفضل طرحها من خلال لوحاتها قالت رجاء بن نصر "أحاول التعبير عما أشعر به، ومن المواضيع التي أعمل عليها قضايا المرأة، فأنا أشعر بما تشعر به المرأة التونسية التي لطالما تحملت الكثير من الأعباء والمسؤوليات، فهي في الوقت ذاته الأم والأخت والصديقة والعاملة، وصفاتها هذه مهمة وملهمة بالنسبة ليّ وسوف أسلط عليها الضوء مستقبلاً، كما لا ننسى معاناة المرأة التونسية بسبب العقلية الذكورية التي مازالت متجذرة، وللأسف تعاني منها الكثير من النساء واذكر جيداً عندما كنت أعمل قابلة حيث أن بعض الرجال يخرجون الأم من المستشفى بعد الولادة مباشرة ويتركون المولود كونه طفلة، ولا أنسى بكاء الأم عندما نخبرها بأنها أنجبت فتاة كونها ترغب بها لكنها تخاف من ردة فعل زوجها، وأيضاً لا يجب أن نغفل عن معاناتها من العنف وتأثيره على أطفالها".
وأشارت إلى أنها مازالت في بداية الطريق أو في خطواتها الأولى في هذا المجال، إلا أن ما قامت به على الرغم من إنه قليل نال إعجاب عائلتها والرسامين/ات المحترفين الذين يزورونها في ورشتها ويشجعونها على الاستمرار، حيث أنجزت ما يناهز 40 لوحة زينت بها معرضها الشخصي الذي أقامته في دار الثقافة بالعاصمة المغربية مؤخراً تحت عنوان "عطور الخيال" وقد أحدث صدى كبير لدى الرسامين/ات وعامة الناس والإعلاميين/ات، مؤكدةً على أن ردود الأفعال الإيجابية يكون لها دور في تطوير الفنان/ـة.
وحول الصعوبات التي اعترضتها قالت رجاء بن نصر "ارتفاع ثمن أدوات الرسم، خاصة أنني استخدم أفضلها لرسم اللوحات ذات الحجم الكبير، لذلك اتحمل أعباء مالية مضاعفة لأنجز لوحاتي"، مضيفةً أنها أحياناً تضطر لطلب بعض الأدوات التي لا تتوفر في البلاد، مشيرةً إلى أن تقييم اللوحات يجب أن يأخذ بعين الاعتبار من ضمن الصعوبات فضلاً عن مجهود الفنان/ـة الشخصي، "ليس من السهل إيجاد موضوع أو فكرة لتحويلها إلى لوحة فنية، فأحياناً استيقظ من نومي ليلاً لأجسّد فكرة أو يهجرني النوم لأني أفكر بشيء ما أريد رسمه، وجميع مواضيع لوحاتي نابعة من إحساس حقيقي، فكل لوحة بالنسبة ليّ هي مولود جديد".
ولفتت إلى أن الفنان/ـة التشكيلي في تونس لا يقوم بعرض أعماله الفنية خارج البلاد بصفة دورية، متسائلة "لماذا لا يتم تيسير عملية عرضها في الخارج حتى يتم التعريف بالفن التشكيلي وتونس في آن واحد؟".