هل ستلتزم "إسرائيل" باتفاقية وقف إطلاق النار مع غزة؟

انطلقت شرارة العدوان الأخير على قطاع غزة من القدس وتحديداً حي الشيخ جراح، وبعد رد حماس بعدة صواريخ على المناطق الإسرائيلية بدأ العدوان في العاشر من أيار/مايو واستمر 11 يوماً مخلفاً مئات الشهداء وآلاف الجرحى بينهم أطفال ونساء

رفيف اسليم
غزة ـ .
الخسائر التي خلفها العدوان لم تكن بشرية فقط فهناك أيضاً مئات الأبراج السكنية والبيوت والمؤسسات التي دمرت بالكامل، لكن فور انتهاء ذلك العدوان استطاع قطاع غزة وساكنيه استعادة الهدوء المفقود، والعودة لحياتهم الطبيعة كباقي الشعوب الآمنة، لكن السؤال المطروح هو هل سيدوم هذا الهدوء طويلاً؟، وهل من الممكن أن تتجدد تلك الغارات في أي وقت؟، هذه الأسئلة أجابت عليها المحللة السياسية عبير ثابت خلال حديث لوكالتنا.  
أوضحت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبير ثابت أن ما جرى خلال العدوان الأخير على قطاع غزة كان عبارة عن اتفاق لوقف إطلاق النار وليس هدنة، أي أنه من الممكن أن يعود أحد الطرفين للقتال من جديد في ظل عدم وجود شروط رادعة وملزمة لكليهما، مشيرةً إلى أن وضع الهدوء مقابل الهدوء من الممكن أن يلغيه الإسرائيلي عن طريق العودة لسياسة اغتيالات القادة بحركة حماس لترد بدورها على هجماته. 
وأشارت إلى أنه "خلال أي عدوان سابق على قطاع غزة كانت توقع إسرائيل على اتفاق تهدئة يضع شروط ملزمة لعدم عودة الطرفين للاقتتال من جديد لسنوات طويلة تحددها الاتفاقية والدول المشرفة على توقيعها، وكانت تشمل الهدنة أيضاً الاتفاق على عدة أمور أخرى مفصلية في حياة السكان بقطاع غزة، كفتح المعابر وتحديد مساحة الصيد، ودخول المواد التموينية كما حدث خلال عدوان (2014) على القطاع".
وأوضحت عبير ثابت أن "الانتصار في أي حرب بالعالم يكون سياسي معنوي أي أنها ليست أهداف تنجز على أرض الواقع، لذلك ينسب للمقاومة الفلسطينية أنها المنتصرة من خلال توجيهها عدة ضربات موجعة للإسرائيليين منها تعطيل الاقتصاد بنسبة (20%) وتوقيف المطارات وكسر قاعدة أن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الذي لا يقهر لدى العالم العربي والأجنبي والتخبط بالجبهة السياسية الداخلية الإسرائيلية الذي ظهر من خلال عدة أمور". 
وأشارت إلى أن "الخلاف بين الرئيس الأمريكي جون بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي كان داعم للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال الانتخابات الأمريكية السابقة ظهر بشكل واضح خلال العدوان، عندما طالب بايدن خلال أربعة اتصالات بإنهاء العدوان، لكن نتنياهو كان يطالب كل مرة بمنحه 48 ساعة إضافية، وبالمقابل استقرت الجبهة الداخلية الفلسطينية، كما تم الاتفاق على إعادة إعمار القطاع من جديد".
وبينت عبير ثابت أن "خطابات المقاومة كانت تؤثر بالإسرائيليين بدليل أن الاحتلال كان قد هدد بقصف بناء كامل لكن بفعل تهديدات المقاومة بضرب أبراج تقع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة تظاهر الرأي العام الإسرائيلي على حكومته وبالفعل تراجعت عن قرارها حفاظاً على سلامة المدنيين لديها، كذلك المؤسسات الاقتصادية والعسكرية كانت قد رفعت عدة توصيات بإنهاء العدوان على قطاع غزة لاستعادة الهدوء داخل الأراضي المحتلة".
ومن خلال متابعة ما تم نشره عبر الإعلام العبري ترى عبير ثابت أن المقاومة الفلسطينية فرضت رؤيتها واستطاعت تحقيق بعض أهدافها من خلال استعادة تعاطف الرأي العام العربي والدولي معها، مشيرةً إلى أن لوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في ذلك بعد أن كان من يتحكم بوسائل الإعلام في العالم أجمع هاخامات يهودية تحدد ما الذي يجب أن يبث وتقيد أي صوت يحاول نصرة الفلسطينيين وإظهار ممارسات الجيش الإسرائيلي بالمقابل، كما تقول.
وبينت عبير ثابت أن المقاومة الفلسطينية مارست حقها الذي تكفله جميع الشرائع والقوانين الدولية والذي دعمه 20 عضو من عدة دول في اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من خلال التصويت على وقف إطلاق النار ومنع المصادقة على صفقة الأسلحة بين أمريكا وإسرائيل، "بالرغم من ذلك تبقى إسرائيل هي من تملك ميزان القوى لذلك هي من فرضت أن وقف العدوان سيتم عن طريق وقف إطلاق النار وليس هدنة".
وفي تفاصيل الهدوء المفاجئ الذي فرضته إسرائيل توضح عبير ثابت أن الإعلام العبري متحفظ جداً فلا يتم الحديث خلاله عن الخسائر المادية أو عن عدد الضحايا الحقيقي لديهم "لا يريدوا ترويع مهاجريهم، فذلك المهاجر الإسرائيلي ما يربطه بأرض فلسطين هو العمل والأمان والبحث عن الرفاهية على عكس بعض الجماعات المتدينة فإن فقد جميع تلك الأمور سيضطره للمغادرة والعودة لبلده الأصلي". 
وترى عبير ثابت أن "من الممكن أن تعود إسرائيل لشن عدوان على قطاع غزة من جديد في أي وقت خاصة بعد أن كسرت المقاومة صورة جيشها الذي لا يقهر بإمكانياتها البسيطة، فما ستركز عليه إسرائيل في الوقت الحالي هو استعادة هيبتها السياسية في المنطقة خاصة أمام حزب الله، ولن يهمها الخسائر المادية وستعاود سياسة اغتيالات القادة الفلسطينيين من جديد".  
وعند سؤالها عن إمكانية إجراء صفقة لتبادل الأسرى من جديد قالت إنها لا ترجح ذلك "إن توقيع الصفقة يحتاج لقائد قوي محنك صاحب كاريزما سياسة مثل بنيامين نتانياهو على عكس نفتالي بينيت القائد المرشح ضمن الفترة الحالية، عدا عن رفض بينيت لصفقة تبادل الأسرى عام (2011)، تلك الاتفاقية لن تكون سهلة خاصة أنها ستشمل أسماء مناضلين فلسطينيين كبار فلن يكون قرار الإفراج عنهم سهلاً". 
واختتمت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبير ثابت حديثها بالتأكيد على أن "الفترة الحالية ستشمل تصريحات نارية من قبل الحكومة الإسرائيلية مع توسيع البؤر الاستيطانية في الأراضي المحتلة والاستمرار بسياسة اقتلاع الفلسطيني من أرضه كما يحدث في بلدات الشيخ جراح وسلون وبطن الهوى وغيرها من القرى الفلسطينية التي تحيط المسجد الأقصى بشكل دائري جميع الجهات مع زيادة الهجمات الاستيطانية والاعتقالات لفرض نفوذهم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة من جديد".