زُها حديد ملكة المنحنيات ومصممة عالم من الخيال المعماري

من رحم أقدم مدن الحضارة في العالم خرجت امرأة استحقت أن تكون أهم مصممة عمارة في العالم دون منافس، غيرت بشكل جذري المفاهيم القديمة حول التصميم

مركز الأخبار ـ ، واتخذت من المنحنيات هوية معمارية لها حتى أطلق عليها لقب ملكة المنحنيات، زُها حديد العراقية البريطانية والمصممة العالمية في فن العمارة الحديث.
توزعت أعمالها المعمارية الفنية في مختلف دول العالم من بريطانيا إلى ايطاليا والصين والوطن العربي وغيرها، ورغم أن العراق غارق في الحروب والدمار إلا أن ذلك لم يمنعها من تلبية الدعوة لتصميم بناء البنك المركزي.
 
امرأة عربية 
"حاربني الغرب لأنني عربية وحاربني العرب لأنني امرأة"، هذه إحدى عبارات زُها حديد تصف فيها الأسباب المباشرة لكل التحديات التي واجهتها سواء في الغرب أو الشرق.
واصطدمت زها حديد بحاجز أصولها العربية في بريطانيا وفي الدول العربية ذاتها، ويبدو أن كلامها أصاب عين الحقيقة عندما قالت في أحد لقاءاتها مع قناة تلفزيونية عربية تحدثت فيها عن مشاريعها في الدول العربية ووصفتها بالفاشلة نوعاً ما كون العرب لا يقدرون العربي، بل لو كانت أمريكية مثلاً لكان الاحتفاء بإعمالها كبيراً، على حد قولها.
ويعتبر توقيت دخولها إلى الساحة العربية متأخراً بالنسبة لشهرتها فكان أول مشروع لها في الوطن العربي عام 2006 من خلال مركز عصام فارس في الجامعة الأمريكية ببيروت والذي استمر بنائه حتى عام 2014، والعديد من المشاريع التي ألغي أغلبها في دبي وأبو ظبي ومصر وبناء مجلس الشعب في سوريا وغيرها من المشاريع بسبب تكلفتها باهظة الثمن حيث أن الممولين العرب يسعون للسمعة أكثر من العمل بحد ذاته.  
 
تصاميم خيالية 
لا يمكن لمن ينظر إلى صور تصاميم زُها حديد إلا أن يعتقد أنها مجرد صور مصممة على برامج التصميم الهندسي على الكمبيوتر ولم تنقل بعد على الأرض أو لا يمكن حتى نقلها إلى الواقع، حيث أنها تفتقر إلى البساطة؛ نجد الكثير والكثير من المنحنيات للأبنية التي تصممها مما يزيدها جمالاً، تدخل الناظر لها في دوامة من المتعة والضياع في آن معاً.
واعتبرت تصاميمها غير قابلة للتنفيذ تقول عن رفض مشاريعها في بداية مسيرتها "هناك الكثير من العملاء الذين يعتبرون تصاميمي ضرب من الجنون لكن هذه المعركة تجعلك في النهاية أشد قوة". 
من النقد الموجه لأعمالها هو أن أسلوبها في تصميم الأبنية يعتمد بشكل كبير على البذخ حيث لا تستطيع أي دولة تحمل تكاليف الأبنية التي ستصممها زُها حديد في حال التعاقد معها، وذلك واضح بشكل كبير بمجرد النظر إلى مركز حيدر علييف في اذربيجان، أو مركز الفنون الحديثة في روما، ومركز فاينو للعلوم في المانيا، أو جسر الشيخ زايد ومركز الفنون في الإمارات العربية، وغيرها الكثير من التصاميم، وخير دليل على ذلك تصميم "سوهو المجرة" الشهير في الصين والذي ما يزال فارغاً؛ لأن سعر المتر لأرض المبنى يفوق الخيال وهو ما يجعله خارج خطط المستثمرين.
وكان النصيب الأكبر من النقد لمبنى "سوهو المجرة" لأنه وبحسب النقاد كحال جميع تصاميمها غير قابل للتعديل فالمكاتب مظلمة بشكل كبير تحتاج الكثير من الإضاءة مما يزيد من كمية الإشعاع الصادر منه، فهو يسبب التلوث الدائم للبيئة المحيطة دون الاستفادة منه، وبشكل عام فإن تصاميم زُها حديد جذابة ترضي البصر لكنها غير عملية بحسب النقاد.
أيضاً تم التخلي عن مشروع الملعب الأولمبي المزمع بنائه في طوكيو عام 2020 بسبب تكلفته الباهظة، واعتباره غير مناسب للمنطقة بسبب ارتفاعه الشاهق.
لكن زهُا حديد تدافع عن تصاميمها بالقول إن التحديث موجود دائماً فالتاريخ المعماري مصنوع من طبقات عديدة فأسلافنا لم يقوموا بتقليد أسلافهم وأضافوا بعض الابتكارات وهذا هو التميز.
وقد اصطف العديد من النقاد إلى جانب أسلوب زُها حديد في التصميم فقد قال عنها أحدهم "أنها ليست عمارة المرأة فهي فنانة مرهفة تقدم ما تشعر به من تأثير التطور التقني والفني في جميع اتجاهاته في عالم أصبح قرية صغيرة"، ويقول الناقد المعماري أندرياس روبي "أن مشاريع زُها حديد تشبه سفن الفضاء التي تسبح دون تأثير الجاذبية.... تقترب من سطح الأرض وفي استقرارها تعتبر أكبر عملية مناورة في مجال العمارة".
 
حياتها بعيداً عن العمارة
رغم حياتها الطويلة في أوروبا إلا أن زُها حديد المعمارية العالمية لم تنسى طفولتها في بغداد، كانت تحن دائماً لوطنها وكانت متعلقة بكل ما يرتبط بالشرق الأوسط، ففي حفلات عيد ميلادها تحرص على استحضار الأجواء العربية وسماع القدود والموشحات الحلبية السورية، وتستذكر بحب فترة المراهقة التي عاشتها في العاصمة اللبنانية بيروت خلال فترة دراستها للرياضيات في الجامعة الأمريكية في سبعينيات القرن الماضي، قبل أن تنتقل إلى لندن في عام 1972 وهي تحمل شهادة الليسانس من بيروت لتكمل دراستها في الهندسة المعمارية.
ولدت زُها حديد في عام 1950 ببغداد ودرست المرحلة الابتدائية في مدرسة للراهبات رغم أنها مسلمة، تقول إن عائلتها كانت منفتحة، ونقل والدها الذي درس في بريطانيا لأطفاله تربية عصرية، تقول زُها أنه كان ليبرالي صاحب تفكير منفتح على الآخرين وبفضل هذه التربية لم تعاني من التمييز بينها وبين إخوتها الذكور.
زُها حديد من عائلة معروفة في العراق فوالدها محمد حديد سياسي واقتصادي وابن عائلة موصلية تعمل في التجارة درس الاقتصاد في بيروت ولندن، تشترك زها مع والدها في الكثير من التفاصيل فكلاهما شغوف بالتصاميم وكلاهما درسا في الجامعة الأمريكية في بيروت وكلاهما أكمل دراسته في العاصمة البريطانية. 
وتأثرت كثيراً بوالدها الذي كان بدوره مهتماً بالتصميم وانعكس ذلك على أثاث المنزل، وأيضاً بحكم عمل والدها الذي كان سياسي واقتصادي بارز في العراق شارك في تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي في عام 1946 وكان وزيراً للتموين في نفس العام ثم وزير للمالية، بحكم هذا المركز كان للعائلة نصيب أن ترافقه في عدة رحلات حول العالم ما أغنى مُخيلة زُها حديد بعد أن اطلعت على ثقافات معمارية مختلفة. 
تشبه زُها والدتها وجيهة مصطفى صابونجي إلى حد كبير فلهما ملامح تكاد أن تكون متطابقة، تقول إن والدتها كانت مصدر دعم كبير لها وما كانت لتستطيع تحقيق أي من طموحاتها لولا مساندتها، وقد كان لدى والدتها موهبة في الرسم ومارستها حتى بعد زواجها وانجابها ثلاثة اطفال هم هيثم وفولاذ وزها وقد نقلت هذا الشغف إلى ابنتها الوحيدة.
بينما تقول عن والدها أنه ألهمها الشجاعة ومنحها الثقة التي مكنتها من التغلب على الكثير من العوائق في وقت كان فيه العراق مجتمعاً أكثر انغلاقاً بسبب العادات والتقاليد، ووقت كان فيه عمل الهندسة حكراً على الرجال ليس في العراق فقط وإنما في جميع انحاء العالم.
عاشت زُها حديد حياة طفلة وحيدة مدللة لها شخصية مستقلة فأصغر واحد من أخويها كان يكبرها بثلاثة عشر عاماً وكانا يدرسان خارج البلاد. 
في عام 1966 كانت زُها حديد قد انهت مرحلة التعليم الثانوي في نفس مدرسة الراهبات، وانتقلت إلى سويسرا للدراسة هناك ثم انتقلت إلى بريطانيا عام 1967 لعام واحد ايضاً، عادت إلى لبنان ودرست الرياضيات في الجامعة الأمريكية وتخرجت في عام 1971، بعدها سافرت إلى لندن لاستكمال دراستها ولم تعد إلى لبنان حتى العام 1996. 
 
في لندن
حملت زُها حديد معها شهادة البكالوريوس في الرياضيات ومحبة ودعم وتشجيع عائلتها التي تؤمن بالعلم والتعليم، لم يتدخل والديها في اختياراتها وهما يعلمان مدى شغفها بالتصاميم منذ أن كانت بعمر 11 عاماً.
في فترة إقامتها في لندن جاء خبر وفاة والدتها في عام 1983 كالصاعقة، ساندها والدها وعائلتها للتغلب على هذه المحنة، كان مؤلماً أن تفارق والدتها الحياة دون أن ترى انجازات وشهرة ابنتها الوحيدة على مستوى العالم.
وفي عام 1999 وفي بداية نشاطها المهني توفي والدها في لندن بعد أن قدم إلى البلاد بغرض العلاج، وهو أيضاً لم يشهد نجاح وشهرة زها عالمياً. 
دائماً ما ترجع زها حديد الفضل في نجاحها إلى والديها تقول "للوالدين دور كبير في التعليم والنجاح عندما يمنحان الحب والعاطفة مما يجعل الأبناء أقل ارتباكاً". وتؤكد على ذلك "بالطبع لقد ساعدتني عائلتي وإخوتي في البداية ولكن عقب انشائي لمكتبي كان علي أن اساعد نفسي".
 
اختيار الهندسة المعمارية
منذ أن كان عمرها ستة أعوام شغفت زها حديد بالأبنية والتصاميم وفي سن 11 عاماً حددت اختيارها بأن تصبح مهندسة معمارية فما كان منها إلا سعت لهذا الحلم في بريطانيا حين سجلت في مدرسة العمارة المعروفة بـ "الجمعية المعمارية" في لندن.
انبهرت زُها حديد بتصاميم المعماري الشهير فرانك لويد رايت أحد أهم المعماريين في القرن العشرين، وذلك عندما شاهدتها أول مرة خلال زيارة لها وهي في عمر السادسة مع والدها لمعرضه المقام وقتها بدار الأوبرا في العاصمة بغداد، وتأثرت أيضاً بالمدن السومرية أثناء رحلة مع عائلتها، قالت عن تلك الزيارة "اصطحبنا أبي لزيارة المدن السومرية... ظل جمال المناظر الطبيعية هناك عالقاً في ذاكرتي منذ تلك اللحظة أنا أحاول اكتشاف أو اختراع طراز معماري يكون له التأثير نفسه لكن بصورة أكثر عصرية". 
ومع أنها ولدت في بلد يعرف بحضاراته العريقة والتي تمتد لآلاف السنين إلا أنها انجذبت نحو الفن الحديث في البناء وتأثرت خلال دراستها التي استمرت خمس سنوات برواد الحداثة المعمارية أمثال "لودفيغ ميس فان در روه، ولوكوربوزييه، وإيريك مندلسون" وغيرهم. 
وكانت "الجمعية المعمارية" معروفة بكونها أكثر معاهد العمارة في العالم التي تشجع وتعمل على ابتكار تصاميم جديدة وغير مألوفة، كما وشجعها معلمها المعماري الهولندي ريم كولهاس وزميله إيليا زنغليس على الإبداع في تصميم الأبنية.
عن فترة دراستها وصفها كولهاس بالقول "كانت كصاروخ ينتقل ببطء قبل أن يرتفع في السماء" وبعد نجاحها قال إنها "كوكب في مدارها الخاص الذي لا يضاهيه أحد". 
تخرجت في عام 1977وحصلت على المرتبة الأولى بين الخريجين وجائزة الرابطة بالحداثة، واتبعت المدرسة التفكيكية التي تعتمد على إظهار جمال البناء من خلال تشكيلات مترابطة بين الكتل والفراغات. 
 
بداية صعبة 
عن بداية مسيرتها ورفض أفكارها تقول "أدركت بأنه لا يسمح لي باقتحام عوالم معينة لأنني امرأة وشابة ومن أصول أجنبية وخاصة كوني امرأة إلى جانب أسلوبي غير المألوف في العمل".
بعد تخرجها عملت في فرع نيويورك لمكتب هندسة المدن الذي يقع مركزه الرئيسي في هولندا وبذلك أصبحت زميلة عمل إلى جانب استاذيها في المعهد ريم كولهاس وإيليا زنغليس، وفي نفس الوقت عملت كمعيدة في الكلية.
أخذ العمل كل وقتها ففي ذلك الوقت لم يكن الرسم الهندسي متوفر على أجهزة الكمبيوتر كما هو الآن كانت تقضي الليالي تصمم الأبنية بأسلوب مميز ومبتكر.
وفي سنوات قليلة استطاعت تأسيس شركة خاصة بها في لندن باسم Zaha Hadid Architects أي مكتب زها حديد للهندسة المعمارية، وهو عبارة عن غرفة بأربعة موظفين أصبح اليوم مؤلف من العديد من المباني يعمل فيه نحو 400 موظف، كسب مكتبها سمعة جيدة في بداية تأسيسه وأصبح فيما بعد من أهم المكاتب والشركات المختصة في العمارة حول العالم.
 
جوائز بدون مشاريع 
في عام 1982 حصلت على أول جائزة بمسابقة نادي القمة في هونغ كونغ في الصين، وبدأ نجمها يسطع كمصممة بناء مميزة وكتبت عنها العديد من المجلات، ونشرت تصميمها الذي تحدت فيه الجاذبية إلا أن المشروع كان صعب التنفيذ في ذلك الوقت؛ لأن إمكانيات الإنشاء لم تكن بالتطور الكافي، واندرج ذلك على بقية مشاريعها في السنوات العشر الأولى من عملها.
كانت تفوز بالمسابقات لكن لا يمكن نقل تصاميمها من الورق إلى الأرض، قال عنها منتقدوها أنها "مهندسة قرطاس"، إلا أنه وفي عام 1986 تم تنفيذ أول مشرع لها في برلين وهو إسكان "أي بي إيه" لكي يكون مبنى المعرض الدولي للعمارة. 
تميزت تصاميمها بكونها جريئة تتحدى قوانين الجاذبية الأرضية وخارجة عن المألوف أقرب ما تكون إلى الخيال المعماري، وعلى الرغم من ذلك لم تقبل بأي تنازلات وكما قال عنها شريكها في المكتب باتريك شوماخر "تطويع الإبهار كان واحداً من أهم انجازات زُها". 
 
النجاح
توالت نجاحات زُها حديد بعد تنفيذ مشروع إسكان "أي بي إيه" فكان أن حصلت محطة حريق فيترا في المانيا عام 1993 على شهرة كبيرة ويعد أول مشروع ساهم في شهرة زها، فيما كان مركز روزنتال للفن المعاصر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1997 وهو أول بناء لها في البلاد من أدخلها إلى الساحة العالمية.
وعلى إثر فوزها بمسابقة تشييد هذا المركز منحتها مؤسسة هيات المالكة لسلسة فنادق ريجينسي جائزة بريتزكر وهي تعادل جائزة نوبل وأصبحت بذلك أصغر مهندس يحصل عليها. 
وكانت أول جائزة تحصل عليها خلال مسيرتها من بريطانيا عام 1982 وهي الميدالية الذهبية للتصميمات المعمارية عن تصاميمها في بريطانيا.
عادت إلى المانيا مرة أخرى عام 1998 من خلال مشروع محطة قطار شتراسبورغ، وفي لندن صممت قبة الألفية وهي أكبر قبة في العالم لاستقبال عام 2000، وكان من بين تصاميمها المميزة سوهو المجرة الذي لاقى الإعجاب والنقد الكثير. 
لعل آخر تصاميم زُها حديد وأشهرها هو مركز حيدر علييف في باكو عاصمة أذربيجان قالت عنه "هو آخر ما أنجزته مما يجعله يختزل خبرة 30 سنة من الأبحاث... يمكن اعتبار البناء منظراً طبيعياً أو على الأصح منظراً هندسياً".
وعلى هذا العمل الناجح استحقت زها حديد أن تكون أول امرأة تحصل على جائزة متحف لندن للتصميم عام 2014.
لم تكتفي بتصميم الأبنية الضخمة لكنها اتجهت نحو تصميم الجوامع ونظراً للصورة المطبوعة في أذهاننا عن شكل المساجد فإن مسجد الأفينيوز بالكويت اعتبر من أغرب الجوامع في العالم.
وعن تصاميمها الرائعة استحقت زُها حديد العديد من الجوائز والميداليات من مختلف أنحاء العالم، لا يمكن احصاءها ولكن أهمها الدكتوراه الفخرية التي منحتها إياها الجامعة الأمريكية في بيروت عام 2006، ووسام الإمبراطورية برتبة كوماندور من فرنسا، وجائزة توماس جيفرسون للهندسة المعمارية التي حصلت عليها بعد ذلك بعام.
وكان عام 2012 حافلاً بالتكريم حيث منحتها الملكة اليزابيث وسام التقدير، وحصلت في نفس العام على الوسام الإمبراطوري الياباني، واختيرت كأفضل الشخصيات في بريطانيا وأصبحت عضواً شرفياً في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب والجمعية الأمريكية للمهندسين المعماريين.
وقبل وفاتها بأشهر حصلت للمرة الثانية على جائزة ستيرلنغ للتميز في الهندسة أيضاً من المعهد الملكي البريطاني "ريبا"، وقد حصلت عليها في المرة الأولى عام 2010 عن تصميمها المتحف القومي لفنون القرن الحادي والعشرين أو كما هو معروف اختصاراً بمتحف ماكسي في العاصمة الإيطالية روما. 
ومن الجوائز المحلية جائزة أفضل تصميم في الإمارات العربية لتصميمها جسر الشيخ زايد في أبو ظبي. 
 
تدريس العمارة
عملت في مجال تدريس هندسة العمارة فعُينت عام 1994 في كلية الدراسات العليا للتصميم المعماري التابعة لجامعة هارفارد، وفي كلية الهندسة التابعة لجامعة إلينوى في شيكاغو، وجامعة كولومبيا، وجامعة الفنون التطبيقية في فيينا. 
وإضافة لكونها عملت كأستاذ زائر في جامعة شيكاغو للعمارة كأستاذ زائر، وكذلك في جامعة ييل، ونيو هافن، وجامعة الفنون التطبيقية في فيينا، ألقت العديد من المحاضرات في بلدان كثيرة حول العالم. 
وهي عضو فخري في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب وزميل في المعهد الأمريكي للهندسة المعمارية.
 
أقوى امرأة في العالم
وصفت بأنها أقوى مهندسة في العالم وصنفتها مجلة التايمز عام 2010 بأنها أقوى امرأة في العالم، لكنها تقول بأنها لا تمتلك هذه الصفة، وتنفي أيضاً وصفها بالمرأة الحديدية تقول إنها كانت تبكي كثيراً عندما تشعر بالإحباط خلال المحاضرات في بريطانيا وهذا ما كان غريباً في المجتمعات الغربية، وهي تبتسم دائماً فهي تعيش حياة طبيعية لا تضع نفسها في قوالب معينة. 
وجاءت في المرتبة 68 بين أقوى النساء في العالم بحسب التصنيف السنوي لمجلة الأعمال فوربس، وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والفنون والثقافة أسمها على لائحة فناني السلام التي تضم المشاهير الذين يستخدمون نفوذهم وسمعتهم لتعزيز المثل العليا للمنظمة. 
 
الديكور وعالم الموضة 
بعد أن اثبتت نفسها بقوة في ساحة الهندسة المعمارية اتجهت زها حديد إلى الموضة، كانت محبة لهذا المجال فدخلت عالمه من خلال تصميم الأحذية والحقائب والمجوهرات قالت "أنا مهتمة بالأزياء لأنها تحتوي على الحالة المزاجية لليوم للحظة مثل الموسيقا والأدب والفن"، واعتبرت أن الموضة جزء من البحث المستمر في عالم التصميم، وكذلك بالنسبة لتصميم الأثاث الذي كان بالنسبة لها جزء من تصميم الأبنية. 
قدمت تصميمات جديدة للأثاث الداخلي تم عرضها في معرض ميلانو الدولي للأثاث في ربيع 2013 ويعد هذا المعرض من أشهر المعارض الدولية المتخصصة في هذا النوع من الفنون، تشارك فيه أكثر من ألفي شركة للأثاث والموبيليا من مختلف دول العالم، وفي 2016 كرمها المعرض في دورته 55 من خلال عرض آخر أعمالها في الأثاث.
وشجعتها تجربة عرض تصاميمها في الديكور والأثاث في معرض ميلانو لتقوم في نفس العام (2013) بافتتاح معرض خاص لها في لندن.
أما فيما يخص عالم الموضة فكان لها تجارب ناجحة في تصميم المجوهرات والحقائب والأحذية وتعاونت مع العديد من الشركات العالمية، ومنها شركة bulgari، لتصميم خاتم B.zero1 المقتبس من شكل الدرج الروماني كولوسيوم، كما تعاونت مع شركة Swararovski النمساوية وقدمت لها زها حديد تصاميم لمجوهرات مستوحاة من الفن الروسي التجريبي، وتعاونت مع العلامة التجارية الدنماركية لمجوهرات جورج جنسن. 
وفي عام 2010 صممت مجوعتها الخاصة Crista حملت أسلوبها المعروف بالانحناءات والتعرجات، وكان آخر تعاون لها قبل وفاتها مع دار المجوهرات اللبنانية "عزيز ووليد مزنر".
 
العالم يودع المعمارية المميزة
في ساعات مبكرة من صباح يوم الخميس آخر أيام آذار/مارس 2016 خسر العالم زُها حديد أشهر المهندسات في مجال التصميم المعماري وهي ما تزال في قمة عطائها إثر نوبة قلبية مفاجئة لم يستطع الأطباء السيطرة عليها.
وتوفيت المهندسة المعمارية بشكل مفاجئ في أحد مشافي ميامي في الولايات المتحدة الأمريكية عن عمر ناهز الـ 65 عاماً، كانت قد اتجهت للمشفى لمعالجة التهاب مزمن أصاب الشعب الهوائية عانت بسببه طوال فترة من ضيق في الصدر وعدم القدرة على التنفس بسلاسة صاحبه سعال مستمر وحمى شديدة.
لم تكن متزوجة تقول "إن العمل في مجال الهندسة لا يترك لك مجالاً للتفكير بنفسك" ولذلك مرت السنوات دون أن تؤسس عائلة، وعلى ذلك تركت إرثاً من الأبنية يصل عددها إلى قرابة ألف بناء موزعة على 44 دولة حول العالم ومجموعة من الأثاث والأحذية والإكسسوار. 
كتكريم لها بعد موتها أقامت الجامعة الأمريكية في بيروت معرضاً لأهم أعمالها وصور من حياتها وعائلتها واختارت معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية لإقامته كونها من قام بتصميمه وتم افتتاحه في 2014.
فيما أعلن البنك المركزي العراقي والذي قامت زها حديد بتصميم بناءه الجديد والذي كان من المزمع افتتاحه في عام 2017 عن نيته إقامة نصب تذكاري لها في وسط بغداد.
أما شركة زها حديد للمهندسين المعماريين فارتأت تخليد ذكرى زُها حديد من خلال كتاب حول فن العمارة بعنوان "زُها حديد المهندسين المعماريين: إعادة تعريف العمارة والتصميم"، ويضم الكتاب رسومات وصور فوتوغرافية تعبر عن 30 تصميماً لها منها 12 مشروعاً سيتم بناؤه بعد وفاتها.
ويبقى لزُها حديد السبق في ابتكار أسلوب جديد في العمارة، وضعت أسسه متحدية القواعد الهندسية والجاذبية الأرضية لتكون كما قال عنها مدير شركتها ورفيق دربها باتريك شوماخر صرخة في فن العمارة.