'رغم جميع التَّحديات مشروع الأمة الدّيمقراطية يبقى المُنقذ من الأنظمة السّلطوية'

حافظ مشروع الإدارة الذّاتية في شمال وشرق وسوريا على الهدف الذي بني من أجله في وحدة جميع المكونات بعيداً عن السّلطة، وكان العامل الأساسي في ذلك تمكين دور المرأة وعملها خلاله


براءة العلي
الرقة ـ .
تشكلت الإدارة الذاتية الديمقراطية في 21كانون الثاني/يناير 2014، لتضم فيما بعد المناطق الأخرى بعد تحريرها، ويعلن عن تشكيل إدارة ذاتية لشمال وشرق سوريا استناداً إلى القرار المُتخذ والمصادق عليه خلال المؤتمر الثَّالث لمجلس سوريا الدَّيمقراطي الذي عقد في 16 تموز/يوليو عام 2018 بمدينة الطبقة.
وللحديث عن نظام الإدارة الذاتية كان لوكالتنا الحوار التالي مع الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، بيريفان خالد.
 
كيف تصارعت الدَّول لفرض السَّيطرة، وبالمقابل كيف حافظت المجتمعات على وجودها؟
يسعى نظام الدَّولة إلى استغلال موارد المُجتمع وطمس هويته ونشر الجهل الذي يعد أسلوب خطير يُستخدم للسيطرة، ليُصبح المجتمع خاضعاً لسلطته مَسلوب الإرادة، ففرض العَّديد من القَّوانين، بغية تجريده من المبادئ، ليتحول إلى غابة تتصارع فيها القوى السَّاعية للسيطرة.
ومن أهم العوامل التي أفشلت جميع تلك المخططات هو ديناميكية المجتمع وطبيعته، ووجود قوى فعالة وثورية ضمنه، وهكذا بقيت المبادئ الاجتماعيَّة تحافظ على وجودها، إضافة لنشر العلم والوعي وتحفيز الفكر، ولهذا كانت السّلطات الاستعمارية تحاول فرض لغاتها والتّحكم في المناهج ضمن المدارس.
ونرى أن جميع الرسائل السّماوية والثّورات الفكرية تسعى إلى إعمال العقل ونشر العلم والمعرفة، مما يؤكد على أن الجّهل حرب خاصة في غاية الخطورة.
 
نظام الإدارة الذاتية نظام بديل للأنظمة السلطوية، هل بالإمكان أن تكون الإدارة الذاتية نموذجاً لسوريا والشرق الأوسط ككل؟
الإدارة الذّاتية عبارة عن نظام يقوم على التّعايش السَّلمي بين الشّعوب، أهم مبادئها المشاركة الدَّيمقراطيَّة بين جميع المكونات على اختلاف أعراقها ومذاهبها، وهذا ما يؤدي لإنجاح هذا المشروع وقمع محاولات نشر الفتن والتّحريض، ليكون نموذجاً نعمل على ترسيخه وتصحيح أخطائه وتقوية نقاط الضَّعف ضمنه.
وهذا النَّموذج مثال يُحتذى به، يدمج جميع القوى الدّيمقراطية في سوريا، ويمكن أن يطبق في جميع المناطق، ويضمن السَّلام والعيش المُشترك لجميع السَّوريين.
طبعاً، تحقيق هذه الأهداف بحاجة للكثير من الوقت والجَّهد، ونرى أنه يمكن أن يطبق على مستوى الشَّرق الأوسط، للحد من الصَّراعات العرقية والطَّائفية والمذهبية.
 
ما أوجه الاختلاف بين الإدارة الذَّاتية وأنظمة الدَّول الأخرى، وما هي المعوقات التي واجهتها، وكيف برز دور المرأة فيها؟
الاختلاف بين الإدارة الذَّاتيَّة وأنظمة الدّول الأخرى واضح، لأننا نعمل على حماية المجتمع وبناءه وتمكين اعتماده الذَّاتي، وأن يسود العدل والديمقراطية، لأن الإدارة تلخص كينونة المُجتمع، في حين أن الأنظمة الأخرى ولا سيما الشَّمولية منها تكرس سلطة فرد أو فئة معينة تتحكم بموارد البلاد والمجتمع، دون الاهتمام بأرواح سكانه.
هنالك العديد من التّحديات التي تواجه مشروعنا وأبرزها خطر الإرهاب على مناطقنا، منها داعش والتّهديدات التّركية المُستمرة، والتي تحارب مشروع الأمة الديمقراطية والإدارة الذاتية، وكذلك احتلال عفرين ورأس العين/سري كانيه، وتل أبيض/كري سبي، إضافة لمساعي النَّظام السّوري لخلق الفتنة بين المكونات، فرغم جميع التَّحديات مشروع الأمة الدّيمقراطية يبقى المُنقذ من الأنظمة السّلطوية.
كما وتعترضنا العديد من المشكلات الاقتصادية، وضعف الدَّعم الدّولي أحد أسبابها، ولهذا نحلُ مُشكلاتنا مُعتمدين على أنفسنا، كما أننا سنحاول جاهدين خلق موارد اقتصادية ومشاريع استثمارية، حيث أن بعض هيئات الإدارة الذاتية تعمل في الوقت الراهن على مشاريع الاكتفاء الذاتي، إلا أننا لا ننكر أن الاعتراف الدَّولي سيسهم بحل جزء كبير من المُشكلات في سبيل بناء سوريا المُستقبل. 
كما أن الإدارة هي مشروع مُتكامل يُفعل جميع الطَّاقات، والمرأة جزء أساسي منها، ونثق أنه في حال عدم تفعيل الدَّور الرَّيادي الفعال للمرأة، سيؤثر سلباً على تطور عملنا، لذا كان لا بد من فتح المجال أمامها وتمكينها في جميع المجالات، لتحتل مكانتها في كافة المجالات  السَّياسيّة، العسكريَّة، الثَّقافيَّة وغيرها.
ولأن المرأة تنظر بعين عطوفة إلى مجتمعها، وترى أن واجبها رعايته وتطويره، تحارب كل التَّوجهات الذَّكورية، وتقود نضالاً مستميت، ولهذا انطلقت من روج آفا، لتبزر وجودها على مستوى شمال وشرق سوريا، وتعطي جميع السّوريات الأمل والقناعة المترسخة، أنه بإمكانهنَّ التَّخلص من العبودية والعيش بكرامة.
ونجد أن المرأة تسعى إلى ترسيخ انتمائها للمجتمع، عكس الذهنية الذكورية التي تفرض سلطتها بشكل دائم، ومع وجود الإدارة الذاتية تغير الوضع، برزت لدينا قوى نسوية ترفض التَّسلط، وتصوب بوصلة الإدارة نحو ما هو صحيح. 
الأنظمة الحاكمة سعت جاهدة لطمس دور المرأة وهويتها، ولم توليها الأولوية والأهمية في إدارة شؤون البلاد وإدارة مؤسساتها المختلفة، بينما الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا تخطت هذه العقبة وبجدارة، منحت المرأة دوراً طليعياً وريادياً في كافة المجالات، فعلى مدار 7 سنوات من عمر الإدارة و10 سنوات من عمر الثورة، هناك نسوة أثبتن وبجدارة طليعيتهن في كافة المجالات، هناك مجالات كانت معظم الدول الحاكمة ترفض رفضاً قاطعاً انضمام المرأة إليها.
 
الكلمة الأخيرة التي تريدون توجيهها؟
على الرغم من جميع المحاولات التي تعمل على إفشال نظام الأمة الديمقراطية، إلا أن تكاتف الشّعب مع الإدارة والجهود التَّعاونية، أسهم في تخطي العديد من الصَّعوبات والتّحديات، وتوجيه هذا المشروع المتكامل نحو طريق النَّجاح، ليكون نموذجاً للشرق الأوسط عامة.