آمال بن خوذ: انعدام الدعم أضعف مشاركة الشباب والنساء في الانتخابات المحلية التونسية

تعتبر الناشطة الحقوقية أن عدم وجود قانون انتخابي يُحدد صلاحية الأعضاء في المجالس المحلية وانعدام التمويل العمومي أضعف مشاركة النساء كمترشحات، محذرة من مجالس محلية ذكورية.

زهور المشرقي

تونس ـ منذ تأسيسها عام 2011 عملت جمعية شباب بلا حدود على دعم قدرات الشباب والنساء في عدة مجالات حيوية على غرار الديمقراطية والمشاركة المجتمعية وحقوق الإنسان بالإضافة إلى مجالات الثقافة والاقتصاد والبيئة.

قالت رئيسة جمعية شباب بلا حدود أمال بن خوذ، إن الجمعية تهدف إلى المساهمة في رصد مشاغل الشباب وتطلعاته وإيجاد الحلول الملائمة لمشاكله، والمساواة في تكريس ثقافة الحوار وغرس روح المبادرة والتطوع والانفتاح على الآخر، فضلاً عن عمل الجمعية على تجذير قيم المواطنة والهوية الوطنية لدى الشباب.

وأوضحت أن الجمعية ساهمت في مختلف المحطات الانتخابية التي عاشتها تونس منذ 2011،  إلى غاية آخر انتخابات  محلية أواخر العام 2023، وتعمل اليوم ضمن مشروع الشباب في قلب العملية الانتخابية الذي ركز على مشاركة الشباب كناخبين أو مترشحين، مشيرةً إلى أنه تمت ملاحظة عزوف مقلق في مشاركة الفئة الشابة والنساء في الشأن السياسي، وتم التركيز على أسباب العزوف التي تتدنى من سنة إلى أخرى بشكل ملحوظ، لافتةً إلى أن الجمعية عملت أيضاً على دعم القياديات ودعم مشاركتهن في الشأن العام ومجابهة الظواهر الخطيرة كالتطرف العنيف.

وعن قراءتها لمشاركة الشباب في الانتخابات المحلية الأخيرة، أكدت أنها ضعيفة حيث كانت نسبة المترشحين في حدود 22% من ضمن 7205 مترشح "النسبة متوقعة فالتراجع ليس مفاجأ بل لوحظ منذ عام 2017 و2018 لعدة أسباب أبرزها الصراعات الحزبية التي عاشتها تونس منذ سنوات الثورة فضلاً عن وجود وعود انتخابية زائفة لم تعد تنطلي على هذه الفئة، إضافة إلى أن الحياة السياسية والحزبية لا تتجاوب مع تطلعات الشباب علاوة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة التي تؤثر سلباً على مدى اقباله ومشاركته في الحياة العامة".

وأضافت أن "الشباب اليوم لا يملك أدنى ثقة في أصحاب القرار لذلك نشهد قطيعة واضحة بين الشباب والطبقة السياسية"، مبينةً أن هناك أسباب أخرى للعزوف ترتبط مع الانتخابات المحلية التي تتركز على القرب وترتبط بالدوائر الانتخابية الصغرى ترافقها عقلية سائدة تقول إن الشباب لا يمكن أن يكون صاحب قرار نتيجة عدم اكتساب الخبرة والتجربة في هذا المجال "هناك عقلية سائدة مفادها بأن الشباب والنساء لا يمكن أن يكونوا في موقع قرار بسبب انعدام الخبرة ليبقى هذا المجال حكراً على فئة معية، حيث أن 22% من النساء و13% من النساء كمترشحين تعتبر نسبة مخجلة قد تكون الأضعف منذ الثورة".

وتطرقت إلى القانون الانتخابي الذي فرض وجود 15 شاباً من ضمن خمسين في التزكيات التي يتحصل عليها المترشح، وأقر المرسوم عدد10 الذي نظم الانتخابات المحلية وجود التناصف في التزكيات بين النساء والرجال، لكن التمثيلية واقعياً كانت فقط في التزكيات، مرجعة ذلك إلى سببين أولهما منع التمويل العمومي للحملات الانتخابية والتي تتضرر منها النساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، وأثرت مسألة انعدام الدعم في الترشح، وثانيهما عدم وجود نص قانون يحدد صلاحيات المجالس المحلية، مشيرةً إلى أن الجمعية قامت بعقد لقاءات مع 94 مترشح من الشباب لفهم كيفية تحديدهم البرنامج الانتخابي مع غياب النص القانوني حيث لوحظ وجود ضبابية لدى هذه الفئة في توضيح برنامجهم وتفسيره وتحديد خارطة الطريق الخاصة به وتم تحديد ذلك بناءً على احتياجات المناطق التي ترشحوا ضمن دائرتها.

وعن غياب النص القانوني لتحديد صلاحيات المجالس المحلية، أكدت آمال بن خوذ، أن الجمعية طالبت قبل الانتخابات بإصدار هذا النص لتحديد صلاحيات أعضاء المجالس المحلية والعلاقة بينها وبين الجهات والأقاليم والمجلس التشريعي والمجلس الوطني للجهات، وتجددت نفس التوصية حتى بعد الانتخابات بضرورة الإسراع في سن هذا القانون، مشيرةً إلى أن التجاوب كان من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي قالت إنه سيتم التسريع في تحديد هذه الصلاحيات تجنباً لهذه الضبابية في المجالس المحلية المرتقبة.

وعن دور الشباب في المجالس المحلية، أوضحت أن هذا الدور ينقسم إلى جهتين، الأول يخصص للشباب الذي فاز في الانتخابات والثاني يتعلق بالشباب الناشط في المجتمع المدني والمهتم بالمجال السياسي "بالنسبة للشباب المترشح والذي سيكون طرفاً في المجالس المحلية كأعضاء، نرى أنه سيساهم في مضاعفة التمثيل الشبابي في مناطقهم وضرورة تحقيق التنمية المحلية في عماداتهم والعمل على دفع التمكين الشبابي والنسائي والاستجابة لمتطلباته في مناطقه، أما الناشطين يمكنهم الحضور في الاجتماعات المخصصة لأعضاء المحليات وتقديم الملاحظات والمقترحات ويمكن تتبع المجلس المحلي ومساءلته على برامجه".

ولفتت إلى أن الشباب يمكنه أن يساهم في إقرار مبدأ التناصف من خلال المشاركة في حملات المناصرة التي يطلقها المجتمع المدني والمشاركة في الحملات التوعوية في هذا الإطار "جمعية شباب بلا حدود أطلقت عام 2017 حملة مناصرة لدعم تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة واقرار مبدأ التناصف مع جمعيات شريكة، وكان هناك تجاوب من النواب حينها ومن الأحزاب التي تبنت الفكرة وأُعتمد في القانون الانتخابي حينها التناصف الأفقي والعمودي وسجلت حينها أكبر مشاركة للشباب كمترشحين في المجالس البلدية عام 2018، وبلغت النسبة 52% وفق شبكة مراقبون لأول مرة منذ الثورة، ما يستنتج نجاح تلك الحملة".

واستذكرت مقترح مشروع القانون الانتخابي عام 2013 من قبل جمعية شباب بلا حدود والذي هدف إلى تسريع مرحلة الانتقال الديمقراطي لإرساء مؤسسات دائمة قادرة على ضمان الاستقرار في تونس وتبنى المشروع 14عضواً بالمجلس الوطني التأسيسي حينها وتم على هذا الأساس مناقشته من قبل لجنة التشريع العام والتصويت عليه في الجلسة العامة للمجلس مباشرة إثر التصويت على الدستور الجديد في تلك الفترة.

وعن عدم تحقق المناصفة، قالت إن الدستور الجديد لعام 2022 يفيد في فصله 51 بالتزام الدولة حماية الحقوق المكتسبة للمرأة والعمل على دعمها وتطويرها وضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين لتحمل المسؤوليات في جميع المجالات وتحقيق التناصف بين الجنسين في المجالس المنتخبة.

وبينت أن المرسوم عدد10 الذي ينظم العملية الانتخابية الأخيرة أقر بإلزامية وجود 15 شاب ضمن الخمسين تزكية المطلوبة للمترشح والزامية التناصف بما يعني وجود تمثيل متساوي بين الطرفين "هذا التمثيل موجود ومضمون فقط في التزكيات ما يفسر نسبة 13% من المترشحات لانتخابات المجالس المحلية و22% نسبة الشباب".

وعن مدى تنسيق جمعية شباب بلا حدود مع جمعيات إقليمية ودولية، أكدت الناشطة الحقوقية أن التنسيق أمر حتمي لتبادل التجارب والخبرات وتطوير مهارات الشباب، لافتةً إلى التنسيق مع دول مصر والمغرب والعراق ولبنان والأردن، حيث كانت هناك برامج مشتركة موجهة للشباب والنساء ودعم مشاركة المرأة في الحياة السياسية.

وفي ختام حديثها قالت رئيسة جمعية شباب بلا حدود أمال بن خوذ، أن الأنشطة تعطلت فقط مع جائحة كوفيد19، لكن تعمل الجمعية على المشاركة في عدة ملتقيات وهي عضو في الشبكة العربية لملاحظة الانتخابات التي تضم دولاً عديدة تتم عبر تبادل التجارب وآخرها في الانتخابات المحلية، حيث حضر مع الجمعية ملاحظين من سوريا والعراق ولبنان والأردن لتبادل الخبرات.