نسوة يتحدثن عن سطوة الرجل على خيارهن الانتخابي

انتخابات مبكرة تحمل معها أفكار التغيير في التشريعات وسن القوانين وجعلها في حيز التنفيذ، بعد موجة مظاهرات شعبية وتغييرات سياسية

غفران الراضي 
بغداد ـ ، فالأمل النسوي ينظر إلى درج القوانين المؤجلة وفتح ملفات قوانين شرعت ذكورية الرجل ومن هذه القوانين قانون العنف الأسري وتزويج القاصرات وتشديد العقوبة على قاتل النساء بحجة غسل العار وغيرها من القوانين التي تنقذ المرأة من هيمنة وتعسف الرجل. 
إلا أن هناك سطوة للرجل على حرية اختيار المرأة للمرشح الذي يمثلها، لنكون أمام قصص تبدو غريبة ومختلفة لكنها واقعية. 
قالت لوكالتنا (س. س) ٣٢ عاماً، معلمة رياض أطفال رفضت الإفصاح عن هويتها، أنها لا تجرؤ على انتحاب شخص آخر غير الذي يقتنع به زوجها ويرغب بانتخابه "الأمر يتعلق بأنه يعتقد بمعرفته حقيقة مجرى السياسة وفي كل مرة يتحمس لشخص ويطلب مني أن أنتخبه، أفعل ذلك لإرضائه حتى لو لم أكن مقتنعة برأيه". 
وذكرت لنا عن حادثة لإحدى قريباتها التي تطلقت بسبب اختيارها مرشح آخر غير الذي يرغب به زوجها "هي حادثة غريبة، لكن لا شيء غريب في العراق، ابتدئ الأمر بتهديد اعتبرته قريبتي مزحة إلا أنه فور تأكده من انتخابها شخص آخر طلقها من دون رجعة بحجة أنها كسرت كلامه وتحدت رجوليته". 
وتجد (س. س) أن المزعج بالأمر هو لوم الناس لها باعتبار الانتخاب ليس مهماً لدرجة أن تحدث خلاف بينها وبين زوجها. 
أما (ص. ي) ٢٥ عاماً، تعمل في قسم الموارد البشرية لمصرف أهلي، فتعتبر الموضوع يتعلق بمدى قدرة الفتاة على تحمل صعوبة القرار وتنفيذه بما يخص خروجها عن سطوة خيار رجال العائلة للمرشح الانتخابي "كنت دبلوماسية في التعامل مع أخي الأكبر الذي أقنع والدتي وزوجته وأخواتي بمرشح معين في الانتخابات السابقة وأنا وافقته الرأي بدون نقاش ثم ذهبت واخترت مرشح أؤمن به". 
وتضيف "الأمر يتعلق بمدى قدرتنا على تحقيق ما نريده من دون الدخول في مواجهة مع الآخر، فذكورية المجتمع تجبرنا على أمور كثيرة قد لا نستطيع تطبيق بعضها، ولكن يجب أن يكون لنا إرادة لفعلها". 
بينما تجد (ر. و) أن سطوة الرجل عبرت حلقة العائلة ووصلت إلى رب العمل أو المسؤول ليحاول أن يجعل النساء اللواتي يعملن لديه ينتخبن من يؤيده ويختاره من المرشحين "الرجل يجد نفسه هو العاقل المفكر بالأمور بطريقة عجيبة، في الانتخابات السابقة فوجئنا نحن العنصر النسوي باجتماع طارئ من مسؤول القسم ليختار اسم أحد المرشحين للانتخابات لننتخبه". 
وتضيف "من المزعج حقاً أن يكلمنا بصيغة تجعلنا نشعر بأن لدينا قصور في عقولنا وتفكيرنا، في الوقت الذي جاملته بعض الزميلات بالرضا والتأييد اكتفيت بالصمت وشاءت الأقدار أن يحدث خلل في بطاقتي ولم انتخب وإلا كنت وقعت في فخ الاختيار، هل اختار مرشح زوجي أم أخي أم مسؤولي في العمل؟".
قصص تبدو مضحكة وبعضها ترسل لنا مؤشرات مخيفة عن مدى نظرة الرجل للمرأة في مجتمع تسوده الذهنية الذكورية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات تتوجه ناشطات عراقيات وإعلاميات للتوعية وتوظيف الانتخابات لاختيار مرشحين ينصفون المرأة في مجلس النواب من خلال تشريع قوانين بهذا الصدد.
ومن المقرر إجراء الانتخابات النيابية في العراق في الـ 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021.
وتجد الناشطة والإعلامية سارة الموسوي (30) عاماً، أن بعض نقاط قوة المرأة على اتخاذ قرار الانتخاب مرتبط بعوامل كثيرة، كالمستوى العلمي والثقافي وأيضاً الاجتماعي، فالمرأة التي تسكن في المناطق الريفية وحتى الشعبية تتأثر بالعائلة ومواقف العائلة أكثر، أما العامل الأخر، فهو المستوى العلمي والثقافي.
وتضيف سارة الموسوي "المرأة التي حصلت على تعليم ووظيفة ولها حضور في المنتديات والمقاهي الثقافية ستكون حرة في اتخاذ القرار السياسي بموضوع المشاركة أو من تنتخب. ولكن المجتمع العراقي ما زال يمتاز بروابط أسرية قوية وهذه الروابط تنعكس حتماً على المواقف السياسية. قد ينظر لهذا الأمر بسلبية من ناحية ضعف حرية الفرد، ولكن اجتماعياً ينظر له بطريقة أخرى". 
وتجد سارة الموسوي أن المرأة المرشحة تحظى بقبول بعض الرجال "ربما لا أبالغ أكثر أن قلت أن الرجال أحياناً يثقون بالمرأة المرشحة أكثر من ثقتهم بالرجل، والدليل أن لدينا نساء حصلن على أضعاف مضاعفة مما حصل عليه بعض الرجال وبعض النساء كان لهن المركز الأول. وهذا الأمر بالمجمل يتعلق بشخصية المرأة المرشحة، إذا كانت تتمتع بخطاب مقنع وشخصية قوية فستحصل على ثقة الجمهور".  
وتعتقد سارة الموسوي أن تواجد المرأة في البرلمان لا يحقق انتصار وقوة للمرأة أن لم تكن تتمتع بشخصية قوية "المرأة التي لا تتمتع بقوة الشخصية والاقناع فستكون أسيرة، حالها حال الرجل الذي يكون أيضاً أسير لإرادة شخص آخر". 
ومع المطالبات بتشريع قانون العنف الأسري تتوجه الناشطات لتعزيز هذه الفكرة في اختيار المرشح البرلماني وتوعية النساء.
وعبرت الناشطة والإعلامية إيناس حليم (٣١) عاماً، عن استنكارها لسطوة الرجل على حق المرأة الانتخابي ودعت إلى سبل التوعية الإعلامية بقولها "استقلالية الفكر والاختيار حق إنساني مشروع لا أعرف كيف يجد الرجل لنفسه الحق لسلب تلك الحرية من زوجته أو أخته أو والدته". 
وتضيف "بعض النسوة يعتقدن أن الموضوع لا يمثل أهمية بينما إن تابعنا حقيقة ما يحصل نجد العكس، فغالبية القوانين المعطلة التي لم يصوت عليها في مجلس النواب هي متعلقة بالمرأة وحقوقها". 
ولا تعتبر إيناس حليم الموضوع محض صدفة "في مجتمع تعاني فيه المرأة من العنف الأسري لن يذهب الرجل لاختيار مرشح مؤمن بضرورة تمرير هذا القانون، والمرأة هي التي يجب أن تنتخب مرشحها على أساس هذه النقطة المهمة".  
ومع كل التحديات التي تواجهها النساء في العراق تدعو ناشطات إلى سبل التغيير بتمرير قانون العنف الأسري.