كيف تستقبل نساء غزة الانتخابات بعد خمسة عشر عاماً من الانقسام
منذ أن أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن إجراء الانتخابات العامة الفلسطينية، وجميع المواطنين الفلسطينيين ينتظرون تنفيذ ذلك القرار على أرض الواقع لينهوا انقسام استمر ما يقارب (15) عام بين فصيلي فتح وحماس
رفيف اسليم
غزة- ، وخاصة النساء اللواتي خسرنَّ أبنائهنَّ، أو إخوانهنَّ، أو أزواجهنَّ نتيجة ذلك الانقسام وعانينَّ مرارة الفقد في وقت مبكر من العمر، يأملنَّ أن يتغير الوضع القائم للأفضل في ظل نجاح الانتخابات الحالية.
وقد تحدثت مجموعة من نساء قطاع غزة لوكالتنا "وكالة أنباء المرأة" عما يأملنهُ من الانتخابات الحالية وما عايشنه من تجارب أيضاً خلال خمسة عشر عاماً من الانقسام الفلسطيني.
تقول ميسون كحيل البالغة من العمر (44) عاماً سُعدت بإصدار مرسوم الانتخابات الفلسطينية ومتحمسة جداً لها، علها تؤسس لمرحلة جديدة يحتاجها الشعب، وتكون هامة وقيمة في ذات الوقت. لافتة إلى أن الفترة السابقة كانت فترة قاسية على الجميع في قطاع غزة كما حرمت مواطنيها من ممارسة الحق بالانتخاب والعيش في ظل حياة ديمقراطية تحترم التعددية الحزبية.
وتكمل حديثها بالقول إن ذلك الانقسام السياسي وفر أرض خصبة لأعداء القضية الفلسطينية وساهم في تجميد العمل الوطني الفلسطيني بصورته المعتادة، مضيفة أن غياب الديمقراطية ساعد "الاحتلال الإسرائيلي" على استغلال هذه الفترة بشكل فعال لتذويب القضية الفلسطينية والتمادي في أعماله التعسفية بحق المدنيين الفلسطينيين كمصادرة الأراضي وهدم البيوت واعتقال الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني ونهب جميع مقدراته.
وتعتقد ميسون كحيل أنه في حال تمت الانتخابات سيتغير الوضع في قطاع غزة للأفضل، وستحل العديد من الأمور العالقة وأهمها التفرغ للقضية الفلسطينية، كما سيتم التفاهم حول مشكلة الكهرباء والرواتب وانخفاض دخل العمال، والبطالة، والفقر، والمعبر، مرجحة أن يتم إلغاء الانتخابات في آخر لحظة كما يحدث في كل مرة وأن يبقى الوضع كما هو عليه بل ويزداد سوءً.
فيما لم تكن مي دهمان ذات (32) عاماً والتي فقدت زوجها خلال أحداث الانقسام الدموية متفائلة بالانتخابات الحالية فليس من السهل أن تصبح المرأة أرملة وهي بعمر (17) عاماً تحديداً مع وجود طفل، فتلك المعاناة والحديث "لمي" كانت كفيلة للقضاء على جميع أحلامها وطموحاتها بالتغير للأفضل؛ لأنها كانت كمن يدور في حلقة مغلقة.
وأشارت إلى أن عدم وجود انتخابات طوال الفترة الماضية اقتطع جزءً كبيراً من حاضر الشباب ومستقبلهم، فكان من الممكن خلال (15) عاماً أن تتغير الحكومة لـ 3 مرات من خلال الانتخابات واللجوء لصناديق الاقتراع التي لم تراها هي من قبل، لافتة إلى أنها لم تشارك في الانتخابات الماضية لعام (2007) وستكون هذه تجربتها الأولى وهي في الثانية والثلاثين من عمرها.
وتأمل مي دهمان أن تصلح الانتخابات الحالية الأخطاء التي ارتكبت خلال (15) عام الماضية، وأن يكون الهدف منها تصحيح الوضع المأساوي الذي يعاني منه سكان قطاع غزة، وخلق فرص جيدة للجيل الذي كان ضحية للانقسام وتوابعه، لكنها وكمواطنة من غزة تتوقع جميع الاحتمالات وخاصة مفاجئات اللحظة الأخيرة.
وتروي هداية حسنين ذات (20) عاماً أنها متحمسة جداً للانتخابات كفكرة، ولمشاهدة صناديق الاقتراع بعد غياب دام (15) عاماً، ولكن قد لا يكون ذلك مشابه للانطباع المتوقع لديها، مشيرة أن عدم إجراء الانتخابات طوال تلك الفترة فاقم من الانقسام الفلسطيني وعرقل المحاولات المستمرة لإجراء المصالحة وساهم في تكوين نظرة سوداوية لدى المواطنين في قطاع غزة بشكل عام.
وتضيف أن السيناريو السابق لما بعد الانتخابات ما زال يدور في ذهنها، فالسيطرة العسكرية بقوة السلاح من قبل حزب من الأحزاب المتنفذة على القطاع أمر وارد جدًا، مشيرة أن العملية الانتخابية قد تساهم في حفظ بعض الفرص من الضياع إن تم اختيار الحاكم وفق برنامج انتخابي سليم، لكن يبقى السيناريو المعاكس حاضر دائماً.
وتشير إلى أن الانتخابات الفلسطينية الحالية لم تأتي من رغبة القيادة الفلسطينية فقط بل جاءت إثر ضغط دولي كبير، تبعاً لحاجة المجتمع الدولي للتعامل مع جهة موحدة تمثل الفلسطينيين، متمنية كشابة أن تتم الانتخابات الحالية، لتُمنح فرصتها في التمكين والعمل ولا تضطر أن تعايش الواقع المرير الذي عانى منه الجيل السابق.
فيما لا تزال الشابة طيف البحيصي ذات (22) عاماً تذكر تلك المشاهد العالقة منذ عام (2007) من انقلاب عسكري وسجن وإهانة لأشخاص كان ذنبهم الوحيد انتمائهم للحزب الآخر، لافتة إلى أن الشعب الفلسطيني باختلاف فصائله من حق مواطنيه أن يختاروا من يمثلهم، وأن يكون هناك تقبل للآخر خاصة في مراكز الحكم، للقضاء على الانقسام والبطالة الذي يعد من أكبر العوائق في قطاع غزة.
وتعزو طيف البحيصي زيادة نسب القتل والاتجار بالمخدرات ومشاكل الكهرباء والاقتصاد لامتداد فترة الانقسام، مطالبة بحل القضايا العالقة قبل إجراء الانتخابات كمشكلات المعبر والمصالحة الفلسطينية وقضيتي القدس والتهويد أيضاً، التي بالكاد أصبحت تذكر في ظل زخم المشكلات الحالية، متمنية أن يترشح للانتخابات القادمة أشخاص ذوي برامج انتخابية جيدة قادرين على قيادة المرحلة القادمة.
ومن الجدير بالذكر أنه تم تحديد موعد إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية كخطوة أولى خلال (22) من شهر أيار/مايو المقبل، والتي تستند في قانونها لعام (2007) مع تعديل أجري على المادة رقم (1) بإقامة تلك الانتخابات بالتتالي، وليس بالتزامن كما نص القانون القديم، ومن ثم ستجرى الانتخابات الرئاسية في (31) تموز/يوليو، والمجلس الوطني في 31 آب/أغسطس 2021، بعد موافقة جميع الأطراف والفصائل الفلسطينية على ذلك.