في انتخابات المجلس الرئاسي والحكومة في ليبيا... لماذا لم تترشح المرأة في المنطقة الشرقية؟

أعلنت الأمم المتحدة يوم الاثنين الأول من شباط/فبراير، أنها اعتمدت 21 مرشحاً لرئاسة مجلس الوزراء الليبي، و24 مرشحاً لعضوية المجلس الرئاسي عقب يومين من انتهاء مهلة تلقي ترشيحات مناصب السلطة التنفيذية الجديدة

ابتسام اغفير
بنغازي ـ التي يفترض أن تقود ليبيا خلال مرحلة انتقالية حتى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر المقبل.
ترشحت امرأتان من المنطقة الغربية لمنصب المجلس الرئاسي، بينما لم تترشح أي من النساء في المنطقتين الشرقية والجنوبية لأي من هذين المنصبين على الرغم من نشاطهن السياسي والاجتماعات التي تعقد بين الحين والآخر لدعم النخب النسائية للمشاركة في الانتخابات سواءً المحلية أو العامة، ولمعرفة أسباب عزوف المرأة الشرقية للترشح لهذه الانتخابات ألتقت وكالتنا بالمحامية والناشطة الحقوقية فاطمة شنيب، تقول "المشاركة السياسية للمرأة مهمة وخصوصاً أن المواثيق والاتفاقيات الدولية تنص على ضرورة مشاركتها سياسياً، فأحد بنود قرار (1325) ينص على مشاركة المرأة سياسياً ودعمها، وتلا هذا القرار عدة قرارات تحث على المشاركة السياسية للمرأة، لذلك لابد من دعم المرأة وإشراكها في المراكز السياسية إسوة بالرجل في ظل النزاعات التي تشهدها منطقة ليبيا؛ لأن المرأة تتمتع بالكفاءات ولديها مؤهلات عالية تؤهلهن إلى رئاسة الدولة وليست الوزرات فقط". 
 
"وصول المرأة مكسب لنا كنساء"
وتضيف فاطمة شنيب "التقينا العديد من النساء من أجل ترشيحهن للمجلس الرئاسي أو في الحكومة، ولكن بعضهن غير راغبات، وينتابهن الشك وليس لديهن ثقة بأنفسهن، لكن حصول المرأة على حقيبة سيادية سواءً أكانت من المنطقة الغربية أو الشرقية أو الجنوبية هو مكسب لنا كنساء في كل الأحوال، وخصوصاً بعد عرض الاستاذة إيمان الكشر للبرنامج الانتخابي الخاص بها والذي نال استحسان جميع الحاضرين".
وأكدت على ضرورة توجيه المرأة للمرأة كي تكون موجودة في مراكز صنع القرار، قائلة "أتمنى في الترشيحات الأخرى أن تكون هناك نساء من المنطقة الشرقية، وأن نراهن في المناصب القيادية مثل العدل والخارجية والداخلية، فالمرأة الليبية قادرة على أن تقود المرحلة وقادرة على أحداث التغيير والفارق".
 
"أعرافنا الاجتماعية قد تكون سبب العزوف"
وعن دعم النساء في المنطقة الشرقية لخوض الانتخابات العامة في المرة القادمة، وِأسباب عزوفهن تقول "سيتم اللقاء مع النساء والتعرف على أسباب عزوفهن عن التقدم، فنحن لدينا موروث وأعراف اجتماعية هي السبب، فما زال أمامنا الكثير لتصل المرأة إلى المناصب القيادية، لذلك لابد من الضغط على صناع القرار وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا لزيادة تمكين المرأة. فالمرأة الليبية امرأة ناجحة وصبورة ومكافحة ولدينا ثقة كبيرة بها أينما كانت وستكون".
 
"المجتمع الذكوري لا يقبل تصدر المرأة للمشهد السياسي"
الصحافية هند الهوني كانت لها تجربة سابقة في الترشح لانتخابات المؤتمر الوطني في ليبيا وتحدثت لنا عن أسباب العزوف وماهي الضغوط التي قد تتعرض له المرأة أثناء الترشح قائلةً "المجتمع الليبي مجتمع ذكوري لا يقبل تصدر المرأة المشهد السياسي، رغم جدارتها في الواقع. فالمرأة تحتاج أن يؤمن بقدراتها ويدعمها الرجل ليس لأنه الأقوى أو الأصلح ولكن لكونه شريكها في الحياة على هذه البقعة من الأرض".
وتكمل حديثها "يجب أن تختفي الصورة النمطية للمرأة في البيئة الليبية، فبدلاً من توارث العادات والتمسك بتلك التقاليد التي تقول "المرأة ما لها إلا حوشها" لدرجة أن شريحة واسعة تربين بطريقة الانصياع الكامل للرجل الأمر الذي أفقدهن روح القيادة، فالمرأة نفسها تجد الترشح أمر قد يفوق قدرتها على العطاء خصوصاً وأنها لا تجد دعم كبير، والمرأة وأن حاولت التحرر فهي قابعة في جذور البيئة الليبية، فنحن في بلد لا يؤمن بالكفاءات وإنما لدية اعتبارات أخرى كــ (القبيلة، سلطة القوة، سلطة المال)، ولا نغفل أن ليبيا ليست دولة قانون إلى الآن، وتكوين المرأة يختلف بيولوجيا عن الرجل فهي تخاف بدرجة أكبر أن تؤذي نفسها أو أهلها من وراء كسر القاعدة للترشح، فتبقى المرأة الليبية بين مطرقة وسندان التهديد والتعرض لها أن خاطرت بنفسها، أو أن يتم استغلالها".
 
"عدم الثقة بالنفس حاجز يعرقل المرأة"
وتقول بأن مسألة دعم المرأة تأتي من الرجل الذي يجب عليه أن يغير نظرته ويتقبل حضورها ويقدرها بحسب قيمة عملها وما تقدمه لبلادها وليس بمقاييس الجمال الأنثوية.
وتروي لنا هند الهوني قصة حدثت معها أثناء ترشحها للمؤتمر الوطني كأول عملية انتخابية في ليبيا بعد ثورة شباط/فبراير 2011 "لم أكن الوحيدة في هذا الكيان الذي ضم فتيات من عائلات عريقة وعلى درجة من العلم وحُسن التربية ولأن برنامج الترشح يشمل القيام بحملات دعاية تتضمن صور المترشحين مع الأهداف ونشرها وتوزيعها، فكان هناك قبل دخولي هذا المعترك السياسي من تقدم لخطبتي، وما أن شاهد الصور بالأماكن العامة حتى وصلتني منه رسالة "حلوة وأنا أخذ وحدة صورها مطرطشات في الشوارع يتفرجوا عليها الناس" في تلك الفترة كنت أعمل بكل ثقة ولم أجد في ترشحي مع باقي المجموعة أي عائق، وحظيت بدعم من أسرتي، لذلك أقول بأن عدم الثقة يشكل حاجز أخر يعرقل إنجازات المرأة". 
وتضيف هند الهوني بأن "هناك الكثير من النساء الليبيات على السوشيال ميديا تحت مصطلح "تريند"، وتعكس مواضيعهن صور تحرر المرأة، ولكن يبقى تحرر وهمي في العالم الافتراضي لأنها لا تستطيع أن تكون بهذه الشخصية في المحيط الليبي، إن الشخصية الواعية القادرة على التغيير ليس لديها القوة للتحرك ولا تملك دعم ويتم محاربتها، والشخصيات ذات الاهتمامات الحياتية يملكن قوة الدعم والمال، ولكن ليست لديهن روح القيادة والوعي السياسي". 
 
الشللية وهيمنة ذات الوجوه
تقول الشاعرة عائشة بازاما "أن الشللية "مجموعات" التي هيمنت علينا لم تترك مجالاً للنساء الفاعلات، فهناك اجتماعات تقام دائماً لنفس الشخصيات، ويقررن عن بقية النساء بدون علمهن وبدون إعلان أو توجيه، لذلك أقول لمن ستتجه النساء اللواتي لهن رغبة في الترشح؟".
وتضيف عائشة بازاما بأن "المخلصات للبلد لن يترشحن في وجود نفس الوجوه المملة، وفي وسط مجموعات لا هم لها إلا الظهور على الشاشات، وثقافتها العملية والعلمية وحتى ذكاؤها صفر".