شابات من المغرب يشجعن نساء الأرياف على المشاركة في السياسة

أعطت الحملة الرقمية التي أطلقتها جمعية "نساء شابات من أجل الديمقراطية" الكلمة للنساء القرويات والعاملات المتعلمات والغير متعلمات، للتعرف على مطالبهن والعراقيل التي تمنعهن من المشاركة السياسية

حنان حارت
المغرب ـ ، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية. 
يقدر عدد النساء القرويات في المغرب بستة ملايين نسمة، وهو ما يعادل 49.2 في المائة من مجموع سكان القرى، وتظل بذلك قوة وإمكانا بشرياً هاماً، خاصة وأن 59،4 في المائة منهن من الفئة العمرية النشيطة والتي تتراوح أعمارهن ما بين 15- 59 سنة. 
في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة الفتيات المتعلمات في القرى المغربية في المرحلة الابتدائية، لا تزال المراحل الأخرى مستعصية وموصدة أمامها، وذلك لاعتبارات اجتماعية، اقتصادية، ثقافية ودراسية.
هذه الفئة الكبيرة من النساء والفتيات في الأرياف المغربية، تبقى بعيدة عن المشاركة السياسة، فما هي العوائق التي تمنعهن من المشاركة في العمل السياسي؟ وما هي الاختلالات الناتجة عن غياب نساء الريف من التدبير المحلي، الشيء الذي يتناقض مع أدوارهن الاقتصادية والاجتماعية؟
 
حملة رقمية
مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والجماعية في المغرب، والمزمع انطلاقها في شهر أيلول/سبتمبر المقبل، تمنح الحملة الرقمية، التي انطلقت الأسبوع الماضي والتي ستستمر إلى موعد إنطلاق الحملة الإنتخابية، الكلمة للنساء القرويات وكذا للعاملات المتعلمات وغير المتعلمات، للتعرف على مطالب هذه الفئة والعراقيل التي تمنعها من المشاركة السياسية.
الحملة الرقمية التي تنظمها جمعية "نساء شابات من أجل الديمقراطية"، تحت اسم "سلي" بالأمازيغية؛ بمعنى "اسمعني" أعطت الكلمة للنساء للتحدث عن موقفهن من المشاركة السياسية وآمالهن المرتبطة بها.
تقول شابة ثلاثينية من نواحي مدينة بني ملال (وسط غرب المغرب) إنها لم تتمكن من متابعة دراستها الجامعية، وذلك لعدم وجود جامعة قريبة من منطقتها، تضيف "إنها تهتم بالسياسة وتتابعها عبر التلفاز والجرائد، لكن لا توجد أحزاب للانخراط معها في قريتها، ولم تخف الشابة آمالها في خوض غمار عالم السياسة، حتى تكون لسان حال بنات قريتها، وتتمكن من إيصال صوتهن حول عراقيل إتمام دراستهن، ومعوقات المشاركة السياسية". 
شهادة أخرى اعتمدت عليها الجمعية خلال إطلاق حملتها وتتعلق بسيدة في مقتبل العمر تقول إنها ترى الأحزاب السياسية في التلفاز، أو من خلال الحملات الإنتخابية، مشيرة إلى أنها ترى الوجوه نفسها في كل موعد انتخابي، مع تغيير طفيف، وهو تغيير الإنتماء السياسي مع كل عملية انتخاب، وعبرت المرأة عن رغبتها في المشاركة السياسية، دون أن تعرف كيف تحقق ذلك.
 
عراقيل الإنخراط في السياسة
يظهر من خلال الشهادتين، أن أهم العراقيل التي تصادف النساء المغربيات في القرى وتمنعهن من المشاركة في السياسة، هي عدم درايتهن بكيفية الانخراط في العمل السياسي.
تقول عضو جمعية شابات من أجل الديمقراطية سارة سوجار، لوكالتنا "إن حملة "اسمعني" تركز على تشجيع المشاركة السياسية للنساء في القرى، اللاتي لا يعملن وغير متعلمات، كما نتوجه من خلال الحملة أيضاً إلى العاملات في القطاع الغير مهيكل، والمتحولات جنسياً، لأن هذه الفئة من النساء لا يستطعن الولوج إلى السياسة، لهذا فمن خلال هذه الحملة نود الإقتراب من هذه الفئات حتى نعرفهن أن المشاركة السياسية هي كل الآليات التي تسمح للنساء كيفما كانت وضعيتهن وكيفما كان انتماءهن، أنهن قادرات على تدبير الشأن العام ولهن كلمة تؤثر في القرار السياسي".
وأضافت أن تشجيع مشاركة المرأة القروية والنساء في وضعية هشة في تدبير الشأن المحلي يكتسي أهمية كبيرة على اعتبار أن الحملة تشمل على دورات تكوينية ولقاءات لفائدة النساء، وخصوصاً في المشاركة السياسية بالنسبة للمرأة القروية التي ما زالت مشاركتها جداً ضعيفة.
 
رقم انتخابي
وأضافت سارة سوجار "إن النقاش العمومي في البلد لا يتعامل بجدية مع هذا النوع من النساء، فإما يتم اعتبارهن رقماً انتخابياً يمكن شراؤه بثمن بخس، أو يعتبرن غير مؤهلات للتأثير في القرار السياسي والحزبي".
وأشارت إلى أن "مثل هذه البرامج تمكن المرأة من إدراك أدوارها كفاعلة سياسية وكناخبة، مسجلة غياب برامج تستهدف المرأة القروية التي من شأنها توعيتها بقيمة وأهمية دورها سواء في التصويت في الانتخابات أو في المشاركة السياسية من أجل تقوية التمثيلية النسائية في المجالس الإقليمية والجهوية".
 
أهداف الحملة
وعن أهداف الحملة، تشير سارة سوجار إلى أن التواصل مع النساء في القرى وفي الأحياء الهامشية الهدف منه التعرف على سبب عدم مشاركة هذه الفئة من النساء في العمل السياسي الحزبي، مع التنبيه إلى مشاركتهن في الفعل السياسي بشكل مختلف، عن طريق شهادات تمثل مختلف هذه الفئات وعلاقتها الخاصة بالمشاركة السياسية.
وتشرح سارة سوجار أن الاهتمام بالمشاركة السياسية للنساء في وضعية هشة لا يجب أن يكون مرهوناً بالانتخابات واقترابها، وكأنهن يستعملن كورقة، لأن مشاركتهن مطلوبة، لكن على طول الزمن السياسي.
 
السياسة ليست صعبة
ومن جهتها أوضحت الناشطة الحقوقية بشرى الشتواني أنه لا يجب اختزال المشاركة السياسية للنساء القرويات في التصويت والترشيح، بل الاهتمام بالمشاركة السياسية يجب أن يكون من خلال تأهيل وتكوين وتوفير فضاءات ملائمة للنقاش، وخلق نقاش عمومي تحضر فيه قضية المرأة، وهو ما تسعى إليه حملة "اسمعني".
وأضافت "أن السياسة ليست بعيدة عن المرأة مهما كان انتماءها ومهما كانت وضعيتها، فالسياسة ليست صعبة وليست "غولا" إذ يمكن لأي امرأة ممارستها، ويجب على هذه الفئات أن تعلم أن التقاطعية في النضال من أجل المكتسبات موجود كذلك في السياسة؛ فهناك فئات من المجتمع لا يجدون أنفسهم لا في البرامج السياسية ولا في الترسانة القانونية، وهو ما يحدث مع هذه الفئات من النساء التي تستهدفها الحملة.
وأوضحت بشرى الشتواني بأنه "لا يمكن أن نصل إلى مشاركة سياسية فاعلة وحقيقية للنساء دون آليات ديمقراطية تمكنهن من الولوج، ليس فقط للمؤسسات الحزبية السياسية، بل تمكنهن أيضاً من التأثير في القرار السياسي العام، لبناء الوطن الذي نريد العيش فيه بشكل مشترك، وذلك وفق قواعد يتفق عليها الجميع".
وأكدت بشرى الشتواني على ضرورة إشراك المرأة القروية والنساء في وضعية الهشاشة، في تدبير الشأن العام بطرق فعالة ومؤثرة وليس بتأثيث الفضاء فقط، مبرزة أن هذا هو السبيل الكفيل للرقي بوضع النساء من مختلف الشرائح على المستوى الاجتماعي.