نسويات: الأديان جندرت حقوق النساء وحفظتها

أكدت ناشطات نسويات شاركن في مؤتمر تحالف "ندى" أن الأديان حمت حقوق النساء ولم تحاربها كما تروج التنظيمات المتطرفة التي تُحرف الدين وتفسره على مقاسه لتقييد النساء.

زهور المشرقي

السليمانية ـ منذ عودة سطوة الإسلام السياسي في شمال أفريقيا والمنطقة مع الثورات التي مهّدت الطريق أمام جماعة الإخوان والتنظيمات المتشددة والفصائل المسلحة عانت النساء أشد معاناة ونٌكل بهن بشتى أنواع العنف بل شُنت الحرب على أجسادهن، وهوجمت حقوقهن وضُربت مختلف المكتسبات التي حققتها الحركات النسائية عبر عقود.

سعى الاسلاميون جاهداً إلى السيطرة على النساء انطلاقاً من أجسادهن في هذه المناطق الملتهبة بالحروب والصراعات السياسية والأثنية والعرقية، لا سيما وأن تلك التنظيمات تحكمها سياسات لا تُؤمن بتعدد الأصوات وترفع الصوت الواحد.

وأثبتت التحولات في المنطقة أن الإسلام السياسي ضرب حقوق النساء وهو في طريق بحثه عن السلطة وذلك لفرض نظام مجتمعي على مقاسه لا يعترف بالمرأة وحقوقها مستنداً في ذلك على تفسير ديني من منظوره.

وقالت الناشطة النسوية، أسماء كفتارو، إن الإسلام لم يظلم المرأة عكس تلك الروايات التي يروجها المتطرفون، لافتة إلى أن النساء هن الفئة الأكثر استضعافاً وينظر إليها الجميع كونها عورة وظلع قاسم في حين أنها ظلع متين يستند إليها كل من يحتاج للقوة والدعم.

وأوضحت أن الحكومات التي تدعي ارتكازها على الشريعة يأخذون الأخيرة بشكلها المتشدد والمتطرف المعارض للدين، معتبرة أن التاريخ الديني لم يقصي المرأة ولم يقر بإبعادها عن صنع القرار وفق ما يروج.

وأشارت إلى أن النساء اللواتي تطالبن بحقوقهن لسن مذنبات وهو حق تكفله القوانين الدولية لكن التنظيمات المتطرفة تحاول وضع يدها ومنع وصولهن إلى مراكز القرار لأن الوصول فيه ثورة على العقلية الأبوية المسيطرة على النساء.

واعتبرت أن الأديان جندرت الآيات والحديث وهي خطوات لم تنسج على منوالها الدساتير التي تخاطب دائماً "المواطن الرجل"، وتنسى نون النسوة بل تتجاهلها.

وأوضحت أن الشريعة أن كانت مصدر تشريع لا تضر حقوق النساء ولا تمسها ولكن الخوف من يتذرعون بالتطرف والتشدد "التيارات المتشددة تسعى بالعودة بالنساء إلى الوراء ولا يناسبها وعي النساء وتمركزهن في الحياة العامة والسياسية"، معتبرة أن المعركة معركة وجود وتمركز وحتماً ستنتصر النساء.

 

 

وبدورها قالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات رجاء الدهماني إن الإسلام السياسي في تونس يُعدّ من أبرز الظواهر السياسية والاجتماعية التي أثّرت على مسار الدولة التونسية، خاصة بعد الثورة التي اندلعت في كانون الأول 2010 وأطاحت بنظام زين العابدين بن علي في كانون الثاني 2011، لافتة إلى أن جذور الإسلام السياسي تعود في تونس إلى السبعينيات من القرن العشرين، حين ظهرت حركة الاتجاه الإسلامي، التي تأثرت بأفكار جماعة الإخوان المسلمين ومفكّرين مثل سيد قطب، في عام 1981، تم الإعلان رسمياً عن الحركة بقيادة راشد الغنوشي، وسعت إلى أسلمة المجتمع تدريجياً عبر العمل الدعوي والسياسي، وتحوّلت الحركة لاحقاً إلى حركة النهضة في أوائل التسعينيات، بعد أن دخلت في صراع مع نظام بن علي الذي اتخذ موقفاً معادياً تجاه الإسلاميين، مما أدى إلى سجن وملاحقة قادتها أو نفيهم، وبعد الثورة، عادت حركة النهضة إلى الساحة السياسية بشكل قوي، وتم ترخيصها كحزب سياسي، وفازت بأغلبية نسبية في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عام 2011، وقادت حكومة "الترويكا" بالتعاون مع حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات.

وأشارت إلى أن النهضة واجهت انتقادات بسبب طريقة إدارتها للحكم، خاصة في ظل تصاعد العنف السياسي واغتيال شخصيات معارضة، ما أدى إلى أزمة سياسية انتهت بتنازلها عن السلطة في 2014، وفي انتخابات 2014، حلت حركة النهضة في المرتبة الثانية بعد حزب نداء تونس، لكنها شاركت في الحكم في إطار سياسة التوافق، واتخذت النهضة منذ ذلك الوقت مساراً "براغماتياً"، حيث أعلنت في 2016 فصل "الدعوي عن السياسي"، في محاولة للتكيّف مع متطلبات الديمقراطية ودفع شبهة "الإخوانية" عنها.

وأضافت "شهدت حركة النهضة تراجعاً في شعبيتها، لا سيما بعد الأزمة السياسية التي تفجّرت في تموز 2021 عندما أعلن الرئيس قيس سعيد تجميد عمل البرلمان (الذي كانت تهيمن عليه النهضة)، ثم حلّه لاحقًا، في خطوة اعتبرتها النهضة "انقلابًا على الدستور"، ومنذ ذلك الحين، تواجه الحركة تضييقاً سياسياً وقضائياً، وشهدت اعتقالات وتحقيقات طالت عدداً من قياداتها، وحالياً بات الإسلام السياسي في تونس اليوم في وضع صعب، نتيجة تآكل القاعدة الشعبية لحركة النهضة وضغط السلطة التنفيذية في ظل قيادة قيس سعيّد، وتحوّل المزاج العام التونسي إلى نوع من "النفور" من الأحزاب الدينية بعد تجربة صعبة في الحكم.

واعتبرت أن الإسلام السياسي في تونس، الذي يعد ممثلاً أساساً في حركة النهضة، مرّ بمراحل صعود وهبوط، وتأرجح بين الدعوة إلى الهوية الإسلامية والانخراط في العمل السياسي الديمقراطي، وقد شكّل فاعلًا مهماً بعد الثورة، لكنه يواجه اليوم تحديات كبيرة قد تعيد تشكيل دوره أو تقلل من تأثيره في المستقبل القريب.

 

 

وعلقت الناشطة السودانية أميمة قطبي، على تضرر النساء في السودان من الإسلام السياسي منذ عهد عمر البشير عام1983 حيث مس النظام السابق حقوق النساء وضرب المكتسبات النسائية لحركة نسوية بدأت مسارها منذ الخمسينات وقبل وكانت رائدة، لافتة إلى أن الأنظمة الرجعية التي مرت على السودان استهدفت بشكل واضح الحريات الفردية والجماعية وكانت تعمل لتركيع الصوت النسوي ومنعه من العمل وممارسة شتى الانتهاكات بدءً من فرض رقابة على أجسادهن بوضع أسس معينة تخص طريقة اللباس، لكن برغم ذلك تمكن من مقاومة تلك الأنظمة والقمع السياسي ولازلن تلعبن الدور القوي رغم الحرب التي تقام على أجسادهن.

 وأشارت إلى أن ثورة ديسمبر2019 قادتها النساء واشعلتها أصواتهن الحرة وكانت انتفاضتهن ردة فعل على الاضطهاد والتنكيل، واليوم تريد تلك الجماعات الانتقام منهن، قائلة إنه "نتيجة للإسلام السياسي الذي حكم السودان لعقود باتت الفتيات ضحايا للختان والتزويج المبكر والانقطاع عن التمدرس بسبب قمع السلطة ومؤسساتها الرجعية التي ترى في النساء عورة وعار يجب التخلص منه بالتنكيل".

وشددت على أن النساء كن أيضاً ضحايا للظروف الاقتصادية الصعبة في عهد الإخوان حيث حرمتهن من التعليم بخصخصته، وكان للإسلام السياسي دور في اقصاء وتهميش النساء لخدمة أجندات مسمومة على حساب أجسادهن المتشبعة بالقمع والرقابة الأبوية والمجتمعية.