رفع تمثيلية النساء المغربيات في الانتخابات المقبلة... انتصار تنقصه المناصفة

بالرغم من إن رفع تمثيلية النساء المغربيات في الانتخابات المقبلة، يعد انتصاراً للنساء المغربيات، إلا أنه يبقى دون طموحاتهن ولا يلبي تطلعاتهن نحو المناصفة المنشودة

حنان حارت
المغرب ـ .
رفع تمثيلية النساء المغربيات في الانتخابات المقبلة، إجراء من ضمن إجراءاتٍ أخرى جديدة أقرها العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال اجتماع المجلس الوزاري الذي عقده في 11 شباط/فبراير 2021، وهو يعطي الضوء الأخضر للاستعداد لهذه الانتخابات التي من المزمع إجرائها في الـ 23 من حزيران/يونيو 2021، رغم تداعيات جائحة كورونا. 
 
الانتخابات محطة للرفع من تمثيلية النساء
إن قضية المرأة المغربية هي في صلب المشروع المجتمعي الذي يدافع عنه الحزب، بهذه الكلمات علقت النائبة البرلمانية عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية (يساري معارض) عائشة لبلق، على سؤال وجهته لها وكالتنا وكالة أنباء المرأة حول مسألة تمثيلية المرأة في السياسة، قائلةً "إن المحطة المقبلة للانتخابات المزمع تنظيمها في الصيف المقبل، هي مناسبة للرفع من الحضور النسائي في البرلمان".
 
قوانين انتخابية جديدة
أظهرت التعديلات الخاصة بالقوانين الانتخابية، التي أقرها المجلس الوزاري في الحادي عشر من شباط/فبراير 2021، برئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس، عن توجه نحو تطوير الآلية التشريعية المتعلقة بالتمثيل النسائي، ويتعلق الأمر باستبدال الدائرة الانتخابية الوطنية بدوائر انتخابية جهوية، خلال الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية المزمع إجراؤها في صيف 2021.
 
لا تسعى للمناصفة
وتم تضمين مشاريع القوانين الجديدة المؤطرة للانتخابات مقتضيات تقضي بالرفع من تمثيلية النساء، وذلك بتخصيص ثلثي الترشيحات للنساء في اللوائح الجهوية، بما يرفع عدد المقاعد التمثيلية لفائدة النساء إلى 90 مقعداً في مجلس النواب الذي يضم 390 عضواً، لكن رغم ذلك لم تصل التمثيلية بعد إلى نسبة الثلث (131 مقعداً)، ما يعني أن مطلب الرفع من التمثيلية السياسية للنساء بما يحقق المناصفة في أفق الثلث مازال مطروحاً.
وجاء في المشروع، أنه لا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد المخصصة للجزء الأول من لوائح الترشيح، مع إدراج المقتضيات اللازمة لضبط كيفية توزيع الأصوات وإعلان النتائج، وحول ذلك تقول عائشة لبلق "إن هذه المبادرة هي رسالة قوية ومهمة نحو تعزيز تمثيلية النساء في المؤسسات المنتخبة على مستوى المجالس والجماعات الترابية محلياً وإقليمياً وجهوياً، وكذلك في المؤسسات الوطنية التي على رأسها مجلس البرلمان بغرفتيه "مجلس المستشارين ومجلس النواب"، مشددةً على أنه رغم كون هذه الخطوة إيجابية، إلا أنها لا تتجه نحو المناصفة التي تسعى إليها النساء السياسيات في المغرب.
وحول اعتماد الدوائر الجهوية عوضاً عن الدائرة الوطنية في تفعيل عامل "الكوتا" لفائدة النساء، تقول عائشة لبلق "إنها خطوة متقدمة في سبيل إقرار تمثيلية عادلة تتجاوز منطق التحكم للمركز، وتعزز من ناحية التوجهات الجهوية المتقدمة وخاصة عامل إنتاج النخب القادرة على تمثيل المواطنين تمثيلية صحيحة على مستوى مؤسسة البرلمان".
ويشكل اعتماد اللوائح الجهوية بدل اللائحة الوطنية، فرصة لإقرار مزيد من الشفافية على مستوى كيفية اعتماد المترشحات، وكذلك إعطاء الفرصة للتنافس الشريف والنزيه الذي ينطلق من القاعدة على أساس تثمين النخب الجهوية، مضيفةً في السياق ذاته أن هذا التوجه فيه تجاوب صريح مع الخطب الملكية التي كانت تؤكد على ضرورة اعتماد قواعد الشفافية في اختيار النخب الجهوية النسائية بدل تغليب منطق الولاءات المركزية والزبونية، حسب قولها.
وأكدت عائشة لبلق، أنه رغم عدم رضاها على هذه النسب إلا أنها تعد قفزة نوعية نحو تمكين المرأة المغربية من المساهمة الفعلية في تدبير الشأن العام وصناعة القرار المحلي والجهوي، مضيفةً أن هذا الأمر كان يمثل مطلباً ملحاً بالنسبة للمنظمات الحقوقية والجمعيات المهتمة بشؤون المرأة؛ على اعتبار أن مكانة المرأة اليوم محكومة بمواثيق دولية وبمجموعة من الإجراءات التي لابد من تفعيلها، كما أن الدستور الآن يوصي بأن نسعى إلى المناصفة، والسعي نحو هذا الهدف يجب أن يكون مواكباً من خلال الرفع بالتمثيلية النسائية.
وبخصوص انتخاب أعضاء المجالس الجماعية، فقد عمل المشروع على تقوية تمثيلية النساء داخل هذه المجالس، وذلك من خلال الرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء في الجماعات الخاضعة لنمط الاقتراع الفردي من 4 إلى 5 مقاعد في مجلس كل جماعة.
 
خطوة إلى الأمام
ومن جهتها ترى النائبة البرلمانية والعضو السابق للمكتب السياسي لحزب "الأصالة والمعاصرة" ابتسام عزاوي، في تصريح لها مع وكالتنا، أن استبدال الدائرة الانتخابية الوطنية بدوائر انتخابية جهوية هو مكسب نسائي وخطوة جديدة للأمام لتعزيز دعم التواجد النسائي داخل الهيئات المنتخبة، مؤكدةً في السياق ذاته على أن ذلك التعويض فيه إرساء نوع من العدالة على المستوى المجالي وضمان لتمثيل النساء في الجهات، في أفق تحقيق المناصفة الحقيقية، على أساس الكفاءة والاستحقاق والتراكم النضالي للنساء داخل الأحزاب، مما سيساعد على تشجيع النساء في العمل السياسي.
وتقول ابتسام عزاوي أن المغرب بهذا الإجراء يكون قد حسم اختياراته الدستورية، كونه يسعى نحو تحقيق مجتمع المناصفة.
وتشير إلى أن طموح المرأة المغربية الفاعلة سياسياً هو أن يكون نظام "الكوتا" إجراءً انتقالياً نحو مساواة حقيقية في الحظوظ والفرص في الترشح المباشر في الدوائر الانتخابية ونيل ثقة المواطنين، وهو ما يفرض تهيئة الظروف والمجتمع والناخبين لذلك من أجل تجاوز أخطاء الماضي.
وبحسب المشروع، فإن عدد المقاعد المخصصة للنساء في مجالس الجماعات التي لا يفوق عدد سكانها 100 ألف نسمة في 8 مقاعد مقابل 10 مقاعد في الجماعات التي يزيد عدد سكانه عن 100 ألف نسمة، أما في الجماعات المقسمة إلى مقاطعات، فإن عدد المقاعد المخصصة للنساء يتحدد بالنسبة لمجلس الجماعة في 3 مقاعد عن كل مقاطعة وفي 4 مقاعد في مجلس كل مقاطعة.
ونص المشروع كذلك على أنه يجب أن تشمل كل لائحة ترشيح مقدمة برسم الدوائر الانتخابية الجهوية أسماء مترشحات لا يقل عددهن عن ثلثي عدد المقاعد الواجب ملؤها في كل دائرة انتخابية جهوية، وتخصص المرتبتان الأولى والثانية في كل لائحة ترشيح حصرياً للنساء.
وارتباطاً بالموضوع، فقد أوضحت مصادر برلمانية لوكالتنا أنه سيتم اليوم الثلاثاء 23 شباط/فبراير 2021، مناقشة القوانين الجديدة المسطرة للانتخابات المقبلة في البلاد بمجلس النواب الغرفة الأولى للبرلمان وسط خلافات من المرتقب أن تلقي بظلالها على المشهد البرلماني في المغرب.
وبحسب القانوني المغربي، فإن مشاريع القوانين التنظيمية التي تهم رفع تمثيلية النساء، والتي صادق عليها المجلس الوزاري في 11 شباط/فبراير 2021، جاءت لتجسد تقدماً من خلال إقرار الثلث في مجلس النواب، وكذلك مجالس الجماعات ومجالس العمالات والأقاليم.
وتأتي هذه الخطوة بعد انتقادات المعارضة المغربية التي سجلت تأخيراً في تمرير هذه المشاريع إلى البرلمان من أجل المصادقة عليها مع بدء العد التنازلي للانتخابات البرلمانية لسنة 2021، وسيتم خلالها انتخاب أعضاء البرلمان لولاية جديدة ستدوم 4 سنوات، ومقابل ذلك ستجري الانتخابات الجماعية لانتخاب أعضاء مجالس جماعية جديدة، وذلك بعد خمس سنوات من تنظيم آخر انتخابات محلية في البلاد سنة 2016.