سارة كريمي: لا توجد رياضة للرجال وأخرى للنساء وكرة القدم للجميع
مشاهدة فتاة تهتم برياضة كرة القدم، أو تمارسها كهاوية أو محترفة، قد يثير استغراب العديد من الناس لاسيما في الدول العربية
حنان حارت
المغرب - ، سارة كريمي من الفتيات المغربيات الطموحات، اللواتي يسعين وراء حلمهن حتى يتحقق، لذلك اختارت ممارسة الرياضة الأكثر شعبية في العالم.
كرة القدم ليست حكراً على الرجال
تقول سارة كريمي البالغة من العمر 25 عاماً، والتي تعيش بمدينة المحمدية في الجهة الشمالية الغربية من المغرب، "العديد من الناس يعتبرون كرة القدم حكراً على الرجال، وأنها تقلل من أنوثة المرأة، لكن هذا ليس صحيحاً؛ لأنه لا توجد رياضة للذكور وأخرى للإناث".
وتضيف "لقد باتت المرأة اليوم قادرة على منافسة الرجال في أكثر من منصب، وكذلك الرياضة، فكرة القدم هي للجميع، وما دمنا نملك الموهبة فعلينا صقلها وتطويرها، بغض النظر إن كان الشخص رجلاً أو امرأة".
الرياضة تربية قبل إحراز الكؤوس
تؤمن سارة كريمي بأن الرياضة هي تربية النفوس قبل أن تكون إحرازا للكؤوس "منذ صغري وأنا أحب ممارسة الرياضة، لكن كرة القدم احتلت مكانة هامة في حياتي وكأي فتاة بدأت المسيرة في أزقة الأحياء مثل بداية أغلب نجوم كرة القدم".
وبابتسامة عريضة ترتسم على شفتيها تقول "لا زلت أذكر أول يوم شاركت كلاعبة في مباراة رسمية في الدوري النسائي لكرة القدم، كان يوم تاريخي بالنسبة لي".
تقول سارة كريمي عن مسارها "البداية كانت صعبة، حيث انتقلت بين مجموعة من الأندية، فعندما بدأت لم أكن أحصل على أية مساعدات مادية ولا أي دعم تقني، ما عدا مساعدات من مهتمين آمنوا بموهبتي وعلموني المبادئ الأولية للرياضة، لقد كانت بدايتي الكروية بفريق شباب مستقبل المحمدية لمدة سنتين وبعدها لعبت لفريق نسيم سيدي مومن لمدة أربع سنوات، لأخوض تجربة أخرى رفقة فريق النسور الخضر الرجاء البيضاوي لمدة سنة".
حلم نحو الاحتراف
بعد اللعب مع العديد من الفرق، توجهت إلى العاصمة الإسماعيلية مكناس للعب ضمن فريقها المحلي، وتم تسريحها لمدة ستة أشهر على سبيل إعارة لفريق الجمعية الرياضية الحسنية المحمدية والعودة لمكناس، وفي موسم 2010/2009 تم طلبها من طرف الإدارة التقنية الوطنية والناخب الوطني لتلعب برفقة المنتخب المغربي وشاركت معه في عدة مناسبات، ثم اتجهت إلى مدينة تمارة، وهناك انضمت لفريق تضامن عين عتيق لتعود بعد كل هذه التجارب لمسقط رأسها وتوقع لفريق شباب المحمدية الذي تلعب الآن ضمن صفوفه.
لعب كرة القدم في فريق نسوي في البطولة الوطنية كان حلماً بالنسبة لسارة كريمي، لكن أحلامها لا تقف عند هذا الحد "إصراري وعزيمتي وطموحي يدفعونني إلى التفكير في الاحتراف في نواد أوروبية، فأنا أسعى ليصبح حلمي الثاني حقيقة".
هدافة فريقها
تشغل سارة كريمي خطة قلب هجوم، فهي هدافة نادي فريق شباب المحمدية النسوي لكرة القدم، وقد استطاعت خلال مباراة برسم الدورة 15 من البطولة الوطنية القسم الثاني شطر الشمال تسجيل 9 أهداف لوحدها في المباراة التي فاز فيها فريقها شباب المحمدية على بلدية مكناس بنتيجة خمسة عشر هدفاً مقابل لا شيء، لترفع رصيدها التهديفي إلى 29 هدفاً من أصل 15 مباراة، وهي تتربع الآن على رأس هدافات هذا الشطر والبطولة الوطنية ككل.
وتؤكد أن إحراز الأهداف مسؤولية تضامنية تظهر مدى تعاون الفريق ككل، وحسن التنظيم والتنسيق بين جميع العناصر "التسديد نحو الشباك تترجم عبر براعة المناولات، فداخل رقعة الملعب يكون الشعور بروح العمل الجماعي هو السائد ولا مجال للأنانية، لأن الفوز يكون لصالح الجميع، فرغم أن تسجيل الأهداف في مرمى الخصم ينسب للاعبة، لكن أرى أن الهدف المحرز ليس صناعة لاعبة واحدة في موقع الهجوم، بل هو صناعة مشتركة لكل اللاعبات".
وتشير سارة كريمي إلى أن رياضة كرة القدم فن، والأنثى بطبعها تبرز هذا الفن في تعاملها مع الكرة في الملعب وفي تحركها على الميدان.
وعن تقييمها لكرة القدم النسوية في المغرب، تقول "كرة القدم النسوية مرت بمراحل كثيرة وصعوبات، إلا أنها اليوم بدأت تتطور بشكل لافت، إذ باتت تتوفر الظروف الجيدة لتحفيز الفتاة المغربية على ممارسة اللعبة، هناك تغيرات صاحبت التطور الذي مر منه المغرب خلال السنوات الأخيرة، والذي مكن الفتيات من ممارسة هذه الرياضة الشعبية في ظروف جيدة، ومنحهن فرصة إظهار مهاراتهن مثل ما فعلت في رياضات أخرى".
"على الأسر دعم وتشجيع الفتيات اللواتي لديهن موهبة"
لا تتردد اللاعبة سارة كريمي في تشجيع الفتيات اللواتي لديهن شغف كبير بكرة القدم من أجل تحقيق حلمهن "يجب أن يتحلين بالإصرار وأن يواظبن على التدريب ومحاولة تقديم الأفضل، وعلى الأسر دعم بناتهن معنوياً، المحيط والوسط العائلي يشكل عنصراً محورياً في النجاح الذي حققته لحد الآن، لم أجد أي اعتراض من أهلي، فعلى العكس والدي كانا يشجعاني بشكل مستمر على ممارسة الرياضة بما فيها كرة القدم، عندما كنت صغيرة كان أبي يرافقني إلى الملعب باستمرار، كما وجدت دعماً كبيراً أيضاً من طرف إخوتي وكافة أفراد العائلة، حيث شجعوني على الدوام، لهذا فأهمية الأسرة في مواكبة أطفالها من أجل تحقيق أحلامهم تبقى مسألة ضرورية".
وفي ختام حديثها وجهت سارة كريمي رسالة إلى المرأة المغربية والعربية قائلة "لا شيء مستحيل، فالمرأة يمكنها تحقيق أحلامها، شرط أن تتسلح بالإرادة والاصرار والعمل الجدي، جميعنا نملك موهبة، ويمكن لهذه الموهبة أن تصبح جزءاً من حياتنا ونحقق من خلالها السعادة لذواتنا، إذا مارسناها بكل قناعة وإتقان، أرى أنه لا مكان للاستسلام في قاموس المرأة المغربية والعربية بصفة عامة".