ما مدى تأثر النساء بتأجيل الانتخابات الليبية؟
خيب تأجيل الانتخابات البرلمانية الليبية لأجل غير مسمى، آمال الليبيات وانعكس سلباً على حياتهن.
ابتسام اغفير
بنغازي ـ مع تأجيل الانتخابات البرلمانية الليبية إلى أجل غير مسمى، ذهبت الترتيبات والمجهودات التي بذلتها النساء لاستقبال الانتخابات الليبية التي كان من المفترض أن تقام في 24 كانون الأول/ديسمبر الماضي أدراج الرياح.
تجهزت النساء بكل جدية للانتخابات النيابية، فانخرطن في دورات للتوعية بأهمية الانتخابات والتسجيل فيها، وقامت النساء اللواتي تولين هذه المهمة واللواتي عرفن باسم "سفيرات التوعية الانتخابية" بمهمتهن على أكمل وجه، كما تلقين دورات تدريبية على عملية المراقبة على الانتخابات وكان هدفهن أن يكون للمرأة الدور الأكبر في عملية المراقبة، وليس كما حدث في أول انتخابات في ليبيا عام 2012.
كما عملن من خلال الحملات على توعية النساء اللواتي رغبن في الترشح للانتخابات في محاولة منهن لدعم بعضهن والدفع بالأفضل لخوض الترشح في انتخابات البرلمان، فهل يا ترى تأثرت النساء خاصة المترشحات بتأجيل الانتخابات؟ هذا ما سنتعرف عليه خلال لقاء وكالتنا مع بعض الناشطات.
أكدت عدد من الناشطات والمهتمات بالجانب السياسي في ليبيا أن تأخير الانتخابات قد انعكس سلباً على المجتمع الليبي بصفة عامة، وعلى النساء بصفة خاصة، وكان للتأثير النفسي الجانب الأكبر عليهن من انعدام الثقة والمصداقية، للخروج من النفق المظلم الذي تسير فيه ليبيا منذ سنوات.
وأوضحن أن تأجيل الانتخابات أثر على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي ظلت على حالها وبنفس درجة السوء، ومازالت السيولة النقدية شحيحة في المصارف، وقل إنتاج النفط وتصديره.
تقول المهتمة بالشأن السياسي سميحة الجلالي "أثر تأخير الانتخابات على الناس بشكل عام من الجانب النفسي، فالجميع كان ينتظر الانتخابات التي كانت بادرة الأمل الوحيدة، وكنا ننتظر أن نعيش تجربة الديمقراطية واستلام السلطة بشكل سلمي، ولكن تأجيل الانتخابات أحدث لدينا نوع من الإحباط"، موضحةً "كان لدينا أمل بتشكيل حكومة على خلاف الحكومات السابقة التي ارهقت الشعب الليبي وكانت عقبة في طريق استقراره".
ولفتت إلى أن تأجيل الانتخابات "كان له دور في تأجيل إقرار قانون العنف ضد المرأة الذي كان من المفترض أن يتم البت فيه والعمل عليه"، مشيرةً إلى أنه "حتى لو تم تحديد موعد جديد للانتخابات لن نكون على ذات التأهب والإيجابية والتفاؤل في إحداث تغيير، لأنه بات يسود جو من عدم الثقة بالآخر".
من جانبها قالت المستشارة والخبيرة في مجال العمل الاجتماعي الأستاذة خيرية الفرجاني "لا يخفى علينا أن الانتخابات كانت أمل للشعب الليبي وكانت الملاذ الآمن الذي يطمح إليه الليبيون للتخلص من الحكومات المتعاقبة، وغير المنتظمة وغير المدركة لحقوق الشعب، وكذلك لكثرة الخلافات بين هذه الحكومات، فكانت الانتخابات هي الأمل والرجاء الوحيد لإقامة الحكم الدستوري السليم والقويم في ليبيا".
وأكدت على أن "تأجيل الانتخابات أحدث لدى الشعب الليبي وخاصة النساء نوع من النكسة النفسية، وبدأنا نتساءل هل من الممكن أن تقوم الانتخابات ونقوم بواجبنا تجاه بلدنا، كذلك كانت نظرة المجتمع لنا بها نوع من السخرية لأننا كنا نعمل بجدية على هذا الموضوع، ولكن تم إلغائه أو تأجيله لأجل غير مسمى وكأنهم يقولون أنكن كنتن تحرثن في البحر، أو ماذا استفدتن من الجهد المبذول، ناهيك عن النظرة المجتمعية لموضوع الانتخابات حيث حدث إرباك، وأصبح هناك عدم ثقة وعدم مصداقية، وكل هذه الأمور المختلطة"، مشيرةً إلى أن "عدم الثقة وانعدام مصداقية والانتكاسة النفسية التي تعرضنا لها، أحدثت بعضاً من الضيق والتوتر".
وأوضحت أنه "على الرغم مما حدث إلا أنه هناك عدد من النساء لازال لديهن أمل، ومنهن أنا بحكم أنني مترشحة عن انتخابات بلدية بنغازي، لايزال يحذوني الأمل بأنه في يوم من الأيام ستجرى الانتخابات، وسوف تقوم العدالة والمساواة وأن يقوم النظام الأساسي السليم الذي لابد أن تبنى عليه الدولة، وأساسيات الحكم الرشيد ستقوم هي الأخرى، وذلك رغم الظروف والمحن والتوترات، ورغم مما يقال لنا بأن موضوع الانتخابات لن يحصل أبداً إلا إننا نملك الأمل الكبير بأن ليبيا ستكون في أفضل حال".
وتتمنى "من جميع المرشحات للانتخابات أن يرتجين الخير وأنه بإرادتنا وعزيمتنا واصرارانا وبما نحمل من إمكانيات وطاقات وعلم ومقدرة قادرات على خدمة بلادنا وقادرات على العطاء لأن بلادنا بحاجة إلينا ولجهودنا ولتكاتفنا".
وشددت خيرية الرفجاني على أنه بالرغم من أن بعض النساء حدثت لديهن انتكاسة وتركن موضوع الانتخابات على الهامش لفقدانهن الأمل من المترشحات أو الناخبات، إلا أن هناك مجموعة أخرى من النساء يقمن بحملات توعوية بأهمية الانتخابات وحث المواطنين على المطالبة بهذا الحق والسعي لتحقيقه.
فيما قالت هيام الشريدي "فقدنا الثقة في صانعي القرار، والشفافية لم يعد لها وجود، فقد كنا نأمل أن تذهب ليبيا إلى بر الأمان بعد الانتخابات، ولكن بعد تأجيلها لأسباب مجهولة ومبهمة ازداد الوضع بالتدهور، وفقدنا الأمان بحكم أنه كانت ستقوم دولة القانون وتطبقه بحزم، ولكن تأجيل الانتخابات خيب آمالنا، ونتمنى أنه لو تم تحديد موعد للانتخابات مستقبلاً ألا يتم تأجيله وأن يتم التعامل مع الشعب بكل شفافية ومصداقية، وإبقائه مطلعاً على كل ما يجري حول الانتخابات".
فيما تقول المهتمة بشؤون المرأة مينا الفلاح "كان لتأجيل الانتخابات وتأخيرها تأثير سلبي على المجتمع ككل، كان الشعب بحاجة إلى إجراء الانتخابات وكان يحذوه الأمل بأن الأوضاع المعيشية سوف تتحسن وتسير نحو الأفضل".
وقالت في ختام حديثها "تأثير تأخر الانتخابات كان أكبر على النساء خاصة المرشحات منهن اللواتي اعتبرن صوت جميع النساء بكافة شرائحهن، هذا التأخير انعكس سلباً عليهن وعلى الناخبات، فالانتخابات كانت بمثابة الأمل لدينا لإيصال صوتنا والمطالبة بحقوقنا".