من بينها المصارعة... تونسيات تقتحمن عالم الألعاب الرياضية

لطالما كانت ممارسة رياضة المصارعة حكراً على الرجال خاصة في المناطق الداخلية في تونس، ولكن في الآونة الأخيرة اختلف الوضع تماماً بعد أن بدأت النساء بالمشاركة في هذه الرياضة والفوز في المراكز الأولى.

إخلاص الحمروني

تونس ـ تمكنت الفتيات التونسيات من اقتحام مختلف الألعاب الرياضية الفردية منها والجماعية، محققات نجاحات باهرة ومذهلة، وتمكنت بعض الفتيات في المناطق الداخلية من الدخول إلى عالم الرياضة رغم الظروف الصعبة التي تعشنها.

استطاعت الشابات التونسيات خاصة القاطنات في المناطق الداخلية كمدينة قصرين من كسر النظرة الذكورية التي تخصص بعض أنواع الرياضات كالمصارعة للرجال فقط، لتصبحن في وقت وجيز علامة امتياز لتألق تونس في عدة محافل رياضية محققات بذلك إنجازات غير مسبوقة ومتفردة، ما جعلهن تكتبن قصص نجاح ملهمة لبقية الفتيات التونسيات ولاسيما القاطنات في المناطق الريفية.

فازت شيماء نصري البالغة من العمر20 عاماً ابنة الجمعية الرياضية النسائية بالقصرين بفضية الوسطيات وزن 53 كغ ضمن البطولة الإفريقية للمصارعة بالحمامات، وتمكنت من النجاح في عالم المصارعة وكسب العديد من الألقاب التونسية والعربية، وعن تجربتها تقول "بدأت مسيرتي الرياضية في عالم المصارعة منذ أن كان عمري 11عاماً، ولأنني أحببت هذه الرياضة على الرغم من صعوبتها، قررت مواصلة المشوار من أجل النجاح والانتصار"، مضيفةً أنها تحلم بأن تصبح بطلة في هذه الرياضة مثل البطلات العالميات.

وأشارت إلى أنها تلقت التدريبات وسط ظروف صعبة، وبإمكانيات بسيطة جداً في مدينة القصرين التي تفتقر لأبسط الأجهزة، ولكن إصرارها على التألق والتميز في عالم رياضة المصارعة كان يكبر يوماً بعد آخر، موضحةَ أنه حين انضمامها إلى المنتخب التونسي لأول مرة كانت تواجه صعوبة بين الدراسة وبين التمارين لذلك حاولت ترك بصمة لها في الفريق "كلما شعرت بالإحباط كنت أشجع نفسي على مواصل المشوار ومواجهة كل التحديات".

أرادت شيماء نصري كسب الرهان وفرض ذاتها ومكانتها ضمن لاعبات المنتخب الوطني لتمثل تونس وتخلد اسمها في عالم المصارعة، بوصفها شابة تعيش في منطقة ريفية لا تؤمن بأن الفتاة من حقها ممارسة الرياضة وأن هذه الأخيرة حكراً على الرجال دون النساء.

وقالت "أريد أن أثبت للجميع خاصة لمجتمعنا الريفي، أن المرأة بإمكانها النجاح وتحقيق أحلامها والوصول إلى القمة مثلها مثل الرجل، حتى يغير البعض من سكان القصرين رأيهم بأن ممارسة الرياضة وخاصة المصارعة من حق الشباب فقط".

وعن مسيرتها الرياضية، أوضحت أن أول خطوة في سلم النجاح كانت في عام 2017 حين حققت المركز الثاني في المسابقة الدولية لكنها اضطرت للانقطاع عن التمارين، لأسباب مادية لكن بفضل تشجيع عائلتها وخاصة أمها التي ساعدتها ودعمتها عادت من جديد إلى ممارسة التمارين لتحقق في بطولة أفريقيا عام 2023 المنظمة في مدينة الحمامات بتونس المركز الثاني، ونجحت في بطولة المصارعة العربية في مصر من كسب المركز الثالث وفي الجزائر حققت المركز الثاني.

ولفتت إلى أن تجربتها في رياضة المصارعة زادها ثقة في نفسها وشجعها على النجاح "يجب على الفتيات خاصة القاطنات في المناطق الريفية ألا تشعرن باليأس وأن تجتهدن لتحقيق أحلامهن وتحثهن على ممارسة الرياضة لأنها تمنح الفتاة الثقة في النفس وتحملها المسؤولية".

 

 

من جانبها قالت الشابة آية عيشاوي عن تجربتها في عالم المصارعة "بدأت مسيرتي الرياضية في المصارعة وأنا في الحادية عشر من عمري، عندما كنت أتابع مباريات بعض اللاعبات العالميات وأحلم أن أصبح مثلهن، لذلك قررت أن أحقق حلمي والانضمام إلى فريق المصارعة والمشاركة في التمارين المكثفة".

وأوضحت أن المشوار الذي خاضته لم يكن سهلاً، كون المجتمع في المناطق الداخلية مثل مدينتها قصرين يرفض فكرة أن تمارس الفتاة رياضة المصارعة، لأنها تخص الرجال فقط، لافتةً إلى أن مشوارها هذا العام كان صعب جداً لأن حصص التدريب تزامنت مع امتحاناتها، حتى أنها فكرت في الانقطاع عن الرياضة والتركيز على الدراسة غير أن تشجيع عائلتها منحها القوة وساعدها على التوفيق بينهم ونجحت في الامتحانات وأيضا في مسيرتها الرياضية.

وأكدت أن أول نحاج حققته كان انضمامها إلى الفريق الوطني للمصارع عام 2020 ومنذ ذلك الحين اجتهدت في التمارين لتتمكن في أول مباراة لها عام 2021 من الفوز بالميدالية الذهبية "فوزي شجعني على العمل أكثر، ففي عام 2022حصلت على الميدالية الفضية وفي العام التالي حصلت كذلك على الميدالية الفضية وفي عام 2024 كانت المنافسة الأصعب لأن كل اللاعبات كن تحلمن بالفوز والحصول على المراتب الأولى ومع ذلك فزت وحصلت على الميدالية الذهبية".

نجاح آية عيشاوي جعلها فخورة بنفسها وترى أنه على كل فتاة التمسك بأحلامها الرياضية والإصرار على ممارسته كرياضة المصارعة التي تعتبر حكراً على الرجال "عندما تريد الفتاة النجاح يمكنها ذلك لأنها أكثر اجتهاداً وإصراراً من الشباب، لذلك على كل فتاة ممارسة الرياضة خاصةً المصارعة لأنها تقوي الشخصية".

ومثلها مثل الشابة شيماء نصري، تلخص الصعوبات التي اعترضتها في ظروف التدريب والافتقار الى أجهزة التمارين قائلة "إن ظروف التدريب في المناطق الأخرى أسهل، كما أن الفتيات في مدينة القصرين خاصة اللواتي تمارسن الرياضة بحاجة للكثير من التشجيع والدعم".

وفي ختام حديثها قالت إن عائلتها قدمت لها الدعم النفسي وشجعتها على ممارسة هذه الرياضة خاصة بعد رفض المجتمع المحيط بها ممارستها الرياضة التي تعتبرها حكر على الرجال.