مرشحات لمجالس المحافظات... ولكن؟
أكدت عدة ناشطات نسويات أن عدد النساء المشاركات في الانتخابات ليست مهمة بقدر النوعية التي تمتلك الآراء والأفكار لخدمة مجتمعها والنهوض بواقع المرأة.
انتصار الميالي
العراق ـ على الرغم من المشاركة الجيدة للنساء، كمرشحات في انتخابات مجالس المحافظات، لأحداث تغيير في نسب تواجد النساء بمراكز صنع القرار، إلا أن احتمالية تواجدهن في مراكز صنع القرار باتت ضعيفة في حال اقتصار الوضع بالنسبة المرأة العراقية على الترشيح والسعي وراء الفوز.
أن واقع المرأة في المجتمع بحاجة إلى من يعمل على تعزيز تواجدها كشريك في صناعة القرار وبمناصب تتناسب وإمكانياتها، عبر وضع البرامج التي تصب بمصلحة النساء والعمل بكل جدية على متابعة تنفيذها، خاصة تلك التي تتعلق بالقوانين التي تجيز التعنيف والقتل وحرمان النساء من حقوقهن الإنسانية.
فعلى الرغم من وجود قانون يفرض أشد العقوبات على جرائم القتل، هناك يومياً الكثير من النساء في المجتمع تعنفن وتقتلن ويتم إطلاق سراح القاتل بعد تبرير الجريمة بـ "قتلت بدافع الشرف".
لم تقتصر تحديات المرأة على هذا الجانب، فهناك مقطورة طويلة تجرها قاطرة من التحجيم والتهميش حتى في مراكز صنع القرار، فالنساء المرشحات لانتخابات مجالس المحافظات أمامهن الكثير من التحديات لمواجهة سلوكيات التحجيم ومواجهة السلطة الذكورية.
فقد اعتادت النساء في المناصب السياسية على اقتصار تواجدها في زاوية الجانب الشكلي لا أكثر رغماً عنها، وذلك لإرضاء المجتمع الدولي وعكس الصورة الإيجابية بأن الحكومة تولي أهمية لتواجد المرأة في كافة ميادين العمل.
ولرأي عدد من الناشطات النسويات أو المهتمات بحقوق المرأة ودورها في المشاركة السياسية وجهات نظر تعكس إمكانيات النساء كمرشحات، وماهي الفرص والتحديات التي تعيق وصولهن إلى مواقع تتناسب وإمكانياتهن.
وقالت طالبة قانون ومحامية متدربة في مجال حقوق الانسان إسراء سلمان "مشاركة النساء هذا العام في انتخابات مجالس المحافظات كانت جيدة، فنحن نطمح إلى تمكين النساء سياسياً، وبالتأكيد النساء قادرات على أخذ مناصب سياسية حقيقية، وأن يكن لها دور في الحياة الاجتماعية والسياسية".
وأوضحت أن "العنصر الاساسي في هذه العملية، ليست كمية النساء المشاركات في الانتخابات بقدر نوعية النساء المشاركات"، مشيرة إلى أنه "هي مشاركة جيدة لتمكين النساء سياسياً، ولكن في نفس الوقت النوعية مهمة فيجب أن تكون هناك نساء قادرات على تقديم الخدمات واتخاذ آرائها بنفسها لخدمة المجتمع بصورة عامة والنساء بشكل خاص".
وأضافت "هناك تحسن من ناحية عدد المرشحات المتمكنات ببرامجهن السياسية، بالمقابل هناك الكثير من المرشحات لا تمتلكن أي فكرة عن عمل مجالس المحافظات ودورهم الحقيقي في هذه العملية، كما نرى أن النساء تعتبر لدى بعض الأحزاب هي مجرد أعداد لتكملة الأصوات أو كوتا لأشغال المقاعد، وبالتالي تتحول النساء إلى أدوات لهذه الأحزاب، لكن هي كامرأة لا تمتلك البرنامج أو الرؤية السياسية، وهذا ما نتخوف منه".
وأكدت أن المرأة لم تحصل على دورها الكامل في المجتمع، فالكثير من النساء مهمشات ولم تصلن إلى دورهن الحقيقي سواء في الانتخابات أو في مجالات أخرى، فيما لايزال اختيار النساء ليس بناءً على قدراتهن أو كفاءاتهن بقدر ما هي امرأة يستطيع الحزب السيطرة عليها، لتتكلم بلسانه وأفكاره حتى وأن كانت مخالفة لطبيعتها الإنسانية أو بها كامرأة أو تضر بمصالح النساء.
وحول التحديات التي تواجه النساء أوضحت أن الاستهداف والتشهير هي أبرزها "يتم في مجتمعنا وكما في انتخابات مجلس النواب، التشهير بالمرشحات واستخدام الإساءة ضدهن واستخدام جوانب الطعن بالشرف، فهذه الجوانب هي من أكبر التحديات التي تواجه النساء حال قررن دخول المعترك السياسي".
وأشارت إلى أن "هذه الوسائل الهمجية التي تستهدف النساء الغاية منها المنع من المشاركة في العملية السياسية خاصة ونحن نعيش في مجتمع عشائري ويتبع من القال وقلت دون التحقق من المعلومة، وبالتالي هناك الكثير من المرشحات انسحبن من هذا المجال، ولا يقتصر هذا الحال على النساء المرشحات وإنما أيضاً كل امرأة تتمكن من الوصول إلى أي منصب في صنع القرار تتعرض إلى هذا النوع من الاساءة".
وقالت إن "المجتمع بدأ يتقبل وجود مرشحات على اعتبار أنه منذ عام 2003 كانت هناك انتخابات لمجلسي النواب والمحافظات يدخل بها نساء، وبالتالي أصبح وجود النساء واقع حال ليس غريب على المجتمع وأيضاً مشاركة النساء مفروضة في الدستور ضمن كوتا النساء والتي تؤكد على تمثيل 25 بالمائة".
وبينت أن شبكة النساء العراقيات وشبكات أخرى ناضلن من أجل وضع وتضمين هذا الجانب داخل الدستور وذلك لحماية حق النساء للمشاركة في الدور السياسي وهذه خطوة كانت جداً مهمة للنساء في المجتمع من أجل تحقيق الوجود السياسي للمرأة.
وأكدت إسراء سلمان في ختام حديثها على أنه كمية النساء المشاركة ليس مهمة بقدر النوعية التي تمتلك الآراء والأفكار من تلقاء ذاتها وليست مجرد تكملة عدد.
وبدورها قالت التربوية والناشطة السياسية سهاد الخطيب "هناك مشاركة جيدة للمرأة العراقية كمرشحة في انتخابات مجالس المحافظات وبواقع 75 مقعد من ضمن 285 بنسبة تزيد عن 25 بالمائة، هناك دعم وتقبل للمرأة العراقية كمرشحة، ونطمح نحن كعراقيات للأفضل".
وأكدت وجود تحديات تواجه المرأة اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً "رغم ذلك المرأة العراقية قادرة على تجاوزها بالدعم والتمكين الايجابي، ولكي تكون لها فرصة جيدة للمشاركة كمرشحة وناخبة في مجالس المحافظات والانتخابات بشكل عام نحتاج الى بيئة داعمة آمنة توفر لها، ودعم اقتصادي اجتماعي ثقافي للمرأة العراقية".
ومن جانبها ترى الناشطة المجتمعية سارة الجاسم أنه في انتخابات مجالس المحافظات العراقية لعام 2023، كان هناك وجود وظهور ومشاركة للنساء المرشحات بشكل ملفت، وهذا يعد شيء إيجابي، فبعض النساء تمكن من التغلب على التحديات والمخاطر والمخاوف التي يمكن أن تتعرضن لها، وهناك من يجري استغلالهن بحجة الترشيح فقط لحصد الاصوات وكطريقة غير صحيحة لتسويق للبرنامج الانتخابي، وهذه الاجراءات سلبية على باقي المرشحات اللواتي تعملن بشكل مباشر وصحيح.
وعن التحديات التي تواجه بعض النساء المرشحات قالت "تعاني المترشحات من تحديات بسبب الظهور الاعلامي، فخلال فترة ترشيح المرأة وصعودها ستواجه معاناة وعليها الظهور للتحدث مع الجمهور وبالتالي هي بحاجة إلى تمكين إعلامي لكسر هذه الحواجز، بعض التحديات هي التسقيط والابتزاز التي تتعرض له بعض المرشحات على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل حسابات وهمية".
ومن جهتها قالت الناشطة العمالية والمهتمة بقضايا المرأة نورس حسن "هناك مشاركة جيدة للمرأة في انتخابات مجالس المحافظات، إلا أن واقع المرأة اليوم مجتمعياً تعدى حاجته إلى عدد النساء المشاركات في انتخابات مجالس المحافظات بقدر حاجته إلى ماذا ستقدم النساء في مجالس المحافظات من برامج وخطط للارتقاء بواقع المرأة".
وأكدت أنه "اليوم النساء المرشحات أمام تحديات كبيرة لمواجهة سلوكيات التهميش في مراكز صنع القرار. وهناك تقبل مجتمعي كبير لمشاركة المرأة خاصة وأنها اثبتت كفاءتها في كافة ميادين العمل".
وترى الناشطة جنان صليوة أن حصول المرأة على حقها ليس بمستوى الطموح، وأيضا هي مرشحة فقط كنسبة "نحن اليوم نطمح إلى النوع ليس للكم".
وحول دعم المجتمع لها قالت "هي وبكل تأكيد لا تُدعم كالرجل وهي أيضاً لا تدعم اقتصادياً في مرحلة ترشيحها، وتواجه تحديات من ناحية تشويه السمعة وتعرض اللوحات الإعلانية التي تخصها إلى التمزيق وحتى التشويه بصورة مهينة".
فالمرأة العراقية أثبتت كفاءتها في كافة ميادين العمل بل وفي أشد ظروف العمل قساوة، فعلى الرغم من التحديات البيئية هناك فلاحات وهن تواصلن عملهن بجهود كبيرة، بل وفرضت ظروف الحياة الصعبة على البعض النساء العمل كسائقات أجرة فوجدنا النجارة وعاملات البناء وغيرها من المهن التي كان يعتقد الرجال في فترة محددة أنها حكراً عليهم.