الثورة السورية بين مقصلة الاطماع الخارجية ورماح الفتن الداخلية

ثورةٌ جاءت لتحارب التمييز والفساد وتلبي مطالب الشعب السوري، فتحولت من السلمية إلى الكفاح المسلح بسبب الأساليب القمعية والتدخلات الخارجية، لتنبثق منها ثورة روج آفا

غفران الحسين
الرقة ـ ، كهذا وصفت غالية كجوان الثورة السورية التي تدخل عامها الحادي عشر.
شغلت الثورة السورية أنظار العالم، إذ أنها استمرت على مدى طويلٍ جداً مقارنة بالثورات الأخرى التي قامت في فترات مقاربة لقيام الثورة السورية، وتتسلط أضواء الرأي العالم على ابعاد هذه الثورة ومرتكزاتها والتوقعات المستقبلية لنتائجها على الساحة السياسية والمجتمعية، وكالعادة من يوضع تحت مقصلة الحرب هم ابناء الشعب، فهم الأكثر تضرراً، فالثورة السورية وقعت بين سيف الأطماع الخارجية وحل مشكلات الانقسامات العرقية والطبقية ووقف الفساد وصد رماح الفتن الداخلية.
 
"على خلفية التمييز تفجرت الأزمة السورية" 
ألتقت وكالتنا مع الناطقة باسم مجلس المرأة في حزب سوريا المستقبل غالية الكجوان، والتي قالت أن الازمة السورية التي تفجرت في عام 2011، كان رد فعل على الواقع "سوريا قبل عام 2011، كانت جزء من الواقع الإقليمي، ونظراً لعدم ديمقراطية الحكم وسياسة التعصب القومي والثقافي والمذهبي، بدأت الأزمة، والتي اتسمت في البداية بحراك شعبي مسالم، مطالب بالحرية والمساواة بين جميع الأطياف والمذاهب والقوميات".
ولفتت غالية الكجوان النظر إلى أن الثوار طالبوا بالمساواة في الحقوق والواجبات لكل فرد من أفراد المجتمع، مبينةً أن المكون الكردي في ذلك الوقت عانى الكثير من الاضطهاد وعايش التفرقة والتمييز بينه وبين المكونات الاخرى "حرم الكرد من الهوية السورية، ولم يُعترف بأبسط حقوقهم، ولم يقتصر ذلك على المكون الكردي فقط بل إن هنالك العديد من المكونات في سوريا محرومة الحرية والحقوق".
 
"الحراك السلمي افسدته الانقسامات والأطماع الخارجية"
وقالت غالية الكجوان "انقسم  الشعب في سوريا للعديد من الفصائل والتيارات الشعبية، كرد فعل على تصرفات النظام الحاكم"، موضحةً أنه على إثر ذلك تم تشكيل فصائل دينية وقومية إضافة للتيارات العلمانية، وهنا تجردت الثورة من جوهرها السلمي، إلى حركات عسكرية وحربية، منها ما تم دعمه من قبل الأجندات الخارجية كالجيش الحر أو داعش.
وأوضحت أن هذا ما تسبب في جرائم الحرب والانتهاكات اللاإنسانية واللاأخلاقية في مقاطعة عفرين المحتلة وسري كانيه\رأس العين، وكري سبي/تل أبيض، وعدد كبير من المناطق التي احتلتها تركيا في هذه الفترة "دعمت تركيا المرتزقة لتقسيم سوريا، واحتلالها وإعادة الأمجاد العثمانية".
 
"في شمال وشرق سوريا اختلف الوضع"
وبينت غالية كجوان أن ثورة روج آفا في شمال وشرق سوريا، اعتبرت ثورة مختلفة كلياً عن باقي المناطق السورية، ويعود ذلك إلى وجود مشروع ديمقراطي حقيقي يدعم الشعوب "اتفق أهالي شمال وشرق سوريا على اتخاذ مشروع الأمة الديمقراطية والعيش المشترك كنموذج للسير عليه في ظل الإدارة الذاتية، حيث حافظ الشعب على جوهر الثورة الحقيقي واخوة الشعوب، وانقذ المنطقة من كارثة التقسيم". 
وحول تعقيد الأزمة السورية مع دخولها عامها الحادي عشر، أوضحت أن سبب التعقيدات هو تعدد القوى الدولية والإقليمية التي تدخلت في سوريا، ونظراً لعدم تقابل واتفاق مصالح هذه الدول مع بعضها البعض، طال أمد الأزمة السورية، على حساب مصلحة الشعب السوري، إضافة لأن موقع سوريا الجغرافي والجيوسياسي هو الذي زاد الأطماع في سوريا "فالهدف الوحيد للقوى المتصارعة ليس مصلحة الشعب السوري، بل لتحقيق مصالحهم الفردية الاقتصادية والسياسية والتجارية"
وبينت غالية الكجوان أن الأزمة الاقتصادية والسياسية والتجارية جعلت سوريا تمر بمرحلة تاريخية مصيرية، مبينةً أنه عقب انطلاق المشروع الديمقراطي، الذي جاء كمنقذ سياسي مصيري يعمل على كافة الاصعدة لتحقيق مطالب الشعب السوري بدءاً من الحرية والمساواة ووصولاً للديمقراطية الحقيقية.
ومشروع الأمة الديمقراطية هو مشروع ديمقراطي يجمع كافة المكونات على طاولة قرار واحدة، ويعطي لأبناء الشعب الحق في إدارة انفسهم بأنفسهم.
 
"المرأة لعبت دوراً ريادياً"
وأكدت غالية الكجوان أن النساء في شمال وشرق سوريا بتنا مشاركات في كافة المجالات، ويعملن جاهدات من أجل ايجاد الحلول لهذه الأزمة "المرأة في شمال وشرق سوريا نموذج يحتذي به، بالعمل والنضال وتشكيل قوى مدافعة عن حرية المرأة، إضافة إلى تطبيق نظام الرئاسة المشتركة الذي اثبت قدرة المرأة على تحمل المسؤولية، وهذا هو جوهر الثورة الحقيقية في شمال وشرق سوريا".
وأوضحت غالية الكجوان أن مجلس المرأة في حزب سوريا المستقبل يعتبر إنجازاً من إنجازات المرأة في سوريا ومنعطف تاريخي في نضال حرية المرأة، فهن يعملن على توحيد جهود المرأة في كافة المناطق السورية، ليكن الداعم الأكبر في حل الأزمة السورية تحت مظلة مشروع الامة الديمقراطية، لأن هذا المشروع هو الحل الامثل للأزمة السورية ولوقف ما يحدث في المناطق المحتلة.
وتأسس حزب سوريا المستقبل في 27آذار/مارس 2018، بمدينة الرقة، تحت شعار "سوريا تعددية لا مركزية ديمقراطية"، ليتم افتتاح مجلس المرأة في حزب سوريا المستقبل بتاريخ 24تشرين الثاني/نوفمبر 2020 ، بهدف إيقاف الحرب وتحقيق السلام، والارتقاء بواقع المرأة الحرة.
 
"انتهجوا طريق قوات السلام"
ووجهت الناطقة باسم مجلس المرأة في حزب سوريا المستقبل غالية الكجوان رسالة لجميع الفصائل التي تحارب في سوريا، عبرت فيها عن خيبة أملها بتحويلهم لهذه الثورة السلمية إلى حرب مدمرة، إذ أن هذه الانتهاكات اللاإنسانية واللاأخلاقية تسببت في انزال الخراب على البلاد، وقالت في الختام "اتخذوا من وحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية منهج لكم، كونهم قوات السلام التي تحارب كافة القوى المعادية ومنها مرتزقة داعش". 
وبدأت الثورة السورية في منتصف شهر آذار\ مارس 2011، من مدينة درعا السورية، وانتقلت لتشمل جميع المدن السورية بشكل كامل، وعلى الرغم من أن هذا الثورة جاءت ضرورة لوقف الفساد والتمييز والطبقية، إلا أن لها سلبياتها كما كان لها ايجابياتها.