قوى المعارضة تسيطر على نقابة المهندسين... فهل ينعكس هذا الفوز على المجلس النيابي؟
في سابقة من نوعها استطاعت المعارضة أن تنتفض على الواقع اللبناني وتحقق انتصاراً ساحقاً في نقابة المهندسين وتحرر ثلاثة فروع من أصل أربعة لصالح ائتلاف لوائح "النقابة تنتفض" (النقابة تنتفض وجبهة المعارضة اللبنانية)
كارولين بزي
بيروت ـ ، وذلك في مواجهة أحزاب السلطة مجتمعة التي لم تستطع أن تسيطر إلا على فرع واحد وهو "الفرع السادس" حيث موظفي القطاع العام.
"تم تأجيل انتخابات نقابة المهندسين 6 مرات"
عن المعركة الانتخابية التي قادتها قوى المعارضة تتحدث المهندسة الفائزة في الانتخابات النقابية سلام بوصي لوكالتنا، تقول "كنا نتحضر للمعركة الانتخابية في نقابة المهندسين منذ سنة ونصف، إذ تم تأجيل هذه الانتخابات ست مرات وكنا على طريق التأجيل للمرة السابعة، في كل مرة كانت النقابة تتذرع بحجج مختلفة، مع كل تأجيل كنا نصدر بيانات وننظم وقفات أمام النقابة، وأخيراً لجأنا إلى القضاء ما دفعهم إلى تحديد موعد للانتخابات".
وتوضح "لطالما كنا نركز على اختيار النقيب ولا نعير لمجلس النقابة وهيئة المندوبين اهتماماً كبيراً، وبالتالي وعلى الرغم من فوز النقيب في الانتخابات السابقة من لائحة "نقابتي" العلمانية لكنه لم يستطع أن يعمل وفق الطموحات لأنه كان بمفرده وكان مجلس النقابة وهيئة المندوبين ضده، لذلك صوبنا الهدف هذه المرة نحو هيئة المندوبين وسنستكمل العمل للفوز بمجلس النقابة والنقيب".
وتشير سلام بوصي إلى أن "نقابة المهندسين هي أغنى نقابة في لبنان وتضم ستين ألف مهندساً، ومؤخراً رفعت رسم الاشتراك للمهندسين، علماً أن المهندسين لا يعملون في هذه الفترة، بحجة أن صندوق النقابة فارغ".
برنامج "النقابة تنتفض" الانتخابي
وتفند سلام بوصي البرنامج الانتخابي للائحة "النقابة تنتفض" وتشير إلى شقين، "الشق الأول يتعلق بالمهندس ومدخراته وتقاعده بالإضافة إلى فئة الشباب ومحاولة تسهيل عملهم وعدم إلزامهم بمكاتب مستقلة ولاسيما في ظل الوضع الاقتصادي السيء من خلال تأمين مساحة لهم في النقابة. أما الشق الثاني، فيتعلق بريادة الأعمال، ووضع معايير للشهادات، تفعيل الارشاد المهني ودراسة حاجات السوق، إنشاء فروع لاختصاصات جديدة، الاعتماد على التصويت الالكتروني، وعملنا على هذا البرنامج خلال مرحلة كورونا بسبب التأجيل المتكرر وسنعمل على إقرار هذا المشروع في المستقبل".
تتابع "فيما يتعلق بحماية حقوق المهندس وحماية المدخرات، وضعت النقابة هذه المدخرات في المصارف، بدلاً من استثمارها في مشاريع تخلق فرص عمل للمهندسين وجميعنا يعلم ما الذي حصل مع المصارف وكيف وضعت يدها على أموال المودعين. من ضمن برنامجنا أيضاً إنشاء مشاريع بيئية، إعادة النظر برخص الكسارات ومعالجة التلوث، مشاريع ترتبط بالنفط والغاز إذ لدينا مهندسين يتمتعون بالكفاءة وبالتالي يجب أن يكون القرار بهذا المشروع لنقابة المهندسين، مشروع للكهرباء ومشاريع زراعية".
وتضيف "على الرغم من تأجيل الانتخابات مراراً ما أحبط عزيمة المهندسين إلا أنهم سارعوا إلى صناديق الاقتراع، ومن الملفت كان حماسةً جيل الشباب الذي يتحلى بالوعي ويريد البقاء في لبنان وبالتالي يسعى إلى تغيير الطبقة السياسية الطائفية".
"الانتخابات كانت تاريخية وحصلنا على 221 مقعد من 283 مقعداً"
تنافس على هيئة المندوبين ثلاثة لوائح وهي "النقابة تنتفض" ولائحة "المهندس أولاً" التي حازت تغطية إعلامية واسعة قبل إعلان النتائج ولائحة "أحزاب السلطة"، واقترع لاختيار 283 مندوباً نحو 7650 مهندساً، ووصفت سلام بوصي العدد بالتاريخي.
رشحت لائحة "النقابة تنتفض" 232 مندوباً وفاز 221 مندوباً وحصلت أحزاب السلطة على المقاعد المتبقية، وتصف سلام بوصي لحظة إعلان نتائج انتخابات النقابة بالعرس الانتخابي، وشبهت ما حصل بثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر.
وتتحضر لائحة "النقابة تنتفض" لانتخابات مجلس النقابة والنقيب في 18 تموز/يوليو الحالي بعزيمة وجهد مضاعف لاستكمال النصر الذي حققته في انتخابات هيئة المندوبين.
"نسعى مستقبلاً إلى تحقيق المناصفة"
وعن دور المرأة تقول سلام بوصي أنها كانت حاضرة بقوة في انتخابات نقابة المهندسين، وترفض مبدأ الكوتا النسائية، "لا توجد حركة تحرر وطني من دون تحرر المرأة، مثلاً عندما يتحدثون عن الكوتا النسائية فهذه الكوتا ستكون لصالح الطبقة الأوليغارشية بالتالي ستمثل الطبقة السياسية والسلطة لا الشعب".
وترشح على لائحة "النقابة تنتفض" نحو 55 مهندسة من أصل 232 مرشح أي بنسبة 24%، أما المرشحات لعضوية مجلس نقابة الفروع الأربعة والتي من المفترض أن تجري في 14 تموز/يوليو يشكلّن 45% إذ تم ترشيح 9 نساء من أصل 20 مرشح، وتعتبر سلام بوصي أنها "نسبة جيدة كبداية ونتطلع لأن نحقق المناصفة في نقابة المهندسين في المستقبل من خلال جهودنا".
وتتابع "علينا كنساء أن نقف إلى جانب الطبقة الفقيرة، نحاكي المرأة التابعة إن كان لزوجها أو شقيقها أو والدها وتلبي مطالبهم حتى في التوجهات الانتخابية، وبالتالي يجب أن نعمل على توعية هؤلاء النساء، لا نعمل للوصول إلى كوتا نسائية إذ أعتبر مشروع الكوتا إهانة للمرأة، لأنني كامرأة أستطيع أن أثبت نفسي".
"علينا أن نحرر المجتمع ثم ندعو لانتخابات نيابية"
عن إمكانية أن ينعكس فوز المعارضة في نقابة المهندسين على المجلس النيابي المقبل، تقول "نأمل في أن نصل إلى المجلس النيابي وينعكس انتصار نقابة المهندسين على الانتصار في المجلس النيابي ولكنني سأكون أكثر واقعية"، وتوضح "نحن طبقة وسطى وكذلك الأطباء والمحامون والإعلاميون ولكن ما نسبة هذه الطبقة في المجتمع؟ بالتأكيد نحن مؤثرون ولكن الاعتماد الأكبر في الانتخابات النيابية هو على الطبقة الفقيرة المسحوقة وهذه الطبقة تحتاج للتوعية، ولا يمكن أن نقوم بتوعية هذه الطبقة في ظل الفقر الذي تعيشه، وبالتالي علينا أن نؤسس لهم بدايةً تعاونيات زراعية وصناعية ونؤمن لهم فرص عمل كي يتخلوا عن حاجتهم للزعيم، وبعدها يبدأ مشوار الوعي والتحضير للانتخابات النيابية".
وتضيف "أعتقد أن هناك نسبة يمكن أن تخرق المجلس النيابي ولكن ليس كأكثرية ونعتمد في هذه المهمة على جيل الشباب الذي يرفض هذه الطبقة السياسية، بالإضافة إلى الطبقة الوسطى وهم أصحاب الاختصاص. وعلينا بداية أن نحرر كل النقابات وأبرزها الاتحاد العمالي العام الذي وضعت السلطة يدها عليه، ولم يعد له دور". وتوضح "سنواجه صعوبة كبيرة في الانتخابات النيابية، كما أنني لست من دعاة الانتخابات النيابية المبكرة، علينا بدايةً أن نحرر هذا المجتمع وننشر الوعي ونقر قانون انتخابي نسبي على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة ثم ندعو لانتخابات نيابية".
"الانتصار في نقابة المهندسين أعاد لنا الأمل بلبنان"
وتعتبر المهندسة الفائزة في انتخابات نقابة المهندسين مريم نمور أن "النقابة انتفضت وانتصرت"، وتوضح "انتفضت على الواقع المأساوي الذي نعيشه وعلى الوضع الكارثي الذي وصلت إليه مهنة الهندسة ونقابة المهندسين بشكل خاص، كما انتفضت على الواقع وعلى السياسات المجحفة التي تمارسها السلطة بكل أحزابها منذ أكثر من ثلاثين أو أربعين عاماً، وأوصلت الشعب اللبناني إلى مرحلة الجوع والفقر والتسول".
وتتابع "انتصرت لأن كل الذين يعارضون النظام الطائفي القائم توحدوا في مواجهة أحزاب السلطة، وباتوا أكثر وعياً لحقوقهم، ومن حقنا الطبيعي أن نعيش في بلد يحفظ لنا حقوقنا بأمان واستقرار".
وتشدد على "أهمية الوعي الذي تحلى به المهندسون، وبالتالي استطاعت النقابة من خلال هذا الوعي أن تنتصر على أحزاب السلطة وعلى السياسات المجحفة والطائفية والمهينة لكل الشعب اللبناني وليس فقط للمهندسين".
"النقابة تنتفض" انتفضت على المجتمع الذكوري أيضاً"
وتلفت إلى أن التغيير بدأ من خلال "الوعي والإرادة للتغيير والتنظيم والتخطيط والأهداف وكيفية تحقيقه"، وتضيف "مع وضع كل خلافاتنا جانباً توحدنا من أجل الهدف الذي نتطلع إليه وحتى بعض المهندسين الذين ينتمون لأحزاب السلطة انتخبوا "النقابة تنتفض" لأن أحزابهم لم تقف إلى جانبهم. نقابة المهندسين هي من أكبر النقابات في لبنان، ودور نقابة المهندسين لا يقتصر على المهندسين والمهندسات فقط، بل للنقابة دور وطني، بيئي، اجتماعي واقتصادي".
وتعتبر مريم نمور بأن هذا الانتصار سيؤسس لخطوة أكبر على مستوى الوطن أي على صعيد المجلس النيابي، وتقول "نحن لا نعمل فقط من أجل المهندس، لا نحاول أن ننفذ إصلاحات في مكان واحد ونترك الفساد حولنا، فمكافحة الفساد تبدأ من مكان ما ونحن سنتابع مكافحة الفساد في مختلف الأماكن ولاسيما في مؤسسات الدولة التي نعمل معها مثل الدوائر العقارية والبلديات والمالية وغيرها... حيث الفساد المستشري والتوظيفات العشوائية والمحسوبيات التي تعود لرجال السلطة الموجودين في المجلس النيابي".
وعن دور المرأة في النقابة تقول "النقابة انتفضت على كل شيء ومن ضمنها المجتمع الذكوري المهيمن على مجتمعاتنا الشرقية، وذلك إيماناً منا بالمساواة وبأننا جميعاً نصنع التغيير"، وتشير إلى دور المهندسات في الوقوف خلف العديد من المشاريع المهمة في البلد، وتسأل "كيف نلغي دورها من العمل النقابي وهي جزء منه، وبالتالي أضعف الإيمان أن تتمثل المرأة بالنقابة"، مشيدةً بالجهد الذي بذلته المهندسات ولاسيما خلال هذه المرحلة، وتختم قائلةً "الانتصار في نقابة المهندسين أعاد لنا بارقة الأمل التي فقدناها مع كل ما وصلنا إليه اليوم".