'لا يمكن بناء عدالة انتقالية حقيقية في سوريا بغياب تمثيل النساء'
تعمل نساء إقليم شمال وشرق سوريا عبر سلسة من ورشات العمل لطرح أهمية مشاركة المرأة السورية في مسارات العدالة الانتقالية، في خطوة توثق الانتهاكات لضمان الاعتراف بمعاناة الضحايا وإنصافهن.

نور الأحمد
الرقة ـ أكدت الناطقة باسم حزب سوريا المستقبل ناهد نحاس أن النساء سوريا نلن النصيب الأكبر من تداعيات النزاعات المسلحة التي أفرزتها الأزمة السورية وما تزلن تعانين من تبعاتها، مشددةً على أهمية مشاركتهن في العدالة الانتقالية لتكون نقطة تحول في تعافيهن وإعادة أخذ دورهن بشكل حقيقي وفعال في المجتمع.
في ظل غياب التقارير للمنظمات الدولية والمحلية لحقوق الإنسان والمرأة التي توثق الانتهاكات التي ارتكبت بحق النساء في سوريا عامة ونساء إقليم شمال وشرق سوريا خاصة خلال أعوام الأزمة، طرحت العديد من الحركات النسوية والأحزاب السياسية والعسكرية والمدنية في إقليم شمال وشرق سوريا عملية العدالة الانتقالية لتكون على سلم أولوياتها كونها ضرورة تستوجب تطبيقها على أرض الواقع في هذه المرحلة المصيرية والتي تستدعي أن يكون للمرأة الحق في استرجاع حقوقها وانصافها وسن قوانين ومحاسبة الجناة.
"تحقيق توزان اجتماعي شامل يضمن حقوق المرأة"
وعن الحاجة الضرورية التي جاءت لطرح العدالة الانتقالية أوضحت الناطقة باسم حزب سوريا المستقبل ناهد نحاس أن سوريا "شهدت على مدار أربعة عشر عاماً العديد من الحروب الدموية والنزعات المسلحة للفصائل المختلفة التي سيطرت على المنطقة آنذاك والتي تمخضت عنها العديد من التداعيات السلبية على الفرد والمجتمع، وفي خضم المرحلة الحساسة والمصيرية التي تعيشها المنطقة بعد سقوط نظام البعث باتت العدلة الانتقالية حاجة وضرورة لتحقيق توزان اجتماعي شامل يضمن حقوق المرأة وحمياتها".
وأوضحت المبادئ والأسس التي يقوم عليها تطبيق العدالة الانتقالية "يرتكز تطبيق العدالة الانتقالية على أهمية البنية الاجتماعية المتواجدة فلا يمكن تطبيقها في مجتمع مشوش وفوضوي وليس فيه قانون، وأساسها ضمان حقوق جميع المكونات من مختلف الإثنيات والعقائد المختلفة في المنطقة، والمحاسبة بشكل حقيقي لمرتكبي كافة الانتهاكات لحقوق الانسان والتي تخالف القوانين الخاصة الموجودة وفق بنود العدالة الانتقالية".
وذكرت ناهد نحاس أن تطبيقها يكون بالوعي التثقيفي لإعلام مسؤول، وكذلك الإصلاح التدريجي للدولة والمجتمع، وبناء الثقة المفقودة بين الأفراد ومؤسساتهم مما سيعزز النسيج المجتمعي والتوازن وسيساهم بتحويل النظام الاستبدادي إلى ديمقراطي.
وأكدت أن المرأة هي المتضرر الأكبر في الحروب "عانت المرأة السورية في ظل سيطرة الفصائل الإرهابية العديد من التداعيات التي انعكست على واقعها من إقصاء وتهميش لدورها وحقوقها وفقدان لأسرتها، ومن ظروف التهجير وفقدان المأوى، والحرمان من التعليم والعمل، وتفكك الأسر".
وشددت على أن معاناة النساء لاتزال مستمرة وسط غياب تقارير المنظمات الإنسانية وتوثيق الانتهاكات "بدورنا كحركات نسوية وأحزاب سياسية ومدنية في إقليم شمال وشرق سوريا وجدنا أنه من واجبنا طرح العدالة الانتقالية كنموذج لحل جذري للتخلص من تداعيات الحرب ومعاناة النساء، ولتكون بمثابة دعم للنساء للمتضررات، وذلك عبر تشكيل سلسلة من الندوات الحوارية وورشات العمل وتوزيع البروشورات التي سنطرح خلالها مفهوم العدالة وكيفية مشاركة المرأة فيه وتمكينها بالوعي والقوة للعب دورها وتمثيل صوتها، والتحديات التي تعرقل تطبيقها بكل مساراتها".
"المرأة الجوهر الحقيقي للمجتمع المتكاتف"
وبينت ناهد نحاس أن أبرز التحديات التي تواجه مشاركة المرأة في العدالة الانتقالية تتمثل بـ "الهيمنة الذكورية في المؤسسات والمحاكم المدنية وغياب تمثيل المرأة في أماكن صنع القرار السياسي، ومحاربتها من قبل الرجل المهيمن والذي يستهدفها بشكل مباشر، وعدم المساوة والتمييز بحقها وكذلك الظلم الاقتصادي".
وشددت على أنه لا يمكن بناء عدالة انتقالية شاملة وحقيقية بغياب المرأة "تعتبر المرأة الجوهر الحقيقي للمجتمع المتكاتف والعنصر الفعال، وحجر الأساس في بناء أجيال المستقبل، وفي حال همشت همش المجتمع بأكمله، لذا يجب أن يكون للمرأة المشاركة الفعالة في مسار العدالة الانتقالية وإلا لن يكون هناك عدالة حقيقة ومنصفة".
وأشارت إلى أن "المرأة اليوم في إقليم شمال وشرق سوريا تعيش حالة من الاستقرار والسلام النفسي والاجتماعي بعد أن وقفت على قدميها مجدداً وأثبتت نفسها ولعبت دورها في جميع المجلات وكانت الريادية في أماكن صنع القرار ومثلت دورها في القضاء والمحاكم وأخذت حقوقها كافة دون تمييز أو إقصاء وشكلت لجان حماية خاصة بها، وبدأت تدريجياً بالتعافي من تداعيات الحرب".
"أهمية دمج النساء بشكل حقيقي وفعال في المجتمع"
وترى ناهد نحاس أنه يجب إشراك النساء في لجان الحقيقة والمحاكم الخاصة للكشف عن الجرائم والانتهاكات، "وجود المرأة في تنفيذ آليات العدالة الانتقالية يكسر الصور النمطية ويعزز مكانها في صنع القرار السوري، فغياب صوتها يؤدي إلى فشل المسار، إلى جانب تمثيل الضحايا من النساء في كل مراحل العدالة لضمان الاعتراف بمعاناتهن، بالإضافة للكشف عن الانتهاكات الخفية مثل العنف الجنسي والاستعباد، والتي غالباً ما تُهمّش أو لا توثّق".
وطالبت المنظمات الإنسانية والحقوقية المعينة بحقوق المرأة بالقيام بواجبها تجاه المرأة وسن قوانين تحميها أثناء النزاعات المسلحة "يجب توثيق الجرائم التي تعرضت لها المرأة في أوقات النزاعات والتي لاتزال تعاني منها، من العنف الجنسي والجسدي من خلال توثيقها وتقديم الاحصائيات لحالات القتل والاغتصاب والانتحار وغيره، لتوثيق المعاناة والبدء بمحاسبة الجناة".
وفي ختام حديثها أكدت الناطقة باسم حزب سوريا المستقبل ناهد نحاس أنه من الضروري تنظيم لجان خاصة لدعم النساء مادياً ونفسياً وخاصة المتضررات في الحروب وتمكينهن من كافة النواحي ليكون ذلك نقطة تحول للتعافي وعادة إدماجهن بشكل حقيقي وفعال في المجتمع.