أمهات السبت... نضال نساء متمسكات بالأمل لأكثر من عقدين ونصف

نساء تجمعت آلامهن سوياً في حركة نظمنها بأنفسهن منذ أكثر من عقدين ونصف، من أجل معرفة مصير أبنائهن المفقودين ومحاسبة المتسببين في فقدانهم

مركز الأخبارـ .
حركة أمهات السبت عبارة عن رابطة من الأمهات الكرديات اللواتي أعتقل وخطف أبنائهن على يد السلطات التركية في ثمانينات القرن الماضي، وعرفن باسم "أمهات السبت".
مطالب موحدة للأمهات... معرفة مصير أبنائهن
عندما بدأ الأكراد في عام 1984 بالمطالبة بحقوقهم، تشكل "حزب العمال الكردستاني" بقيادة القائد عبد الله أوجلان، أتسع نشاط الحزب وازداد عدد مؤيديه في كل من العراق وسوريا وإيران وتركيا، وأنضم إليه العديد من الشباب، حينها بدأت السلطات التركية بملاحقة أعضاء الحزب واعتقلت الآلاف من الشباب، الذي بقي مصيرهم مجهولاً حتى يومنا هذا. 
وعلى إثر ذلك بدأت أمهات المفقودين والمعتقلين منذ عام 1995 بالتجمع في ساحة "غلطة سراي" وسط مدينة اسطنبول، كل يوم سبت، مشكلات حركة عرفت باسم "أمهات السبت" أو ما يعرفن باللغة الكردية "dayikên şemiyê"، لمطالبة السلطات بالكشف عن مصير ذويهن ومحاسبة المجرمين.
وتحمل أمهات المفقودين أثناء اعتصامهن صور أبنائهن المعتقلين والمفقودين وزهرة القرنفل، التي تعد رمزاً لوداع الموتى في تركيا.
وجميع أمهات السبت لهن مطالب موحدة تتمثل في زيادة الوعي بالعنف الذي مارسته وتمارسه الحكومات التركية المتعاقبة وفتح السجلات التي توثق جرائم القتل والاختطاف القسري التي قامت بها الشرطة وإدخال تعديلات على قانون العقوبات التركي لإلغاء قانون التقادم على جرائم القتل والاختفاء والتوقيع على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
قمع وتعدي 
تعرضت حركة "أمهات السبت" في العديد من المرات للقمع والتعدي من قبل السلطات التركية، فخلال الفترة الممتدة من عام 1999 وحتى عام 2009، منعت السلطات التركية أمهات السبت من التجمع والقيام بفعاليتهن السلمية، وبعد هذا التاريخ عادت الأمهات مرة أخرى للتجمع في الساحة كل يوم سبت لكنهن كن يتعرضن أثناء الاعتصام لهجمات الشرطة.
ولكن أعنف هجوم تعرضن له كان في الأسبوع 700 للحركة، بتاريخ 25 آب/أغسطس 2018، عندما هاجمت الشرطة الأمهات مستخدمة الرصاص المطاطي وخراطيم المياه وقنابل مسيلة للدموع، واعتقلت نحو خمسين امرأة من النساء المشاركات في الحراك. وفي نفس العام أصدرت وزارة الداخلية التركية قراراً بحظر تجمعات "أمهات السبت". 
ورغم كل محاولات المنع وإعاقة قيامهن بالحركة إلا أن الأمهات لم يتخلفن عن الذهاب إلى الساحة وفي نفس الموعد غير آبهات لأي شيء قد يحصل لهن.  
تعرضت الأمهات مرة أخرى في عام 2020 للقمع؛ عن طريق تفريق قوات الأمن التركية الاعتصام الذي نظمته أمهات السبت للأسبوع 800 على التوالي بالقوة، كما قامت بعمليات اعتقال وضرب لعدد من الأمهات المشاركات.
حركة "أمهات ساحة مايو"
جاءت فكرة إنشاء حركة باسم "أمهات السبت" من حركة "أمهات ساحة مايو"، التي تشكلت رداً على قيام المجلس العسكري الأرجنتيني باعتقال عدد كبير من النشطاء السياسيين والحقوقيين وأعضاء الجمعيات الطلابية وعلماء النفس والراهبات والكهنة الداعمين لحقوق الفقراء، إبان الانقلاب العسكري الذي نفذه خورخي رافائيل فيدلا ضمن عمليات كوندور ودعمته الولايات المتحدة لقمع الفكر اليساري. 
حيث تشير التقديرات أنه في تلك الفترة بلغ عدد الأشخاص المختفين قسرياً نحو 30 ألف شخص من كافة الأعمار والجنسيات.
وعلى أثر ذلك انتفضت العديد من النساء لمعرفة مصير أبنائهن المعتقلين، وبتاريخ 30 نيسان/إبريل 1977 قررت مجموعة من 14 امرأة التجمع في ساحة مايو أمام قصر الرئاسة وسط العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، لمواجهة النظام العسكري الذي خطف أبنائهن.  
وهكذا اتسعت الحركة بشكل كبير وجذبت العديد من النساء اللواتي استمرين بالتظاهر كل يوم خميس في تمام الساعة الثالثة والنصف، للقيام بفعاليات لا تتضمن أي شكل من أشكال العنف، وهن يرتدين أوشحة بيضاء كتب عليها أسماء أبنائهن باللون الأزرق، أو يحملن صورهم للمطالبة بمعرفة مصيرهم. 
والجدير بالذكر أن حركة أمهات السبت حركة مستمرة إلى اليوم، وتعتبر من أطول الحركات السلمية في تركيا.