'النضال من أجل المساواة بين الجنسين حاجة وضرورة مجتمعية'

التصق اسم عائشة لخماس بقضية الدفاع عن النساء المغربيات اللواتي يعانين من العنف والتحرش ومختلف الأمور التي تحط من كرامة المرأة، لعائشة لخماس باع طويل في الحياة السياسية والاجتماعية

حنان حارت
المغرب ـ .
دخلت المحامية ورئيسة اتحاد العمل النسوي في المغرب عائشة لخماس إلى العمل السياسي مبكراً سنة 1971، من باب الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وعملت لاحقاً في منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وانتخبت عضواً للجنتها المركزية. 
بعد تطورات عرفها التنظيم الحزبي في المغرب أسست برفقة أشخاص آخرين، تنظيماً سياسياً جديداً هو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وبعد نضالها داخل دواليب هذا الحزب قررت بعدها الالتحاق بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لتخوض المعترك السياسي في انتخابات 2011 حيث انتخبت كنائب برلماني وكانت وكيلة اللائحة الوطنية لحزب الاتحاد الاشتراكي عن الولاية البرلمانية (2011 ـ 2016).
وللتعرف عن قرب على السياسية والناشطة الحقوقية والمحامية عائشة لخماس، وتسليط الضوء على وضع المرأة المغربية، ما الذي غيرته الحركات النسوية في واقع النساء؟ ومعرفة رأيها في مسألة تعاطي الحكومة التي يقودها التيار الإسلامي مع قضية المرأة؟ بالإضافة إلى مجموعة من القضايا التي تهم النساء المغربيات، كان لوكالتنا وكالة أنباء المرأة معها الحوار التالي:
 
لماذا اخترتم الدفاع عن قضية المرأة؟
النضال من أجل المساواة بين الجنسين ومن أجل الظفر بالحقوق الإنسانية للنساء ليست قضية، بل هي حاجة وضرورة مجتمعية، فالمجتمعات التي ترفض عطاء وقدرات النساء تحكم على نفسها بالتفقير لذا فتمكين النساء اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً شرط أساسي لترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية.
 
سبق وخضتم المعترك السياسي ونجحتم في انتخابات المجلس النيابي، كيف تقيمون واقع المرأة في المعترك الانتخابي؟
لازال أمام المرأة الكثير مما يجب القيام به لتحقيق المناصفة في الانتخابات بصفة عامة وفي الانتخابات البرلمانية على وجه الخصوص سواءً على مستوى القوانين الانتخابية أو على مستوى رفع الوعي العام بأهمية تواجد النساء في مواقع القرار والمسؤولية، لا يمكن إنكار التطور الحاصل على مستوى التمثيلية لكنه غير كاف لتحظى قضايا المساواة بالعناية اللازمة فقد اتضح من خلال التجارب السابقة أن القوانين التي تهم النساء وحقوقهن وأوضاعهن لا تحظى بالأهمية الضرورية من طرف البرلمانيين، فمثلاً قانون محاربة العنف ضد النساء تمت مناقشته والتصويت عليه من طرف عدد قليل من النواب والنائبات كما أنه لا يكفي أن تكون النساء ممثلات في المؤسسات المنتخبة، لكي ينعكس وجودهن بشكل إيجابي على باقي النساء.
 
برأيكم هل تكفي الرغبة وحدها للترشح أم أن هنالك أمور أخرى يجب توفرها في النائبة لنيل ثقة الناخب؟
التجربة الانتخابية في المغرب أظهرت أن لا الرغبة في الترشيح ولا الاستعداد لتمثيل الناخبين هي التي تؤدي لنيل ثقة الناخبين سواءً بالنسبة للنساء أو الرجال، إن المسألة معقدة جداً، هناك عزوف كبير عن المشاركة في الانتخابات وفقدان الهيئات المنتخبة للمصداقية، وبالتالي فالأمر بمجمله يحتاج لمراجعة شاملة تعيد الثقة للمواطنين في جدوى وأهمية صوتهم، ورفع الوعي العام ليكون هناك اختيار واعٍ يرتكز على البرامج وعلى أشخاص أثبتوا أن لهم رؤية ويحملون مشروعاً مجتمعياً كفيلاً بتحسين أوضاع الناس وخاصة الفئات المهمشة وفئات الشباب.
 
ما الذي غيرته المرأة على أرض الواقع في البرلمان؟ 
في الحقيقة تصدت النائبات خاصةً اللواتي ينتمين للحركات النسائية للعديد من القوانين التمييزية ضد النساء كالتعديلات التي مست مدونة الأسرة. كما تقدمن بمقترحات قوانين تتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء وعلى الإتجار في البشر وخاصة النساء والفتيات وعمال وعاملات المنازل والقانون المنظم لهيئة المناصفة ومحاربة التمييز ومجلس الطفولة والأسرة، إضافة لقوانين الميزانية السنوية دفاعاً عن النساء وعن الفئات الفقيرة والمهمشة والمقصية من المجتمع المغربي.
 
أخيراً رفعت الحركات النسوية عريضة تفعيل المناصفة للبرلمان... برأيك هل المناصفة ستنصف النساء؟
بالتأكيد المناصفة ستنصف المجتمع وليس النساء فقط، فإذا استطاعت الحركات النسائية فرض هذا الاستحقاق الدستوري في مختلف المجالات وليس فقط على مستوى الهيئات المنتخبة سيكون هناك تطور هام في مختلف المجالات، فقد رأينا أنه بدون قانون شامل للمساواة والمناصفة لن نتقدم في تمكين النساء من لعب دورهن في مختلف مناحي ومؤسسات المجتمع، وأكبر مثال على ذلك المذبحة التي عرفتها انتخابات مجالس هيئات المحامين والمحاميات حيث لم تتمكن أي هيئة من انتخاب نقيبة، كما أن تواجد المحاميات في المجالس يعد على رؤوس الأصابع، نفس الشيء تعيشه العديد من الهيئات كالجامعات ونقابات مهنية.
 
هل أنتم راضون على التعاطي الحكومي مع المسألة النسائية في المغرب؟ 
ليس الأساس أن تكون الحركات النسوية راضية أم لا على التعاطي الحكومي مع أوضاع النساء في المغرب، لكن الأساس هو ما تنطق به أرقام المؤسسات الدولية فيما يتعلق بالفجوة بين الجنسين وترتيب المغرب في سلم المساواة.
ففي سنة 2018 جاءت المغرب في المرتبة 137 من أصل 149 دولة، وفي عام 2019 حلت في المرتبة 143 من أصل 153 دولة.
ويمكن القياس على ذلك سنة 2020، الذي زادت من الفوارق بين الجنسين بسبب الجائحة التي ضاعفت من تردي أوضاع النساء الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع العنف ضدهن.
 
هل تجدون أن المرأة تمكنت من بلوغ مراكز القرار في المغرب؟
آخر التقارير حول الموارد البشرية تشير إلى أن واقع الحضور النسائي في المناصب العليا التي يجري التداول بشأنها في المجلس الحكومي منذ سنة 2012 إلى النصف الأول لسنة 2020، هو 137منصباً من أصل 1160 منصب، أي ما يصل إلى 12% من مجموع التعيينات، إذاً الأرقام ناطقة ولا تحتاج لأي تعليق آخر.
 
هل ترون أن هناك ما يعيق عمل الحركات النسائية في المغرب؟
إذا كان المقصود بالسؤال هو عمل الجمعيات النسائية، فهناك العديد من المعيقات أولها عدم تخصيص ميزانيات حقيقية ودائمة لتغطية مصاريف هذه الجمعيات وعدم قدرتها على توفير موارد بشرية ذات كفاءة عالية، وضمان أداء أجورها وتوابع هذه الأجور من تغطية اجتماعية وصحية حتى تتمكن العضوات والأعضاء المتطوعون والمتطوعات من التفرغ لتحقيق أهداف الجمعيات.
كما وهناك معيقات أخرى تتمثل في التضييق على عمل جمعيات المجتمع المدني، كالتماطل في منحها تواصيل إيداع هيئاتها مثلاً، وعدم احترام ما نص عليه دستور 2011.
 
لو كنتِ رئيسة حكومة كيف ستهيئين مشروع تحسين وضعية المرأة للارتقاء بمكانتها؟
هناك شقان في الموضوع، المرأة أولا مواطنة تهمها كل القضايا التي تهم الوطن والمواطنين والمواطنات من تعليم وصحة وعمل وبنيات، كما أن وضعها كامرأة تعيش أوضاع التمييز والعنف، إضافة لما يعانيه شقيقها الرجل، لذلك ردم فجوة اللامساواة تحتاج لمجهود نوعي ومضاعف، غير أن النساء وخاصةً الفتيات بدأن بأنفسهن في ردم هذه الفجوة، وهنا تسعدني النتائج التي يحصلن عليها في امتحانات التعليم الثانوي الباكالوريا وتفوقهن الملحوظ رغم كل العوائق، لذا فأول عمل يجب القيام به هو التوجه للعقليات التي يعشش فيها احتقار النساء وتبخيس ما يقمن به وما يقدمنه للبلد وللإنسانية وهذا المجهود يجب أن يبدأ من التعليم الأولي إلى الجامعي وعبر كل وسائل الإعلام والتواصل.