بشرى علي: نطمح في جين للعب دور رائد بردع الاحتلال... والمرأة رغم القمع تقاوم

ـ تسعى رابطة جين إلى نشر الوعي وتعزيز ثقافة الحوار وتبادل الخبرات، من خلال التشبيك والتحالف مع النساء من مختلف الدول العربية والإقليمية، كما استقاء العِبَر من النضالات النسائية ولاسيما الثورة النسائية في شمال شرق سوريا. على الرغم من أن "جين" لم تبلغ عامها الأول إلا أنّها استطاعت بنشاطاتها المتنوعة أن تؤسس لمبادرتين إقليميتين إلى جانب عدد من الندوات وحلقات التوعية

كارولين بزي
بيروت ـ تسعى رابطة جين إلى نشر الوعي وتعزيز ثقافة الحوار وتبادل الخبرات، من خلال التشبيك والتحالف مع النساء من مختلف الدول العربية والإقليمية، كما استقاء العِبَر من النضالات النسائية ولاسيما الثورة النسائية في شمال شرق سوريا. على الرغم من أن "جين" لم تبلغ عامها الأول إلا أنّها استطاعت بنشاطاتها المتنوعة أن تؤسس لمبادرتين إقليميتين إلى جانب عدد من الندوات وحلقات التوعية. 
 
دلالة اسم الرابطة يعني "المرأة هي الحياة والأصل"
تتحدث رئيسة الرابطة بشرى علي لوكالتنا عن جين، تقول "رابطة جين هي جمعية مدنية غير حكومية معنية بشؤون المرأة وتهدف إلى تمكين وتوعية المرأة ومن بين أهم طموحاتها التشبيك ما بين النساء وتعزيز الحوار المتبادل بينهن وتبادل الخبرات، وتطمح أيضاً إلى تأسيس تحالفات نسائية". 
وتوضّح الدلالات التي تحملها اسم الرابطة وتقول "يحمل اسم جين دلالة رمزية، إذ لكلمة جين أكثر من معنى باللغة الكردية، فهو يعني المرأة ويعني الحياة، ولكن له أيضاً دلالة باللغة العربية وهو مفرد كلمة الجينات أو الموروثات يعني الأصل، إذا جمعنا المعاني الكردية والعربية نجد معادلة المرأة هي الحياة والأصل، ونحن نعمل على هذا النسق لنثبت أنّ المرأة الحرة والواعية والمرأة ذات الشخصية القوية والمدركة لذاتها ولقضاياها ولهمومها وبالوقت نفسه لسبل حل هذه الهموم، ستكون هي أصل الحياة وهي الأصل بكل معنى الكلمة".
تعترض بشرى علي مقولة أنّ "المرأة نصف المجتمع"، وتعتبرها العمود الفقري للمجتمع، ولكن ذلك لا يعني إلغاء الجنس الآخر، وتابعت حديثها "أتحدث من منطلق الثنائية التي تكمل بعضها البعض والمرأة ككيان مستقل بذاته، قائم بذاته كإنسان بكل معنى الكلمة".
وأضافت "تأسست رابطة جين في 30 حزيران/يونيو 2020، أي نحن الآن نحتفل بمرور عام على تأسيسها. تنوعت نشاطات الرابطة وتشعبت وخاضت مختلف المجالات ولكن كلها تصب بإطار التمكين، التشبيك، التحاور والتأسيس للعمل المشترك. بدءاً من حلقات التوعية التي نركّز فيها على القضايا النسائية، وعلى تقديم رؤية جديدة فيما يتعلق بقضايا النساء، مثل علاقة المرأة بالسياسة ومعنى السياسة الحقيقي، وكذلك علاقتها بالاقتصاد، بالإضافة إلى قضايا اجتماعية، حقوقية وقانونية".
 
"تاريخ المرأة أحد محاور حلقات التوعية في المستقبل"
قالت بشرى علي "حددنا إطار العمل والجدول الزمني لحلقات التوعية ونحن نسير على أساسه، وسنتناول في المستقبل القريب ضمن هذه الحلقات تاريخ المرأة، ما هو تاريخ المرأة؟ إذ إنّه موضوع لم يتناوله أحد، للمرأة تاريخ طويل بنضالاتها، مقاومتها وحتى انكساراتها، ونحاول من خلال هذه الحلقات أن نستفيد من التجارب النضالية الموجودة سواء في لبنان أو في الدول العربية والإقليمية الأخرى. ندرس شخصيات نسائية أصبحن رموزاً في بلدانهن أو حتى الحركات النسائية الموجودة، ويمكن أن يكون هناك انتقادات للوضع النضالي النسائي الحالي، ولكن الحقيقة التي لا يمكن أن نغض الطرف عنها أن النضالات النسائية الحقيقية وصلت إلى مستوى جدير بإعادة قرأته وتحليله بشكل صحيح، خاصةً من بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة بما يسمى "الربيع العربي"، إذ نلاحظ صعوداً بارزاً وحضوراً واسعاً للنضالات النسائية، حتى إن أغلب الثورات الجماهيرية كانت فيها المرأة في المقدمة، هي التي أشعلت فتيل هذه الثورات وهذا الحراك الجماهيري، حتى أنّه كان للمرأة حضوراً رائداً في الحراك اللبناني".
وعن أهمية صورة المرأة وحضورها البارز في الثورات، تقول "هذه الصورة توضح أنّ المرأة لا تزال رغم كل مظاهر العنف والقمع تقاوم، لكي تحصل على حقوقها وحرياتها وتثبت بأنها مواطنة فاعلة في مجتمعها وبلدها وحتى بالمنطقة بشكل عام، كما أنّ لهذا الحضور أيضاً ردة فعل على الأنظمة الأبوية البطريركية".
وتتناول بعض الأهداف التي ترنو إليها الرابطة، وتقول "نحن نركّز على قضايا لم يتناولها أحد أو تم التطرق إليها بشكل ثانوي، نحاول أن نقدّم رؤية جديدة لكي نتميز بأسلوب جديد لا أن نكون عدداً إضافياً".
وتؤكّد "أمامنا تحديات كبيرة كعمل نسائي وأمامنا فرص كثيرة، ومن الأهمية في مكان أن نعرف كيف نواجه هذه التحديات وكيف نخط مسيرنا لنستغل الفرص والأهداف هذه، وهذه الأهداف التي لا يمكن أن تحققها جمعية أو اثنتان بل هي بحاجة إلى وحدة نسائية وعمل متكامل، لذلك نركز على العمل المشترك بالتشبيك والاتحاد والتحالف".
 
"مبادرتان تجمعان منظمات وجمعيات عربية وإقليمية"
وتتابع "بهذه النقاط نحاول أن نقدم شيئاً جديداً مستوحى من التجارب الموجودة في المنطقة ولكن من زاوية مختلفة. هناك قصور في الرؤية فيما يتعلق بالرؤية النقدية للنضال النسوي في المنطقة، يعني هناك الكثير من النضالات النسائية ولكن هناك قلة تتحلى بالجرأة في تسليط الضوء على كل نقاط الخلل والأخطاء الموجودة في النضالات والسياسات المعتمدة في هذه النضالات وحتى رؤية هذه النضالات، ونحن نحاول أن نسلّط الضوء عليها".
وتحدثت بشرى علي عن المبادرتين اللتين تعمل عليهما جين مع عدد من الجمعيات والمنظمات النسائية عربياً وإقليمياً، "نحن في رابطة جين أعضاء مؤسسين لمبادرتين نسائيتين إقليميتين، هاتان المبادرتان تجمعان جمعيات وشخصيات نسائية من أكثر من سبعة بلدان وعلى الرغم من أنّ لكل جمعية رؤيتها الخاصة، وخلفيتها السياسية الخاصة، ولكننا مع ذلك لغاية الآن نحن في الاتجاه الصحيح، لأننا نركّز على ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا وهذه النقطة التي نحاول أن نتميز بها، وندرك أنّ التركيز على القواسم المشتركة هو أمر صعب ولكننا نحاول أن نعمل عليه بشكل دائم".
ولفتت إلى أنّ "القضايا النسائية هي القاسم المشترك بيننا، ونحاول أن نركّز على أكبر كم من القضايا التي تجمعنا والإفادة من التجارب وتبادلها ومحاولة فهم الآخر والاحترام المتبادل لبعضنا البعض ولأفكار بعضنا البعض رغم الاختلاف".
 
"مبادرة قوتنا بوحدتنا"
وتفند المبادرتين وتتحدث عنهما بالتفصيل، "المبادرة الأولى هي مبادرة "قوتنا بوحدتنا"، كنا نعمل على عقد مؤتمر نسائي إقليمي على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكان من المفترض أن يعقد في أيار/مايو الماضي، ولكن كورونا دفعتنا إلى تأجيله، وهو المؤتمر الثاني بعد عقد المؤتمر الأول في تركيا في العام 2013، وهذا يعتبر استمرار للمؤتمر الأول".
اللجنة التحضيرية لهذا المؤتمر تضم تسع جمعيات نسائية من سبعة بلدان وهي سوريا، العراق، تركيا، تونس، فلسطين، ومصر ومن لبنان نشارك بثلاث جمعيات وهي "جين والتجمع النسائي الديمقراطي اللبناني ورابطة النوروز الثقافية الاجتماعية".
وتابعت "بعدما تعرقل عقد المؤتمر، قررنا في اللجنة التحضيرية أن نطلق مبادرة إقليمية تقوم بنشاطات كل بلد حسب أوضاعه وفي الوقت نفسه ندرس الوضع عن قرب لعقد المؤتمر، وهكذا بدأنا بعدة نشاطات ميدانية ورقمية، نظمنا العديد من المحاضرات والندوات وشاركنا بأخرى، حتى بداية عام 2021، ثم أعدنا النظر ووجدنا أن الوضع يتحسن ويمكن أن نعقد المؤتمر، وحالياً نجهز للمؤتمر الذي سيقام في أواخر تموز/يوليو المقبل".
وترجح أن يتبنى المؤتمر اسم المبادرة بشكل رسمي "قوتنا بوحدتنا" وعلى أثره يتم تشكيل التحالف النسائي الإقليمي، وأكدت بأن هذا القرار يعود لتوصيات المؤتمر بالنهاية.
 
"مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء من أجل الأمن والسلام"
تحدثت عن المبادرة الثانية وظروف ولادتها، "المبادرة الثانية هي مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء من أجل الأمن والسلام، ناقشنا في نهاية العام الماضي مع عدد من الجمعيات النسائية من عدد من البلدان بأن ظاهرة الاحتلال تتفشى أكثر وأكثر وتطال النساء بصورة أكبر، ويبدو أننا لن ننتهي منها بسهولة والضحية الأكبر فيها هي المرأة والأطفال، وسألنا أنفسنا إلى متى سنبقى متفرجات؟ أو مقاوماتنا ومحاولاتنا في مناهضة ظاهرة الاحتلال والحروب مشتتة، خاصة أننا نتحدث عن السودان واليمن ومصر ولبنان والعراق وسوريا وفلسطين وغيرها من البلدان".     
وتابعت "تواصلنا مع العديد من المنظمات النسائية من سبعة بلدان وهي مصر، لبنان، فلسطين، العراق، سوريا وتونس وتركيا، ناقشنا معهم وطرحنا عدة أفكار لنقوم بشيء جدي، واقترحنا في الاجتماع التشاوري الأول أن نؤسس مبادرة، وتوصلنا إلى هذه الاسم، مناهضة الاحتلال وإبادة النساء من أجل الأمن والسلام، لأن الاحتلال وإبادة النساء مرتبطان، والهدف من مناهضة الاحتلال وإبادة النساء هو الوصول إلى الأمن والسلام".
وأضافت "بدأنا بـ 12 منظمة من سبعة بلدان وأصبحنا 35 منظمة وجمعية من عشرة بلدان، أصدرنا بيان مشترك، وأعلنا عن تأسيس المبادرة بـ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2020، وهذا التاريخ له دلالة وهو ذكرى اغتيال الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف التي تم اغتيالها على يد المرتزقة التابعة للدولة التركية، وهذا الاغتيال ناتج عن الاحتلال التركي".
وعن النشاطات التي تتعلق بالمبادرة، أوضحت "نظّمنا العديد من النشاطات ضمن هذه المبادرة، منها ندوات ووقفات رمزية تنديداً بظواهر معينة مرتبطة بالاحتلال وإبادة النساء".
 
"الثورة النسائية في شمال وشرق سوريا جديرة بالاهتمام"
ولفتت إلى أهمية الثورة النسائية التي تحصل في شمال وشرق سوريا، "هي ثورة جديرة بالدراسة والاهتمام والغوص فيها وبتفاصيلها"، وتابعت "من الأهمية أن ندرس هذه الثورة لأنّ فيها دروس تضاهي ما يمكن الاستفادة منه من تجارب الثورات التحررية إن كانت الثورة الروسية أو الفيتنامية أو الفرنسية، فهذه الثورة مليئة بالدروس والعبر".
وأضافت "نستلهم من هذه الثورة الكثير وننتبه لنقاط هم تنبهوا لها قبلنا ونعتمدها لاحقاً، هنا لا نتحدث عن رؤية بل تجربة جديدة ملموسة فريدة وتم التعتيم عليها عن قصد، وذلك كي لا تستفيد النساء الأخريات من هذه التجربة ولكي تبقى النساء في حالة تشتت واختلاف وتبقى هذه الدول تلعب بنا سواء الإقليمية أو الدولية، نحاول أن نسلط الضوء على هذه التجربة والرؤية التي تتميز بها هذه التجربة، لكي نواجه الاحتلال والإبادة".
وتابعت "من المرجح أن نعقد مؤتمر تأسيسي للمبادرة الثانية، كمبادرة رسمية، فيما يتعلق بموضوع الاحتلال نركز على الاحتلال التركي أي القضية الكردية التي تحتلها تركيا في الداخل التركي وفي العراق وشمال وشرق سوريا، وحتى الاحتلال التركي للبلدان الأخرى والتدخل التركي السافر الذي نعتبره احتلال حتى لو لم يكن عسكرياً، والعدوان الصهيوني الذي تعاني منه القضية الفلسطينية". 
 
"معاً سنكون أقوى"
وتختتم رئيسة رابطة جين بشرى علي حديثها بالقول "على مدى عام، وبالرغم من انتشار وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت في آب/أغسطس 2020، بعد أقل من شهرين من انطلاقتنا، نعتبر أن ما أنجزناه لا بأس به، بالتأكيد كنا قد خططنا للكثير، ولكننا على الرغم من ذلك نظمنا العديد من النشاطات أبرزها حلقات التوعية ولو كانت متقطعة، بسبب الحجر المنزلي والاقفال العام، نظمنا أكثر من عشرين ندوة خلال هذا العام، بالإضافة إلى تلك التي شاركنا فيها، ومبادرتان على الصعيد الإقليمي". 
تطمح بشرى علي أن "ترى مبادرة "قوتنا بوحدتنا" النور عما قريب مع دخولنا العام الثاني كرابطة جين باعتبار أننا من المؤسسين لهذه المبادرة، وهذا أمر نفخر به، ونطمح لأن نعزز مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء أكثر ونؤسسها بشكل رسمي خلال العام المقبل، ونأمل أن نلعب دوراً رائداً نسوياً في ردع الاحتلال، وردع إبادة النساء، في توحيد صفوف النساء وفي المساهمة بحل قضايانا ونعوّل بكل هذا على قوتنا الذاتية أولاً وعلى العمل المشترك النسائي والتحالفات النسائية التي نهدف لتأسيسها، ونتمنى في هذا العام الجديد أن نؤسس لها، لأننا معاً سنكون أقوى، معاً سنتغلب على كل شيء ومعاً سنجلب الأمن والاستقرار والسلام".