تركيا تؤجج الصَّراع... والأبرياء هم وقود نيران الحرب

لم تترك الدَّولة التَّركية وسيلةً وطريقةً منذ بدء الأزمة السَّوريَّة لتؤجج الصَّراع فيها، وذلك بهدف إتاحة الفرصة لنفسها لتعيد سطوتها العثمانية القديمة، فكان الأبرياء هم وقوداً لتلك الصَّراعات

سيلين محمد 
قامشلو ـ .
هجمات وانتهاكات، حولت سوريا ولا سيما القسم الشَّمالي الشَّرقي منها لمسرح دماء، فما لبث أن اندلع الحراك الشَّعبي في سوريا عام 2011، حتى تحول لكفاح مسلح راح ضحيته آلاف الأبرياء، ولم تكن لتسلم مناطق شمال وشرق سوريا من ذلك إلا عبر تكاتف شعوبها وإطلاق مشروع ديمقراطي، فأدارت تركيا عجلة السَّياسات المختلفة لتتمكن من أن تظفر بأجزاء من أراضيها.
تحدثت عضوة المجلس العام في حزب الاتحاد الدَّيمقراطي عريفة بكر، عن مضي عشر أعوام على الثَّورة السَّوريَّة "تدخلت الدَّولة التّركية بشكل مباشر مستعينةً بأجنداتها الخارجية في الشَّؤون السَّوريَّة، وارتكبت جرائم وحشية بحق شعبنا، ولا يزال هذا التَّدخل مستمر".
وعن الهجمات على شمال وشرق سوريا، تبين "نتعرض للهجمات بشكل يومي في عين عيسى والشَّهباء وغيرها، ونفقد ضحايا مدنيين وأبرياء، بينهم نساء وأطفال، وفي عفرين ترتكب الأجندات التَّركية مجازر عدة لخدمة مصالحها متهمة قوات سوريا الدَّيمقراطية بها".
وأكدت على أن الهجمات لا تقتصر فقط على شمال وشرق سوريا، بل تشن تركيا هجماتها على أراضي إقليم كردستان "لا تفرق بين كردي وأرمني، فاختارت نفس التَّاريخ الذي قامت به بمجزرة الأرمن للهجوم على أراضي إقليم كردستان، أنها تقول لنا (لن أفرق بين كردي وأرمني وعربي وسأستمر بارتكاب المجازر)".
وأشارت عريفة بكر إلى أنَّ الدَّولة التَّركيَّة تريد تهجير المدنيين من تلك المناطق، وزرع الخوف في قلوبهم، والقضاء على إرادة الشَّعوب، وقمع المدافعين عن أرضهم وكرامتهم "تكثُر الهجمات التي كانت تهدف لزعزعة الأمن في السَّابق، وبطرق وسياسات مختلفة، ونعلم أن الهدف من ذلك هو احتلال أكبر مساحة من أرضنا، فتركيا بدأت من سوريا والعراق لإعادة مجدها العثماني من جديد".
واعتبرت أن تركيا تريد إحداث اقتتال كردي ـ كردي، لذلك يجب عدم الانجرار وراء المؤامرات التي تحاك في الخفاء "جميع الادعاءات التَّركيَّة خرق لسيادة الدَّولة العراقيَّة، ولكن الحكومات تلتزم الصَّمت، ولا تقف أمام هذه السَّياسة".
وبينت أن قوات سوريا الدَّيمقراطيَّة حاربت داعش في سوريا، وأعلنت انتصارها في الباغوز آذار/مارس 2019 آخر معقل لداعش، ولكن لا يزال هنالك العديد من الخلايا النَّائمة، التي تحاول النَّهوض من جديد "يدعون أنهم يريدون إقامة دولة إسلامية، ولكنهم يشكلون خطراً على جميع شعوب شمال وشرق سوريا والإنسانية جمعاء".
وقالت عريفة بكر أن الشَّعب بكافة مكوناته في شمال وشرق سوريا ناضل للحصول على المكتسبات التي تحققت بعد أن دفع آلاف الشَّهداء أرواحهم "الوحدة وقوة الإرادة ستهزم سياسة تركيا، لذا تحاول إفشال مشروع الأمة الدَّيمقراطيَّة، عبر زعزعة الأمن والاستقرار وكسر إرادة الشعوب".
وترى أن التَّاريخ يعيد نفسه فما فعلته تركيا عندما كانت تسمى الدَّولة العثمانية، تستمر به اليوم، وهي تدمر شعبها وتسير نحو الإفلاس والانهيار، لأن ذلك منافي للأخلاق "على سكان تركيا أن ينتفضوا، ويضعوا حداً لسياسة الحكم التي تقودهم نحو الهاوية".
ولم تكن اتفاقية أضنة بين الحكومة السَّورية وتركيا سارية المفعولة إزاء ما يحدث لشعبنا، والحديث لعريفة بكر "لم نرى أي رد فعل حيال المجازر التي ترتكب بحقنا، وكأننا لسنا جزء من الشَّعب السَّوري، علماً أن نظام الأمة الدَّيمقراطية ليس انفصالياً، بل إنه مشروع يضم كافة الشَّعوب".
وتحاول تركيا استغلال بنود اتفاقية أضنة التي أبرمت بينها وبين سوريا في 20 تشرين الأول/أكتوبر عام 1998، في توسيع حدودها واحتلال أراضي شمال وشرق سوريا.
"وسميت ثورة روج آفا بهذا الاسم لأنها كانت حصيلة نضال أكثر من أربعين سنة في حركة التَّحرر الكردستاني، ولا تزال مستمرة حتى اليوم في كافة السَّاحات العسكريَّة، والاجتماعيَّة، والسَّياسيَّة، والحقوقيَّة، والمرأة عبرها طورت من نفسها ولم تبقى حبيسة جدران المنزل، فواجهت جميع الظَّروف لتحقق الأمن والأمان".
وتستذكر عريفة بكر استشهاد العديد من المُناضلات أمثال ساكينة جانسيز وليلى شايلمز وفيدان دوغان، وهبون ملا خليل، وزهرة بركل، والأم أمينة، وهند الخضير وسعدة الهرماس من المكون العربي "استهدفوا الكثير من النَّساء، لأن نضال المرأة الرادع القوي أمام سياسة الإبادة التركية وتركيا تراها خطراً على مصالحها التوسعية الاحتلالية، ولكن ذلك زادنا إصراراً على المواصلة فحرية المجتمع ترتبط بحريتنا".
وقد اغتيلت الناشطات الثلاث ساكنية جانسيز وفيدان دوغان وليلى شايلمز في الـ 9 من كانون الثاني/يناير عام 2013 في العاصمة الفرنسية باريس، واعترفت محكمة الشعب الدولية TPP بالمسؤولية المباشرة لتركيا عن مقتل الناشطات الثلاث.
وتؤكد أن المرأة طليعية في تطوير المجتمع "يوجد العديد من التَّنظيمات النَّسائية في شمال وشرق سوريا، كمؤتمر ستار ومنظمات المجتمع المدني، تعمل فيها المرأة لتصل لكافة النَّساء وتحررهنَّ من كافة النَّواحي".
وتناشد عريفة بكر كافة الشَّعوب بأن يتخذوا الحيطة لأن تركيا تتبع سياسات معادية وممنهجة، ولا سيما نساء إقليم كردستان اللواتي يقع على عاتقهنَّ اليوم ردع  الهجمات على أراضيهنَّ "نحن معاً يداَ بيد ولن نقبل استمرار الحرب".
ولا يعد هجوم الاحتلال التركي على إقليم كردستان الأول من نوعه، بل قامت بعدة خروقات لسيادة إقليم كردستان، سواء بالهجمات أو بالتدخل في المنطقة متجاوزة مبادئ القانون الدولي واحترام سيادة الدول بزعم القضاء على الإرهابيين وتتبعهم.