ناشطة حقوقية: النظرة الذكورية حالت دون إشراك النساء والشباب في المشهد السياسي

قالت الناشطة الحقوقية خديجة الرباح، إن المناصفة والتمثيلية السياسية للنساء المغربيات، لم تعد شعاراً ولا مطلباً للجمعيات النسائية فقط، بل هي مطلب مجتمعي لكون البناء يحتاج لتظافر الجهود بين النساء والرجال.

حنان حارت

المغرب ـ اعتبرت الناشطة الحقوقية خديجة الرباح، أن التمثيلية السياسية للنساء في المغرب شهدت تطوراً، إذ تم البدء بها منذ عام 2002، وكان المغرب من أول الدول في المنطقة الذي اتخذت مجموعة من التدابير القانونية بغية تمكين النساء من ولوج قبة البرلمان.

حول مدى مشاركة النساء في المجال السياسي قالت الفاعلة الحقوقية ومؤسسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، خديجة الرباح "منذ الانتخابات التشريعية لعام 2002، شكلت المشاركة السياسية للنساء في المغرب تطوراً عددياً، حيث بلغت نسبة النساء في البرلمان 10,8 بالمائة، وبعد أكثر من 20 عام وصلت النسبة 24,3 بالمائة في البرلمان، وبالنسبة للجماعات وصلت النسبة إلى 26 بالمائة، ولكن برغم هذا التطور، فإن ذلك لا يلبي طموح الحركات النسائية".

وشددت على أهمية تحقيق مبدأ المناصفة في المناصب العليا، لافتة إلى أن المناصفة لا زالت تعترضها مجموعة من الإكراهات والتحديات "على مستوى تعيين النساء في المناصب العليا لم يصل بعد إلى مستوى ما تطالب به الحركات النسائية في المغرب، وإعمال المناصفة بالتعيين في المناصب العليا والمناصفة في الولوج إلى الوظائف والولايات الانتخابية ضرورة ملحة".

وبينت أن بناء مغرب يحتاج إلى إمكانيات وقدرات النساء والرجال، لكي يعمل الجميع من أجل تنمية فعالة وحقيقية تجيب على مختلف الإكراهات والتحديات "المناصفة والتمثيلية السياسية للنساء لم تعد شعاراً ولا مطلباً للجمعيات النسائية فقط، بل هي مطلب مجتمعي لكون البناء يحتاج لتظافر الجهود بين النساء والرجال".

وعن المعوقات التي تحول دون مشاركة النساء في السياسة، أوضحت إن أهم عائق هو القوانين "إذا أخذنا القانون التنظيمي لمجلس النواب والمستشارين أو حتى القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية، نجد أنه لا يوجد تنصيص مباشر على المناصفة في القانون التنظيمي لمجلس النواب، هناك لوائح جهوية تعطي 90 مقعداً للنساء، وفي القانون التنظيمي لمجلس المستشارين يعطي لائحة فيها رجل وامرأة، ولكن تدبير الكوتا لا يعطي إمكانية تحقيق المناصفة الحقيقية في الولوج لمجلس المستشارين".

وقالت إن الأحزاب السياسية لا تثق في قدرات وإمكانيات النساء "الأحزاب لا تقدم النساء في الدوائر التي تمكنها من الفوز، فهي تدبر العملية الانتخابية بمنطق أين يمكن وضع الرجال الذين يمكن أن يفوزوا بسهولة، فيما تكمل المشهد السياسي بالنساء كنوع من التأثيث، بحيث يتم وضعهن في دوائر الموت، التي ليس فيها حظوظ للفوز لصالح النساء".

وأرجعت غياب مشاركة النساء في السياسة إلى غياب الإمكانيات المادية "نعلم أن العملية الانتخابية تتطلب إمكانيات مادية من أجل القيام بحملات وتمويل الفرق والملصقات واللقاءات، وهذا ما لا يتوفر للنساء".

وأوضحت أن النساء تفتقرن إلى ما يسمى بالشبكات "العاملة في المجال السياسي لديها يومية مزدوجة فهي تعمل في العمل السياسي، وتعود للبيت لتهتم بأطفالها وعائلتها وبكبار السن، وبالأطفال في وضعية إعاقة، ولهذا لا يتبقى لها الوقت في إبرام علاقات متعددة وخلق شبكات".

وبينت أنه برغم التطورات التي شهدها المجتمع المغربي، إلا أنه مازالت العادات والتقاليد تقصي النساء من المشهد السياسي "رغم تحقيق بعض المكاسب على مستوى التشريعات والقوانين، فإن الصور النمطية للمرأة، وكذلك الموروث الثقافي والتمثلات الاجتماعية والفكر الذكوري يسيطر على المجتمع، الذي يعتبر العمل السياسي ليس من اختصاص النساء".

وقالت إنه بسبب النزعة الذكورية قدمت عدد من النساء استقالاتهن من العمل السياسي أو بسبب تعرضهن للعنف السياسي "خلال عام 2021 تعرضت العديد من النساء للعنف السياسي لأن المادة 17 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات تنص على أن كل مكتب في مجلس الجماعة يجب أن يكون فيه الثلث، لكن الذي وقع أنه فرض على النساء التوقيع من أجل عدم وضع ترشيحاتهن".

وأضافت أن "المشاركة السياسية للنساء الى جانب ورش تعديل نص مدونة الأسرة المغربية والتمكين الاقتصادي إلى جانب الديمقراطية التشاركية أصبحت من الأعمدة الأساسية من أجل التقدم والحداثة".

وفيما يتعلق بممارسة الشباب المغربي للسياسة، أكدت أن هذه الفئة باتت لديها آليات جديدة وذكية للتأثير في الحياة السياسة بشكل يتجاوز الهياكل التقليدية من خلال اعتماده على شبكات التواصل الاجتماعي والانخراط في الأنشطة التي تقام عن بعد.

وقالت إن "ما يقال حول عزوف الشابات والشبان المغاربة عن ممارسة السياسة ليس صحيحاً، الطريقة التقليدية التي تُبنى على اجتماعات مطوّلة وتمتد لساعات مصطحبة بلغة خشبية وغامضة لم يعد يفضلها الشباب"، مشيرة إلى أن الشباب يشارك في الشأن المحلي بطرقه الخاصة التي تعبر عنه، وليس عازفاً عنها كما يروج له، حيث يمارس السياسة من خارج الأحزاب عن طريق الانخراط في الجمعيات والمنظمات المدنية".

وأوضحت أن الشباب المغربي يرفض أن يكون مجرد رقم في المشهد السياسي "هم يرغبون في أن يكون انخراطهم فعالاً ويساهمون في العملية السياسية، وهو ما لا توفره لهم الأحزاب التي تبقي بابها مغلقاً وحكراً على أجيال معينة".

وحول كيفية تشجيع الشباب المغربي على الانخراط في العمل السياسي وتوسيع التمثيلية السياسية للنساء، أكدت خديجة الرباح على أنه يجب أن تكون هناك إرادة سياسة حقيقية، بمعنى أن الحكومة يجب أن توضح أنها تريد بالفعل المناصفة وأنها ليست مجرد شعار، مشددة على ضرورة ترجمة ذلك عبر قوانين وتدابير وإجراءات تنص على مبدأ المناصفة بشكل صريح.