في ظل الحرب الإسرائيلية الإيرانية... غزة إلى أين؟
بات الوضع في قطاع غزة أكثر تعقيداً في ظل تصاعد الحرب بين القوات الإسرائيلية وإيران، إذ أصبحت غزة في قلب معادلة إقليمية متغيرة، تتأرجح بين التهميش والتصعيد.

رفيف اسليم
غزة ـ منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وأنظار العالم تتجه نحو تداعيات تلك الحرب الاقتصادية والعسكرية، وما مدى تأثيرها على الحرب في قطاع غزة، فهل سيربط مصير القطاع بما ستؤول إليه أمور المفاوضات الإيرانية، أم ستمنح غزة هدنة مؤقتة لتستريح "إسرائيل" من جبهة مفتوحة بالفعل، خاصة مع وفد المفاوضين الإسرائيلي الفلسطيني الذي يمكث في القاهرة منذ أول أمس.
حول الحرب الإسرائيلية الإيرانية، تقول الباحثة في مجال السياسة دانة حبوب "نحن لا نتحدث عن مواجهة جديدة، بل عن لحظة فارقة أعادت رسم قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط"، لافتة إلى أن الضربات الإسرائيلية على إيران المكثفة بدأت بالفعل في 13 حزيران الجاري، مستهدفة مواقع نووية وعسكرية في عدة مدن.
وقد ردت إيران على تلك الهجمات بسيل من المسيرات والصواريخ تحت مسمى الموجة الأولى من الرد العسكري، لتدخل في 21 حزيران/يونيو، الولايات المتحدة الأمريكية عسكرياً بشكل مباشر، بضربات دقيقة على 3 مواقع نووية عبر قاذفات B-2، مؤكدة أن الهدف هو إعادة إيران سنوات للوراء نووياً.
وعن تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية، لفتت إلى أن "إيران أصيبت استراتيجياً، لكنها لم تهزم قوات الحرس الثوري التي ما زالت فاعلة في العراق واليمن وسوريا، بينما "إسرائيل" خرجت بيد عليا، لكنها أصبحت أكثر عزلة إقليمياً حتى في ظل الدعم الأمريكي"، مضيفةً "على صعيد الخليج العربي أصبح بأكمله متأهب، خاصة مع تهديد ممرات الملاحة الدولية، مما يعني هذه الحرب لا تقاس بالصواريخ فقط بل بارتداداتها الاقتصادية والأمنية".
وعن مصير غزة، أوضحت أنه "لا يمكننا الجزم بأن مصير قطاع غزة بات مرهوناً بتلك الحرب، كما لا يمكننا القول بأنها معزولة عنه والسبب كون غزة جزء من شبكة توازنات إقليمية تتأثر مباشرة بصعود وهبوط النفوذ الإيراني، لكنها ليست ذليلة لأي محور فهي ساحة قائمة بذاتها لها شروطها ومقاومتها وإرادتها".
ورجحت أنه إذا ما تراجعت إيران عسكرياً يمكن رؤية القوات الإسرائيلية تميل إلى الحسم السريع في قطاع غزة، بينما إذا ما توسعت المواجهة الإيرانية، ستمنح غزة "فرصة تنفس" سياسي أو ميداني مؤقت، مؤكدة أن مصير القطاع سيبقى رهيناً بالإدارة الفلسطينية الداخلية وبالضغط الدولي، لا فقط بحركة الإقليم.
وعن جولة المفاوضات الحالية في مصر، أشارت إلى أن القوات الإسرائيلية ستوافق على هدنة في قطاع غزة إن رأت فيها فرصة لإعادة التموضع وتحسين صورتها دولياً، بينما لن تقبل حركة حماس بوقف لإطلاق النار دون مقابل إنساني واضح (ممرات، معابر) أي دون ضمانات حقيقة لدخول الغذاء والدواء.
وترى دانة حبوب أن الإدارة الأمريكية قد تدعم حدوث هدنة إنسانية في قطاع غزة، لكن بشرط ظهور واشنطن هي صاحبة القرار، والملف بيدها لا بيد تل أبيب أو حماس، لافتة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس مثل عام 2020، فهو اليوم يتحدث بلغة الهيمنة المؤقتة ويرجح الحسم مع إيران وخلق فرصة لتثبيت التفوق الأمريكي الإسرائيلي في وقت واحد.
وأكدت أنه ما بين جولات المفاوضات المفتوحة في غزة، أعلنت الأمم المتحدة قطاع غزة منطقة غير قابلة للسكن، فقد سجلت وزارة الصحة الفلسطينية 55 ألف و700 قتيل، و130 ألف و100 مصاب، في ظل نظام صحي متهالك، ومخازن غذاء فارغة بالكامل، ومنازل مدمرة فما بين كل 4 منازل 3 منها مدمرة بالكامل ولا تصلح للسكن، مشددة أن الموت بغزة ليس فقط تحت الأنقاض بل في صمت العالم، واستمرار إغلاق المعابر، وانتظار شاحنات الطحين على بوابات مجهولة.
وترجح دانة حبوب أن المشهد القادم سيكون متوتراً متشابكاً، مفتوحاً على احتمالين، الأول تصعيد إقليمي أوسع إذا ردت إيران بشكل غير متوقع أو خرجت الأوضاع في اليمن ولبنان عن السيطرة، أو هدوء تكتيكي مؤقت تمليه حسابات انتخابية أمريكية وضغوط أوروبية، بينما في غزة طالما لا يوجد وقف إطلاق نار شامل، أو ضمانات دولية جدية تفضي بذلك ما بعد الهدن قصيرة الأمد، فإن كل يوم سيبقى مفتوح على المجازر والمجهول.