ضعف مشاركة الشابات في الحياة السياسية سيعمق الفجوة بين القوانين
تسببت النظرة الذكورية والصور النمطية التي كرسها المجتمع، بالإضافة إلى جملة من القيود المفروضة على الشابات في ضعف أو انعدام مشاركتهن في العمل السياسي.
رفيف اسليم
غزة ـ على الرغم من زخم الحالة السياسية الفلسطينية إلا أن هناك انعدام لمشاركة الشابات، فغالباً ما تتصدر القوائم والأحزاب نساء في العقد الرابع من العمر أو ربما أكثر مما شكل هناك فجوة ما بين تلك الشابات والقيادات الحزبية النسوية في فلسطين، فكيف يمكن ردم تلك الفجوة وتمكينهن للاستفادة من خبرات السابقات لهن.
قالت المحللة السياسية رهام عودة إن مشاركة الشابات في الحياة السياسية ضعيفة وتكاد تكون معدومة، مبينة أن المشاركة في العملية الديمقراطية بمعناها الكامل تبدأ من الترشح للانتخابات، والتصويت لمرشحي المجلس التشريعي، والبلديات والرئاسي، إضافة إلى الانضمام للأحزاب والحركات أي كانت.
وأضافت أن هناك أوجه أخرى مختلفة كالمشاركة بالأنشطة والحركات والمظاهرات، والتعبير عن الرأي السياسي من خلال المقالات واستطلاعات الرأي، ومساءلة السلطات والبلديات عن الأنشطة والخدمات الأساسية التي تقدمها للمواطنين، ومدى تطبيق الحكومة لمبادئ الديمقراطية التي تراعي مصالح الشعب.
وبينت أن المجتمع الفلسطيني وضع الشابات في قوالب مشاركة اجتماعية محددة تطغو على تلك السياسية لتشجيع قيامهن بالدور الانجابي المتمحور حول تكوين الأسرة ورعاية الأبناء، مما تسبب بقلة عدد المشاركات في الحياة السياسية وحصرها فقط على الرجال، فتحولت المرأة من مناضلة إلى ربة منزل، متناسية تاريخها مع تقدم الأجيال وترسيخ الصورة النمطية بأن النساء لا تصلحن لقيادة العمل السياسي.
ومن أسباب قصور مشاركة الشابات في الحياة السياسية، وفقاً لرهام عودة، هي حالة الركود التي يشهدها قطاع غزة فمنذ 17 عام لم تجري الانتخابات، بالتالي تلك الشابات لم تقمن بانتخاب من يمثلهن ولو لمرة واحدة في حياتهن مما ولد لديهن حالة من الإحباط في ظل مستقبل مبهم المعالم لا وجود لملامح حياة كريمة فلا وظائف أو حرية اختيار من يمثلهن.
أما عن دور قيادات العمل النسوي في إشراك تلك الشابات، أوضحت أن هناك فجوة على صعيد التفكير والاهتمامات أصبح من الصعب ردمها، فاهتمامات الشابات هو السفر للخارج بغرض التعليم ومتابعة مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي، بينما تلك القيادات تربوا على نهج القراءة المستنيرة والثقافة والوعي في كافة القضايا.
وقالت رهام عودة إن الأحزاب تتعامل مع تلك النماذج النسوية على أنهن أمهات العمل السياسي، فتبقى تلك القيادات النسوية تتبع ذات الأيديولوجية التي يتبناها حزبها السياسي ولا تقوم بأي تغيير أو تجديد لمحاولة استقطاب جيل الشابات، ويصبح جل ما يمكن أن تقدمه لهن هي مجموعة من التدريبات التثقيفية في المجال السياسي التي تساعد على توسيع آفاق فكرهن.
وعن الجهود التي من الممكن بذلها، أشارت إلى أن الوقت ما يزال يسمح للقيادات النسوية بخلق نموذج من تلك الشابات ونقلها للمجتمع كي تكون قدوة، من خلال استخدام الوسائل المتاحة أبرزها وسائل التواصل الاجتماعي، لافتة إلى أن إنشاء العديد من مقاطع الفيديو التي تتحدث بها الشابات عن أهمية الانخراط في العمل السياسي تعتبر من أبرز الطرق لجذب أخريات، إضافة إلى كتابة المقالات.
وأوضحت أن أبرز صور المشاركة السياسية التي تستطيع الشابات البدء بها هي المشاركة في حملات الضغط والمناصرة والمشاركة في عملية التغيير السلمي، كتلك الحملة التي قادتها الشابة المقدسية منى الكرد عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت سبب لإعادة البوصلة نحو الحديث عن حقوق المقدسيين في استعادة منازلهم من المستوطنين على المستويين الدولي والإقليمي.
وحول الأسباب التي أدت إلى تراجع الكثير من الشابات من الانخراط في العمل السياسي، قالت إن النظرة الذكورية للمجتمع تمنع الشابات الفلسطينيات من الإفصاح عن آراءهن أو تنفيذ ما خططن له في ظل جملة من القيود المفروضة، عدا عن الصورة النمطية التي تكونت عن النساء كونهن مترددات ولا تصلحن لاتخاذ القرارات الحاسمة في المجتمع تلك الجملة من العوائق صعبت من عملية الدمج والمشاركة بالحياة السياسية.
وأكدت رهام عودة أن غياب الشابات عن المشاركة في الحياة السياسية وعدم استفادتهن من النماذج والخبرات النسوية سيؤدي إلى حدوث فجوة في المجتمع وسيطرة من قبل الرجال على مواقع اتخاذ القرار، بالتالي ستنتج قرارات ذكورية بحتة لا تراعي حقوق النساء واحتياجهن التي يجب أن تلبيها السلطات الحاكمة في شتى المجالات.