زينب كناجي... أبرز الأسماء المحفورة في تاريخ النضال الكردي
"تلميذة القائد أوجلان"، "زيلان"، ألقاب عُرفت بها الشهيدة زينب كناجي، التي سجلت اسمها في صفحات تاريخ النضال الكردي والمرأة.
مركز الأخبار ـ لم يمر سوى عام واحد على انضمامها إلى حركة التحرر الكردستاني لكنها استطاعت أن تدون اسمها في سجل النضال الكردي، إنها الشهيدة زينب كناجي التي رأت في الجرأة الحل لقول لا للظلم المفروض على الشعوب المضطهدة.
"حبي للإنسانية وتمسكي بالحياة النموذجية ومبتغاي في أن أكون صاحبة نضال وحياة ذات معنى عميق، دفعني إلى القيام بهذه العملية لتدون في سجل الخالدين"، هذا ما قالته زينب كناجي المعروفة باسم "زيلان" عن عمليتها الفدائية التي نفذتها في ديرسم بشمال كردستان، التي يُصادف 30 حزيران/يونيو الذكرى السنوية الـ 28 لاستشهادها.
من هي الشهيدة زيلان؟
ولدت زينب كناجي عام 1972، في قرية ألمالي التابعة لمدينة ملاطيا في شمال كردستان، وكانت الأخت الصغرى لسبعة أشقاء، حملت الاسم الحركي "زيلان" بعد انخراطها في صفوف حركة التحرر الكردستانية، درست علم النفس في جامعة إينونو، وبسبب ضيق الأحوال المادية لعائلتها عملت في قسم التصوير والأشعة في المشفى الوطني للمدينة قبل انضمامها إلى الحركة التي آمنت بها أكثر بعد مشاركتها في فعاليات الجبهة في مدينة أضنة عام 1994، وبقيت ضمنها لمدة عام.
بعد تخرجها تزوجت من زميل الدراسة محمد علي أطلي، وجاء انضمامها للحركة عام 1995، فقد آمنت بفكرة أن كل بلد محتل يجب أن يتحرر ورأت أن كردستان يخضع لاحتلال ولا بد من تحريرها وشعبها الذي يعاني من الظلم والاضطهاد، وتعرفت أكثر على مفهوم ونظام حركة التحرر الكردستانية وأهدافها بسبب بحثها الدائم عن جهة تتبنى فكرها الثوري، كما أن اهتمامها وميولها لنصرة القضية الكردية اكتسبته من فكر وميول عائلتها التي دعمت الحراك الكردي.
وزيلان باللغة العربية يعني الانبعاث أما بالكردية فيعني الذكرى المؤلمة تعبيراً عن المجزرة التي ارتكبتها السلطات التركية بحق 15 ألف شخص من الكرد في تموز/يوليو 1930، بوادي زيلان أو (كَلي زيلان) الواقع في مدينة وان بشمال كردستان، حيث اعتبرت هذه المجزرة واحدة من أكبر الجرائم ضد الإنسانية.
وللتعبير عن حقيقة شعب يفتقد أرضه بذلت زينب كناجي الكثير، حيث قالت عن انضمامها لحركة التحرر الكردستاني "لقد تطور اهتمامي بالفكر اليساري والقضية الكردية عندما كنت أدرس في الثانوية، الأمر الذي جعلني اتعمق أكثر بمفهوم الحياة خلال هذه السنوات، ولكنني لم أتبنى أي نهج سياسي خلال مرحلة الجامعة وتوضح اتجاهي من بين الأفكار اليسارية".
انضمامها للحزب اكسبها الجرأة والصلابة فقد قالت "خلال هذه المدة التي بقيت فيها ضمن صفوف الكريلا تمكنتُ من التعرف على شخصيتي من كل الجوانب، كما تطورت قياساً بالمراحل السابقة؛ أستطيع القول إنني استمد القوة في مسألة المعنويات والقرار والإرادة والحسم من الكثير من القضايا".
زيلان... رمز انبعاث المرأة الكردية
كان لزينب كناجي إيمان راسخ أن قتل النفس ليس حلاً للرد على الاضطهاد والظلم وهو ذات الأمر الذي لطالما كان القائد عبد الله أوجلان يحاول نشره من خلال فلسفته وفكره، لكن صمت القوى العالمية والدولية إزاء ما ترتكب وتمارسه الأنظمة الرأسمالية والإمبريالية بحق الأقليات جعلها ترى أن عمليتها الفدائية وسيلة لكسر بطش هذه الأنظمة وللفت أنظار العالم، حيث قالت "عندما نذهب إلى الشهادة نعرف جيداً وبشكل قطعي أن هناك من يمثلنا وسيستمر على هذا النهج، عندما أنوي القيام بهذه العملية فإنني أرى أنها مهمة مطلوب مني أداؤها، وأشعر بأنني مسؤولة أمام التاريخ، حتى أستطيع التغلب على نقاط ضعفي والتوجه نحو آفاق الحرية وتحقيق ذاتي، فإنني أرى السبيل إلى كل ذلك من خلال الحرب، وإنني على قناعة بأن كل ذلك يمر عبر التجاوب مع متطلبات هذه الحرب، أريد أن أحقق رغبة شعبي في الحرية، في مواجهة السياسة الإمبريالية التي تريد أن تحوّل المرأة إلى عبدة، أريد أن أفجر نفسي كقنبلة لكي أظهر كل غضبي وعنفواني بشكل كبير ولكي أتحول إلى رمز لانبعاث المرأة الكردية".
قبل تنفيذها للعملية قالت في رسالتها "أن ارتباطي والتحامي وتمسكي بالحياة هو ارتباط نموذجي، لذا أريد أن أكون صاحبة عملية كبيرة وحياة ذات معنى، أن نضال التحرر الوطني الجاري بقيادة القائد عبد الله أوجلان سوف يصل إلى النصر قريباً، لا أريد أن أقتل ولا أُقتل لكن من أجل أن نكتسب حريتنا لا يوجد سبيل آخر، والمسؤول عن هذه الحرب والمذنب فيها هي القوى الإمبريالية وعميلهم الدولة التركية الفاشية".
توجهت في 30 حزيران/يونيو 1996 نحو مركز للجيش التركي أثناء مراسم رفع العلم بمدينة ديرسم بشمال كردستان، محملةً بـ 8 كغ من المواد المتفجرة وقطع من الحديد وقنبلتين يدويتين وتظاهرت بأنها حامل، عمليتها الفدائية جاءت رداً على محاولة الاستخبارات التركية اغتيال القائد أوجلان خلال تواجده في العاصمة السورية دمشق، وعمليتها الفدائية تعد الأولى من نوعها في تاريخ حركة التحرر الكردستاني.
كما وصف القائد عبد الله أوجلان العملية بـ "المانيفستو"، كما قال عنها "رفيقة الدرب زيلان هي قائدتي وينبغي السير على نهجها، عندما يكون الإنسان مرتبطاً ومتعلقاً بهدفه ومنظماً نفسه جيداً يمكنهُ تحقيق النصر المؤزر".
تكريماً للشهيدة زينب كناجي نظمت حركات وتنظيمات المرأة الكردية في أوروبا منذ عام 2004 مهرجان سنوي يقام كل عام في منتصف شهر حزيران/يونيو، كما تستذكر النساء والمؤسسات النسوية بإقليم شمال وشرق سوريا وشمال كردستان الشهيدة زيلان كل عام، زيلان التي لطالما نادت بالتآخي بين الشعوب والفضيلة الإنسانية والصداقة، منددةً بالإمبريالية واصفةً إياها بالصدأ الذي ألحق الضمور بالعقول البشرية وجردها من إنسانيتها.