ميريلا عطا الله... بطلة العالم في فن القتال البرازيلي

"ثقي بنفسك، اتبعي أحلامك، أنتِ سيدة عالمك ومصيرك، أنت أقوى مما تعتقدين" بهذه الكلمات استطاعت اللبنانية ميريلا عطا الله أن تتحدى المجتمع

كريستيان واكد
بيروت ـ وتصبح بطلة العالم في فن القتال البرازيلي "الجوجيتسو" لفئة الوزن المتوسط.
تنحدر ميريلا عطا الله من عائلة متشددة في القيم العائلية، نشأت في العاصمة اللبنانية بيروت في زمن الحرب الأهلية، كانت طفولتها تتمحور حول أصوات القنابل والملاجئ ومشاكل أسرتها الاقتصادية. في حوار معها تحدثت لنا عن مسيرتها الرياضية وكيف أصبحت بطلة العالم لفن القتال البرازيلي "الجوجيتسو".
كيف تمكنتِ من أن تصبحي بطلة العالم في فن القتال البرازيلي "الجوجيتسو"؟
منذ صغري وبالرغم من أنني كنت مصابة بحالات صحية مزمنة وخاصة القصور في الغدة الدرقية الذي أدى إلى إصابتي بالبدانة وداء السكري من النوع الثاني، بالإضافة إلى تشكيل اضطرابات نفسية سببتها الحرب، كنت أميل إلى مشاهدة الرياضات الصبيانية مثل الجودو، لكن لم يسمح لي بممارستها بسبب قيم عائلتي الصارمة.
في عام 2005 وبعد إتمامي لدراستي انتقلت للعيش مع زوجي في الكويت، ولكني لم أشعر أنني قد حصلت على أية حرية فيما يتعلق بتقرير ما هو أفضل لمستقبلي، بعد خمس سنوات هاجرت إلى كندا، عندها اكتشفت أن زوجي لم يكن الرجل الذي كنت أؤمن به، فتفاقمت مشاكلي الزوجية والصحية.
بدأت في تعلم رياضة اليوغا في عام 2009 ولكن لم أتجرأ إلا بعد ثلاث سنوات من الغوص في استكشاف الرياضات المعروفة  بكونها خشنة وأكثر رجالية مثل الملاكمة التايلاندية والكيك بوكسينغ. فبدأت في التردد على واحدة من أشهر صالات فنون القتال المختلطة في العالم "تريستار". واصلت تدريبي المنتظم في الملاكمة واليوغا، وبذلك حصلت على شهادة تدريس اليوغا في عام 2012. 
ومع ذلك، وبالرغم من ازدياد مشاكلي الزوجية ومشاكلي الصحية، جربت أخيراً وفي عام 2013 فن القتال البرازيلي "جيوجيتسو"، وهي رياضة تشبه الجودو إلى حد ما ولكنها تستمر بشكل أساسي على الأرض مثل المصارعة. جذبتني هذه الرياضة بتعقيدها ومجموعة إمكانياتها التقنية.
بعد سنوات من التعلم، اجتزت الصف الأول في كانون الأول/ديسمبر عام 2015 وشاركت في المسابقات المحلية في كندا، ساعدتني عملية التدريب الجادة والمكثفة ومعرفة ما أريد على اتخاذ قرار الطلاق من زوجي والعودة إلى لبنان بعد 11 عاماً من الغياب. هناك واصلت تدريبي على فن القتال الجوجيتسو البرازيلية والتقيت بالمدرب دانيال هلال والبروفيسور سعيد خطيب، وفي عام 2018 عدت إلى مدينة مونتريال في كندا وتدربت مع الفريق البرازيلي الأعلى إلى جانب رياضيين دوليين مهمين كاللاعبين بريانا سانت ماري وليوناردو ساغيورو، في نفس العام عندما كنت أبلغ من العمر 41 عاماً فزت بالميدالية الفضية في بطولة عموم أمريكا بالإضافة إلى الميدالية الذهبية في بطولة العالم ثم الميدالية الفضية في بطولة أوروبا عام 2020.
هل هناك نماذج نسائية ألهمتكِ لتصبح بطلة؟
لا، لأنني أعتقد حقاً أن كل شخص يجب أن يكون بطله الخاص، يمكنك أن تجدي كل الإلهام والقوى بداخلك. أنا أشجع جميع الفتيات والنساء على الاستماع إلى أصواتهن الداخلية واكتشاف شغفهن الحقيقي، المهم أولاً وقبل أي شيء الإيمان بالذات والوثوق بأنفسهن وبأنه يمكنهن فعل أي شيء بالإرادة والتصميم. 
هل تعتقدين أن فنون الدفاع عن النفس تجعلك تفقدين أنوثتك؟
لا على الإطلاق، ما زلت أحب نفس الأشياء الأنثوية. أنت فقط تبنين شخصية أقوى ومزيداً من الانضباط والاحترام لنفسك والآخرين، وتصبحين جسدياً أكثر صحة وتتعلمين الاستماع إلى جسدك والإيمان بقوتك.
ورياضة الجوجيتسو هو فن الدفاع عن النفس، وهي تساعد المرأة في الدفاع عن نفسها في حال تعرضت إلى تحرش أو اعتداء حتى لو كان المعتدي ضخم، ففي الجوجيتسو تستخدم تقنيات سليمة، يمكن التغلب على القيود الجسدية على أساس العمر والجنس والتمكن من أداء التقنية التي تحمي الجسد من أي هجوم من خصم حتى لو كان أكبر في الحجم وأقوى، لذلك أشجع النساء على ممارسة هذه الرياضة التي تساعد في الحفاظ على صحتهن ورشاقتهن أيضاً.
هل تشعرين أن المرأة تستطيع أن تفعل كل ما يمكن للرجل القيام به؟
نعم، تتمتع النساء بنسبة 100% بالمرونة والقوة، فنحن نؤدي مهام متعددة، ودائماً نكون في صدارة لعبتنا. أنا محظوظة لأنني أعمل في شركة تؤمن بحق المرأة وتساوي بين الجنسين، فنحن ندعمها ونسمعها جيداً.
الآن وقد حققت حلمكِ بالحصول على الميدالية الذهبية... هل تفكرين في العودة إلى لبنان لتدريب نساء أخريات في مجال "الجوجيتسو"؟ 
أريد توفير الإمكانيات التي منحتها لي كندا للبنان التي بدا فيها كل شيء ضبابياً لم تتوفر إمكانيات كثيرة، يعد الأمان وإمكانية الوصول إلى الأشياء عاملاً محفزاً وهذا ما نفتقده في لبنان، خاصة في ظل التدهور الاقتصادي حيث أصبح الهم الأول تأمين المستلزمات المعيشية مما يجعل تحقيق الأحلام هدف ثانوي. للأسف، تحظى النساء في العالم الغربي بفرصة أكبر في تحقيق ما يحلمن به.
أريد أن أساعد في بناء مجتمع نسائي أقوى ومقاتلات لبنانيات للمنافسة في المباريات الدولية وأضع خطة للقيام بذلك في المستقبل القريب واتمنى أن يتحسن الوضع الاقتصادي في البلاد لأستطيع تحقيق ذلك وخاصة في بيروت بعد فاجعة الانفجار التي تعرضت لها العاصمة في الرابع من آب/أغسطس عام 2020. هناك العديد من الفتيات اللواتي تمتلكن مواهب رياضية ولديهن القدرة على أن يصبحن بطلات للعالم.
واختتمت بطلة العالم في فن القتال البرازيلي الجوجيتسو في الفئة المتوسطة ميريلا عطا الله اللقاء بتشجيع النساء والفتيات على تحقيق أحلامهن "ثقي بنفسك، اتبعي أحلامك، أنتِ سيدة عالمك ومصيرك، أنت أقوى مما تعتقدين فقط امنحي نفسك فرصة".