الكوتا النسائية (4)... الإمارات والبحرين والكويت إصلاحات واستراتيجيات تمكين المرأة (1)
على الرغم من تقدم المجتمعات في كافة أنحاء العالم في مجال حقوق المرأة بشكل عام والمجال السياسي بشكل خاص، إلا أن دول شبه الجزيرة العربية بقيت متشبثة بالطبيعة العشائرية القبلية الموروثة المتمثلة بالذهنية الذكورية
الإمارات والبحرين والكويت.. إصلاحات واستراتيجيات تمكين المرأة (1)
مركز الأخبار ـ والتي تعطي الرجل سلطة كاملة على المرأة تحت غطاء الدين.
وبدأت دول شبه الجزيرة العربية بتطبيق نظام الكوتا النسائية في وقت متأخر مقارنة بدول عربية أخرى، في الوقت الذي تتعالي فيه أصوات لإلغاء نظام الكوتا النسائية في بعض البلدان العربية الأخرى.
ارتفعت نسبة مشاركة المرأة الخليجية في البرلمانات ومجالس الشورى إلى نحو (16.7%) في عام 2018، مقارنة بنحو (11%) في 2017، وذلك بعد قيام عدد من دول شبه الجزيرة العربية برفع نسبة التمثيل النسائي البرلماني مع إضافة بعض التعديلات على الأرقام المتعلقة بنسبة التمثيل.
ولكن تبقى نسبة تمثيل المرأة سياسياً منخفضة بالرغم من كل الخطوات الإصلاحية والاستراتيجيات الوطنية التي تقوم الدول الخليجية بها فلم تتخطى نسبة مشاركة المرأة في مجالس الإدارة المحلية أكثر من (2%) من المقاعد في مجالس الإدارة وكانت في نهاية قائمة الدول في نسبة تمثيل النساء في الحقل السياسي.
الإمارات.. مناصفة المرأة في البرلمان
شهدت الإمارات بدرجات وأوقات متفاوتة وأشكال مختلفة تطورات على صعيد مشاركة المرأة في الحياة السياسية، حيث احتلت المرتبة الأولى خليجياً في تمكين المرأة من تبوأ المناصب التشريعية والحكومية، ولم تنضم المرأة الإماراتية إلى عضوية المجلس الوطني الاتحادي الذي بدأ بممارسة عمله منذ عام 1971، عبر فصوله التشريعية الـ 13 حتى عام 2001.
واستطاعت بعد ذلك أن تحقق نقلة نوعية خلافاً لنظيراتها في شبه الجزيرة العربية في المجال السياسي، وتم تمثيلهن بخمس نساء في أول مشاركة لهن في العمل البرلماني لعام 2002، إلا أن المرأة الإماراتية بعد ذلك بقيت بعيدة عن المشاركة السياسية حتى عام 2006.
وفيما بعد أدخلت الحكومة الإماراتية في 2006 بعض التطورات والإصلاحات على نظام مشاركة المواطنين بعضوية المجلس، فأقرت انتخاب نصف أعضائه مع مشاركة المرأة في عضويته، ومع تلك التطورات منحت المرأة الإماراتية في ذات العام الحق في التصويت والترشح.
وبحسب ما أصدره مرسوم رقم 6 لعام 2007، تضمن الفصل التشريعي الرابع عشر للمجلس الوطني الاتحادي 9 نساء، واحدة منهن فقط فازت في الانتخابات التي جرت عام 2006، والتي شكلت التجربة الانتخابية الأولى بالنسبة للإمارات، ووصلت نسبة تمثيل النساء في المجلس الوطني إلى (22.2%).
كما وتضمن المجلس التشريعي الخامس عشر، والذي بدأ في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، 7 عضوات أي بنسبة (17.5%) واحدة منهن فقط فازت في الانتخابات وحصلت على منصب النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي لأول مرة في تاريخ الإمارات.
وفي فصل تشريعه السادس عشر الذي بدأ في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، ضم تسع نساء، واحدة منهن فازت في الانتخابات وتم تعيينها وزيرة دولة شؤون المجلس الوطني الاتحادي، فأصبح عددت العضوات 8 أي وصلت نسبة تمثيلهن تقريباً إلى النصف (48%).
وبلغ عدد المرشحات لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي التي أجريت في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2015، 78 مرشحة أي ما نسبته (23.6%) من إجمالي عدد المرشحين، كما وانتخبت "أمل عبد الله القبيسي" رئيسة للمجلس ما جعلها أول امرأة تترأس المجلس الوطني الاتحادي، واحتلت الإمارات المرتبة الأولى من بين دول شبه الجزيرة العربية من حيث تمثيل النساء في البرلمان، أي بنسبة تقدر بـ (22.5%) لبرلمان 2016.
وإلى جانب تمثيل المرأة الإماراتية في البرلمان فقد شغلت أيضاً المناصب الدبلوماسية في وزارة الخارجية والتعاون الدولي، وحتى عام 2019 بلغ عدد النساء الإماراتيات في السلك الدبلوماسي والقنصلي في مقر الوزارة 234 عضوة، كما وعينت 42 امرأة في السلك الدبلوماسي في البعثات الخارجية للإمارات.
وحصلت المرأة في المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي خلال الدورة التي تشكلت في 2015 وستنتهي في أواخر عام 2019 على 8 مقاعد، أي بنسبة تمثيل (20%)، وشكلت نسبة تمثيل النساء في المناصب الوزارية (29%) أي 9 وزيرات من أصل 31 وزيراً.
ومؤخراً دعا الاتحاد النسائي العام في الإمارات الذي تأسس على يد فاطمة بنت مبارك الكتبي ليكون بمثابة الآلية الوطنية المعنية بتمكين المرأة الإماراتية ولتكون المظلة الداعمة لجهود الحركات النسوية في الإمارات، برفع تمثيل المرأة الإماراتية في المجلس الوطني الاتحادي من (22% إلى 50%) للتمكين السياسي العادل.
وفي وقت سابق أصدر رئيس الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان، قرار رقم 1 لعام 2019، أمر فيه برفع من نسبة تمثيلية المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى (50%)، وقد دخل هذا القرار حيز التنفيذ بالتزامن مع انتخابات الدورة السابعة عشرة للمجلس الوطني الاتحادي التي أجريت في تشرين الأول/أكتوبر 2019، بحيث خصص المجلس مقاعده الـ 40 بالتساوي بين الجنسين.
وتضمن التشكيل الوزاري الجديد 8 نساء من بين 29 وزيراً أي بنسبة (27%) من مجموع الوزراء، وشهدت قائمة الأعضاء المعينين في المجلس الوطني الاتحادي إعلاناً عن انضمام 13 عضواً من النساء بالإضافة إلى 7 عضوات فائزات بالانتخابات الماضية.
البحرين.. نسبة متدنية ومطالبات برفع الكوتا
في البحرين، ما تزال المرأة تسعى للانخراط في الحياة السياسية منذ أوائل التسعينيات، أي مع ظهور مجلس استشاري معين "مجلس الشورى" ومجلس الأعضاء المنتخب الذي يملك سلطة استشارية، إلا أنها لم تحظى بأي حقوق سياسية قبل عام 2002.
فقد حصلت المرأة في البحرين على حقها في التصويت والترشح للانتخابات النيابية والبلدية في عام 2002 بعد أن تم تعديل الدستور، ضمن سلسلة من الإصلاحات السياسية التي بدأ بها الملك البحريني حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة فور تسلمه الحكم في ذات العام.
وفي خطوة غير مسبوقة في تاريخ البحرين أمر الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة بتعيين أربع نساء في مجلس الشورى المكون من 40 عضواً، وقد توقف عمل المجلس لأكثر من 25 عاماً، فقد ترشحت 31 امرأة لأول مرة للانتخابات البلدية و8 نساء لأول مرة للانتخابات النيابية لعام 2002، ولكن لم يستجب المجتمع البحريني مباشرة مع تلك الإصلاحات، أي انتهت دون إحراز أي فوز من قبل المترشحات.
وفي الانتخابات النيابية لعام 2005 تم تعيين "أليس سمعان" رئيسة مجلس الشورى، لتكون أول امرأة بحرينية تترأس الدورة البرلمانية في العالم العربي، فيما تمكنت امرأة واحدة من الفوز بعضوية مجلس النواب من بين خمس نساء مترشحات للدورة الانتخابية البلدية.
ورفض المجلس الأعلى فيما بعد تخصيص كوتا للمرأة في الانتخابات البرلمانية، بعدما فشلت النساء في الفوز، ورأى أن المطالب التي تطرحها الناشطات والجمعيات النسائية بزعم أنها "تمييز مع الرجل ومخالف للنصوص الدستورية البحرينية"، فيما تمكنت 16 امرأة مترشحة من الفوز في الانتخابات النيابية لعام 2006.
كما وتم انتخاب البحرين في حزيران/يونيو 2006 لرئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتم تعيين المحامية والناشطة في حقوق المرأة هيا بنت راشد آل خليفة رئيسة له مما جعلها أول امرأة في الشرق الأوسط وثالث امرأة في التاريخ تتولى رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وشهدت فيما بعد الانتخابات النيابية والبلدية البحرينية لعام 2010، دخول أول امرأة بحرينية إلى المجلس البلدي، ووصل عدد العضوات في مجلس النواب إلى 4 عضوات، كما وأصدر العاهل البحريني في عام 2014 أمراً ملكياً، تم بموجبه تعيين 9 نساء في مجلس الشورى لذات العام، وتم تعيين 6 عضوات في مجلس أمانة العاصمة.
فارتفعت نسبة المرشحات لمجلس النواب من 4% إلى 8% من إجمالي عدد المترشحين خلال الفترة الزمنية من 2002 حتى 2014، وزادت نسبة تمثيل العضوات في المجالس البلدية من نسبة 2.5% إلى 10% خلال الفترة الزمنية من 2010 حتى 2014، بحسب إحصائيات المجلس الأعلى للمرأة في البحرين.
واحتلت البحرين المرتبة الثالثة خليجياً في نسبة تمثيل المرأة في البرلمان بنسبة بلغت 15% في عام 2016، والمرتبة الـ 47 عالمياً من بين 185 دولة في مقياس الفجوة بين المساواة الجندرية لذات العام.
وتقدمت 9 نساء فقط للانتخابات النيابية البحرينية التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، من إجمالي 85 مرشحا لخوض المنافسة الانتخابية، وشكلت هذه الانتخابات قفزة نوعية للمرأة في البحرين، حيث بلغت عدد المترشحات لانتخابات مجلس النواب 39 امرأة من أصل 293 مترشحاً، ووصل عدد الفائزات بمقاعد في المجلس النيابي إلى 6 نساء أي ما يعادل بنسبة 15% من مجموع مقاعد المجلس، وهو أعلى رقم منذ بدء الانتخابات النيابية في عام 2002.
الكويت.. نظام الصوت الواحد يعيق تقدم المرأة في الانتخابات
بالنسبة للمرأة الكويتية فهي لا تختلف من حيث التجربة والحياة الاجتماعية عن نظيراتها في دول شبه الجزيرة العربية، فبالرغم من التطور الذي لحق بوضع المرأة الخليجية على مستويات عدة وحضورها في التشكيلات الوزارية فأنها تواجه التعثر في الوصول إلى المجالس النيابية عبر الانتخابات العامة وإن وصلت تعتبر دون ممارسة فعلية.
فقد غابت المرأة الكويتية أكثر من أربعين عاماً عن الحياة السياسية، نتيجة حرمانها من حق التصويت والترشح لمجلس الأمة بحسب المادة الأولى من قانون الانتخابات رقم 35 لعام 1962، على الرغم من المحاولات العديدة لتعديل المادة منذ عام 1971.
ومنذ إقرار دستور عام 1962، تطالب المرأة الكويتية بحقها في الترشح والانتخاب إلا أن الاستجابة لهذه المطالب لم تتم إلا عندما تم التعديل على القانون في تشرين الأول/أكتوبر 2003، والذي لحقه تعديل قانوني آخر في عام 2005، الذي ضمن حقوق المرأة في الانتخابات البرلمانية، بينما تعود محاولات حصول المرأة على حقها في المشاركة السياسية إلى عام 1999، عندما أصدر أمير الكويت جابر الأحمد الصباح مرسوماً يمنح المرأة الحق في التصويت والترشح، وصادقت عليه الحكومة غير أن البرلمان الكويتي رفضه.
وبذلك شاركت المرأة الكويتية في الانتخابات البرلمانية لعام 2006 كناخبة ومترشحة، حيث ترشحت 32 امرأة من مجموع 402 مرشح، ومع ذلك لم يحالف الفوز أياً منهن، نتيجة عدم وجود آلية للتعيين في النظام السياسي الكويتي كاعتماد نظام الكوتا النسائية التي تحدد نسبة تمثيل النساء في الانتخابات والدعم الرسمي الكافي للنساء المترشحات.
واحتلت الكويت المرتبة ما قبل الأخيرة خليجياً في نسبة مشاركة المرأة في تقلد المناصب الوزارية والوظائف القيادية العامة، وعلى الرغم من ارتفاع طفيف في نسب تمثيل المرأة في المجالس التشريعية والنيابية تبقى مشاركتها محدودة، وفيما تتنافس دول الخليج العربي في رفع نسب تمثيل المرأة في المؤسسات التشريعية حلت الكويت في المرتبة الأخيرة خليجياً في نسبة التمثيل النسائي في البرلمان ومجالس الشورى.
وعلى الرغم من كل تلك العوائق عادت المرأة الكويتية لتترشح في ثاني انتخابات برلمانية عام 2009، فاستطاعت الحصول على أربع مقاعد نيابية من أصل 50 مقعداً، ولكن بدء عدد النائبات بالتقلص في الدورات الانتخابية التي لحقتها، فقد اقتصرت انتخابات عام 2013 على ممثلتين فقط من أصل ثماني مرشحات، وفي انتخابات 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، وصلت البرلمانية "صفاء الهاشم" وحدها إلى مقعد في البرلمان الكويتي من أصل 15 امرأة مترشحة، كما ومثلت 3 نساء فقط في البرلمان خلال انتخابات عام 2017، أي على الرغم من أن أغلبية الناخبين هم من النساء إلا أنه في المقابل هن الأقلية تحت قبة البرلمان.
ومع الانتخابات البرلمانية الكويتية التي أجريت في نهاية عام 2020 سيكون مجلس الأمة خالياً تماماً من أي امرأة لمدة أربع سنوات ليصبح مجلساً رجالياً بحتاً بعد أن غادرته صفاء الهاشم المرأة الوحيدة التي كانت في المجلس، وليصبح أيضاً البلد العربي الوحيد الذي يخلو برلمانه من النساء.
وبحسب هيئة الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة، فقد حلت الكويت في المركز 179 من أصل 193 بالنسبة لتمثيل النساء في البرلمان في عام 2020.
بالإضافة إلى أن النظام الانتخابي في الكويت وقف كأحد أبرز المعوقات أيضاً أمام تمثيلية المرأة، فنظام "الصوت الواحد" الذي يقضي بتصويت كل ناخب لفائدة مرشح واحد لعضوية مجلس الأمة في الدائرة المسجل بها كما هو الحال في الأردن، وأي صوت يمنحه لأكثر من مرشح يعد باطلاً، يجعل فوز المرأة بمقعد نيابي مهمة صعبة ويضعها أمام تحد في إيصال صوتها وقضيتها وتطلعاتها للمجلس لمناقشتها وحلها تحت قبة البرلمان.
وعلى الرغم من تمثيل المتواضع والمنخفض للمرأة في البرلمان الكويتي، ما زالت المرأة تناضل لتحقيق المساواة والوجود النسوي ضمن الممارسات السياسية عموماً والنيابية خصوصاً.