ما موقف المغربيات من الانخراط في الأحزاب والمشاركة في السياسة؟

يشكل الانخراط في الأحزاب السياسية والمشاركة في الانتخابات لبعض النساء المغربيات اختياراً تمليه الرغبة قصد التأثير في عملية صنع القرار، حيث ترى المدافعات عن هذا الاختيار أنه عنصراً أساسياً لتحقيق الأهداف الانتخابية، في حين أن هناك فئة أخرى من النساء ترفض الانخراط في الحياة السياسية أو حتى متابعة أخبارها عبر التلفزيون

حنان حارت
المغرب ـ .
وكالتنا وكالة أنباء المرأة ومع اقتراب انتخابات أعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين وانتخابات مجالس العمالات والأقاليم في المغرب التي من المقرر إجراؤها في الـ 8 من أيلول/سبتمبر2021، استطلعت آراء المغربيات من أجل التعرف على موقفهن من المشاركة في السياسة، وكيف يرين حضور النساء في المشهد السياسي.
 
"انخراط المرأة في الأحزاب أمر مهم"
آمال العريبي شابة مغربية في مقتبل العمر من مواليد 1992 تقطن في مدينة المحمدية، وتعمل محاسبة في شركة خاصة، تقول "أهتم بالعمل السياسي بشكل كبير وأتابع كل ما يجري على الساحة، وبرأيي أن الانخراط في الأحزاب والمشاركة السياسية للنساء أمر في غاية الأهمية، حيث على المرأة أن تقرر خوض معترك الحياة السياسية والعمل من داخل المطبخ السياسي".
وبالرغم من أن الدستور المغربي يعطي المرأة حق المشاركة في السياسة، إلا أن الواقع مخالف لذلك، بحسب ما أشارت إليه آمال العريبي، وتضيف "أننا نلمس ابتعاد النساء عن الحياة السياسية وإبقاء مهمة القيادات والمبادرات حكراً على الرجال، وإن تمت مشاركتها في العمل السياسي تبقى هذه المشاركة محدودة وذلك بسبب العقلية الذكورية، عكس الرجل الذي يُمنح الحرية السياسية ويكون صاحب القرار".
وقد اعترف المغرب بحق المرأة في التصويت والترشح في جميع الانتخابات بمقتضى الفصل الثامن من دستور 1962، الذي نص على أن "الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق السياسية".
وتؤكد على أنه "آن الأوان أن تشارك النساء بشكل مكثف في السياسة وأن يتم إشراكهن في صنع القرارات، ويعبرن عن رأيهن ما دام القانون والدستور يكفلان لهن هذا الحق، يجب أن تشارك المرأة في صنع القرار السياسي لا أن يتم تأنيث المشهد السياسي بهن فقط".
وترى أن من بين الأسباب التي تجعل من مشاركة النساء في العمل السياسي محدودة، هي تنشئة الأطفال على معايير تمييزية تخلق ما يسمى بفجوة الثقة بالنفس بين الفتاة والشاب، ثم تتطور لتصبح فجوة بالطموح والرغبة في لعب دور سياسي وقيادي. 
 
"غير مؤهلة للمشاركة في السياسة"
تقول الصحافية ومعدة البرامج التلفزيونية سهام الغزولي، عن موقفها من الانخراط في العمل السياسي، "ليست لي نية الانخراط في أي حزب مهما كانت مبادئه، موقفي هذا ليس عزوفاً أو عدم ثقة في الأحزاب المغربية، ولكن لكوني أحب أن أظل بدون انتماء حزبي حتى تظل معالجتي للمواضيع التي أعمل عليها تتميز بالحيادية". 
وتضيف "لكن إذا قمنا بتقييم المشاركة السياسية للنساء في المغرب نرى أنها ضعيفة مقارنة بحضور الرجل، فهناك عدة موروثات ثقافية خاطئة، وعلى الرغم من تعزيز التشريعات القانونية للمسائل التي تساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك، إلا أنه ما زال ينظر إلى المرأة على أنها مجرد جسد بلا روح، وأنها غير مؤهلة للمشاركة في الحياة السياسية، وليس من شأنها حتى متابعة أخبار السياسية عبر التلفزيون، ولا يمكنها إبداء رأيها في أي موقف سياسي بدعوى أن كل فنونها تنحصر فقط في المنزل والمطبخ ولوازمه".
تتابع وهي متأسفة من حال المرأة في مجتمع يحصر أدوارها "للأسف الشديد، ما زال البعض يؤمن بأن منزل الزوجية هو المكان المناسب للمرأة، ولا مكان لها خارج هذا المنزل، وأن دورها في الحياة السياسية، ما هو إلا مضيعة للوقت".
 
"على المرأة متابعة أخبار السياسة لتكوين تصوراتها"
أما رجاء الطالبي ربة بيت وأم لطفلين وتقطن في مدينة الدار البيضاء، تقول "طالما راودتني فكرة الانخراط في الأحزاب السياسية والمشاركة في الانتخابات، لكن التزاماتي الأسرية منعتني من ذلك، لكني حريصة على متابعة ما يجري من أحداث حتى أُكون تصوراتي الخاصة فيما يتعلق بالمشهد السياسي، وحتى عندما أرغب في التصويت للحزب الذي سيمثلني أكون على دراية بمن يستحق صوتي".
وتؤكد على أن متابعة الأخبار السياسية على الأقل سيمكن الناخبة من أن يكون لها صوت ودور في تحديد من يمثلها حتى يدافع عن حقوقها ويعبر عن مشكلاتها واهتماماتها، "أعتقد أن المرأة حتى وإن كانت ظروفها الاجتماعية لا تسمح بالمشاركة في السياسة، عليها أن تتابع كل ما يتعلق بالشأن السياسي".
وتشير رجاء الطالبي إلى أن هناك نساء مغربيات أظهرن كفاءة عالية بانخراطهن في الأحزاب السياسية وولوج البرلمان، "من أجل تكثيف المشاركة النسائية في الأحزاب ينبغي أولاً وضع حلول لقضايا المرأة المالية، ومساعدتها في تذليل العقبات، والقضاء على مخاوفها الاقتصادية".
 
"ينبغي تشجيع النساء على الدخول في دائرة العمل السياسي" 
بينما تقول جهاد نادر البالغة من العمر 24 عاماً، وهي حاصلة على الإجازة في إدارة الأعمال، وتقطن في الدار البيضاء، أنها مهتمة بشكل كبير بالسياسة، ولديها نية الانخراط في الأحزاب السياسية وتنتظر الوقت المناسب، كما أنها تتابع الأخبار المتعلقة بالسياسة بشكل يومي، "إن هذه السنة شكلت قفزة فيما يتعلق بالمشاركة السياسية للنساء، بعدما انتصرت القوانين الجديدة للنساء بحيث رفعت عدد المقاعد الخاصة بهن من 60 إلى 90 مقعداً. لكن أعتقد أنه رغم هذا الانتصار إلا أن مشاركتهن ستظل ضعيفة، وهذا راجع للموروث الثقافي والعقلية الذكورية التي ترى أن مكان المرأة هو المنزل". 
ومنذ اعتماد المغرب نظام الكوتا النسائية، يخصص من المقاعد البرلمانية حصة للنساء في كل استحقاق انتخابي، بنسبة كوتا تعكس تمييزاً إيجابياً لهن منذ 20 عاماً، وقد نجح نظام الكوتا في الرفع من التمثيلية النسائية داخل المؤسسات التشريعية، وبالرغم من ذلك فإن النسبة لا تصل إلى الطموحات المنشودة والتي حددتها منظمات نسوية في ثلث مقاعد مجلس النواب.
وبرأي جهاد نادر الرفع من تمثيلية النساء في السياسة ينبغي أن ينطلق من توفر الإرادة السياسية لدى النساء "يجب أن يكون مبدأ سلطان الإرادة السياسية، هو الحاكم لتصرفاتهن، وهو الذي يدفعهن إلى المشاركة في الحياة السياسية"، وأشارت إلى أن رفض النساء الانخراط في الشأن العام، راجع لوجود عقبات اجتماعية تسعى لإبعاد المرأة من السياسة، "ينبغي تشجيع النساء على الدخول في دائرة العمل السياسي، سواءً بالتصويت أو في الانتخابات، أو بالترشيح للمجالس النيابية، والبلدية، أو السعي إلى تقلد المناصب العامة، ليكون لهن دوراً فعالاً، ومكاناً مهما في خريطة الحياة السياسية، وفي صناعة القرار، من أجل بناء البلد".
 
"لا أحبذ المشاركة في السياسة"
في حين تقول صفاء خموري 27 سنة وهي تعمل في شركة خاصة، "لا أحبذ الانخراط في الأحزاب السياسة ولا أتابع حتى أخبارها، لأنني لا أرى أي جدوى من ذلك، كما أنني أؤمن بأن العطاء والمساهمة في إنماء الحياة الاجتماعية ليس فقط من خلال الانخراط في الأحزاب السياسية، إذ يمكن لكل من يشارك في العمل الجمعوي أن يشكل قوة اقتراحية في المجتمع".
وتعتقد صفاء خموري أن المشاركة السياسية ستجلب لها المتاعب "لدي قناعة تامة أن الانخراط في الأحزاب السياسية لن يجلب لي إلا المتاعب ولن يسهم ذلك إلا في إهدار وقتي، كما أنني لا أشارك في عملية التصويت لكوني لا أرى أن هناك حزباً معيناً يترجم تصوراتي وأفكاري وطموحاتي، فرغم التطور الذي يعرفه المغرب إلا أن الساحة السياسية في البلاد تتميز بالركود، كما أن البرامج السياسية للأحزاب تتشابه فيما بينها".
وتختم صفاء خموري حديثها بأمنية "أتمنى أن تشكل انتخابات 2021 قطيعة مع الماضي، وتعزز من حضور النساء وتجعل الشابات المغربيات يغيرن موقفهن من السياسة".
والجدير ذكره أنه خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة لعام 2016، ارتفعت تمثيلية النساء إلى 81 امرأة من أصل 395 في مجلس النواب بنسبة 20.5%، بينما لم تتجاوز نسبة النساء 17% في البرلمان المغربي عام 2011.