حين يصبح الاحتياج رفاهية... النساء في غزة تعانين بصمت

في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها غزة، أصبحت الدورة الشهرية عبئاً مضاعفاً على النساء والفتيات، حيث تواجهن نقصاً حاداً في مستلزمات النظافة الشخصية، مثل الفوط الصحية والصابون، بسبب الحصار المفروض على القطاع.

رفيف اسليم

غزة ـ تعاني النساء في قطاع غزة من نقص حاد في مستلزمات النظافة الشخصية الخاصة بالدورة الشهرية، خاصة الفوط الصحية حيث أصبح الأمر كابوس لأكثر من 700 ألف امرأة وفتاة حيث لا فوط، لا مياه صحية، ولا حمامات نظيفة، في ظل وضع اقتصادي متردي وفقر مدقع، ومنظومة صحية منهارة بالفعل.

جميلة نصر تقول إن احتياجات النساء الخاصة بالنظافة الشخصية تختلف بدءً من الصابون والشامبو وحتى دواء غسيل الملابس، في ظل نقص الغذاء والمجاعة تبقى النساء حائرات ماذا تفعلن هل تشترين الفوط الصحية والصابون أم كيلو الدقيق الذي يبلغ ثمنه اليوم 30 دولار؟

تلك الاحتياجات لا تعتبر رفاهية بالنسبة للنساء في قطاع غزة، بل حاجة ملحة توازي الحصول على الطعام والشراب، وعدم توافرها يدخل النساء والفتيات في حالة صدمة هستيرية، عدا عن الأمراض المختلفة التي ستغزو أجسادهن بلا هوادة أو رحمة، وتساءلت عن ذنب الفتيات الصغيرات المراهقات في ذلك، ماذا فعلن لتواجهن ذلك العذاب؟

وبينت أن الأمر لا يقتصر على الفوط الصحية، بل الأطفال الرضع أيضاً الذين باتت تظهر على أجسادهم تسلخات في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتوغل أشهر الصيف يوماً بعد يوم، مشيرة إلى أنها ما قبل الحرب كانت النساء توفر تلك الاحتياجات بكميات وفيرة وجودة عالية بداية من الديتول والمعقمات وحتى صابون الاستحمام وغسيل الملابس والأرضيات والعطور والمحارم بأنواعها.

وتشتكي جميلة نصر، من جودة بعض المنتجات التي كانت ترسل للنساء والفتيات عبر المساعدات الإنسانية فالفوط الصحية والصابون بعضها رديء ولا يستخدم، لكنها كانت أفضل من الوضع الحالي، مضيفة أنها اليوم تحاول التقنين من مرات الاستحمام خلال الشهر مما نتج عنه حبوب بالجسم وفطريات لا أدوية لها في المستشفيات والنقاط الطبية.

وعن أسعار تلك المستلزمات، لفتت إلى أن مواد النظافة الشخصية المتعلقة بالدورة الشهرية قد زادت عشرة أضعاف وليس سبعة كما يروج في وسائل الإعلام والتقارير الدولية، فعلى سبيل المثال عبوة الفوط الصحية كان ثمنها دولار ونصف أما اليوم خمسة دولارات وأكثر بينما صابون الاستحمام 3 دولارات، اليوم 30 دولار.

وأوضحت أن بعض الأمهات من لديها 5 و9 فتيات تمتنع عن شراء الفوط الصحية مستبدلتها بوضع قطعة من القماش الأمر الذي يتسبب بظهور بكتيريا وفطريات والعديد من الأمراض التي لا يوجد علاج لها أو حتى تشخيص مناسب لخوف تلك الفئة من الحديث عن مشكلتها الصحية كونها منطقة يحظر الحديث فيها في المجتمع المحافظ.

ويزيد تعقد الوضع غياب المراحيض النظيفة في مراكز الإيواء وعدم قدرة النساء على التنظيف الدوري بسبب عدم وجود الصابون، عدا عن مشكلة شح المياه وصعوبة الحصول عليها، لافتة إلى أن أجساد النساء والفتيات بدأت تعطي مؤشرات تعبر عن عدم رضاها لمستوى النظافة المقدم والذي اختلف عما قبل الحرب ما بعدها متمثلة بظهور علامات للعديد من الأمراض.

وناشدت جميلة نصر، المؤسسات النسوية ومنها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بإرسال مندوبيها لتفقد أوضاع النساء في الخيام وأماكن النزوح بشكل خاص وتقديم العون لهن، فعدا عن الخوف والجوع الذي يسببه الحرب هناك تداعيات وآثار أخرى أصبحت تسبب لهن العديد من الأزمات التي فاقمها غياب الطعام الصحي ليتكمن الجسد من المقاومة.

وبحسب تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن قطاع غزة بحاجة إلى 10.3 مليون فوطة صحية شهرياً، لكن بعد ثلاث أشهر من الحصار الإسرائيلي الشامل للمساعدات، أصبحت لوازم النظافة الشخصية والدورة الشهرية شبه معدومة، وإذا أمكن الحصول عليها فإن تكلفتها تبلغ حوالي خمسة أضعاف تكلفتها قبل الحرب، مما يجعلها بعيدة المنال بالنسبة لمعظم الأسر.