سونيا غاندي... المرأة التي حفرت اسمها في تاريخ السياسة الهندية
سونيا غاندي سياسية هندية فازت برئاسة المؤتمر الوطني الحاكم لأربع فترات متتالية، وضعت قضايا المرأة على قائمة أولوياتها، استطاعت قيادة المؤتمر لسن قانون يضمن عقوبات مشددة على مرتكبي جرائم الاغتصاب.
مركز الأخبار ـ حققت العديد من المكاسب لصالح المرأة الهندية هي السياسية سونيا غاندي التي تولت رئاسة المؤتمر الوطني الهندي الحاكم لمدة عشرة سنوات متتالية، كان لها دور بارز في توقيع اتفاقية التعاون النووي السلمي بين الهند والولايات المتحدة الأمريكية.
19 عاماً في قيادة مؤتمر الحزب الوطني الهندي
ولدت سونيا غاندي في كانون الأول/ديسمبر عام 1946 بمدينة لوسيانا الإيطالية، ثم انتقلت إلى إنكلترا بهدف دراسة اللغات في جامعة كمبريدج البريطانية حيث التقت هناك براجيف غاندي الأبن الأكبر لرئيسة وزراء الهند في ذلك الحين أنديرا غاندي، تزوجا عام 1969 ثم انتقلا للعيش في الهند، وأصبحت على علم ومعرفة كافية بالسياسية السائدة.
وكانت تبغض السياسة لدرجة كبيرة حتى أنها فضلت أن يصبح أولادها متسولين من أن يكون سياسيين، وبعد خمس عشر عاماً نالت الجنسية الهندية وقد كانت جنسيتها الأم تشكل عائق أمام الطموحات السياسية لزوجها الذي خلف والدته بعد اغتيالها على إثر الخلافات العرقية التي حدثت في عهدها، في قيادة حزب المؤتمر الوطني وهو أقدم حزب سياسي في الهند هيمن على الحياة السياسية في البلاد لعقود بعد الاستقلال تحت قيادة أجيال من عائلة نهرو غاندي.
ورافقت سونيا غاندي زوجها خلال جولاته خاصة إلى المناطق الفقيرة في الهند وكانت قريبة جداً من الفقراء والبسطاء حيث عاشت معاناتهم وكانوا يتحدثون معها عن آمالهم وتطلعاتهم، كما قرأت الكثير من كتب الفلسفة والتاريخ لتدعم زوجها في مشواره السياسي لإدارة أمور البلاد.
ولقي راجيف غاندي حتفه كوالدته فقد تم اغتياله عام 1991، وكانت ترفض آنذاك فكرة الضلوع بعالم السياسة لكن كان عليها أن تواجه الكثير من الضغوطات الشديدة من قبل حزب المؤتمر الوطني لتكون خلفاً لزوجها في قيادة الحزب، وبعد مرور ثماني أعوام انضمت لحزب المؤتمر وأصبحت رئيسة له بعد 62 يوم فقط من انضمامها وتولت رئاسته لمدة 19 عام منذ 1998 ولغاية 2017 ثم سلمتها لابنها راجيف غاندي الذي أعلن استقالته من زعامة الحزب بعد هزيمة الحزب الساحقة في الانتخابات العامة عام 2019 ليقوم الحزب باختيارها رئيسة مؤقتة له إلى حين البحث عن خليفة لابنها، كونها أكثر رؤساء الحزب تأثيراً وذلك لنجاحها في إحياء الحزب عام 2004 بانتصاره المفاجئ على الحكومة المركزية.
وبعد فوز حزبها بانتخابات الوزراء رفضت منصب رئاسة الوزراء وزاد اصرارها على ذلك الانتقادات العدة التي واجهتها خاصة كونها من جذور إيطالية، وكذلك بسبب مخاوف أسرتها من أن يكون مصيرها مماثل لمصير زوجها ووالدته، وأكدت أن هذا المنصب لم يكن من أولوياتها بقدر سعيها لعودة حزب المؤتمر إلى السلطة لمواجهة تحديات الوضع الإنساني المتدهور للبلاد، لذلك تنازلت عنه لوزير المالية مانوهان سينج.
وكان لها دور في توقيع الاتفاق النووي المدني بين الهند والولايات المتحدة الأمريكية عام 2006، فقد سمح الاتفاق الذي تضمن 123 بنداً بتقاسم الخبرات النووية والوقود النووي مع الهند للنهوض باقتصاد البلاد الذي ينمو بسرعة كبيرة، كما أنه مثل تغيراً جذرياً في سياسات واشنطن التي فرضت عقوبات مؤقتة على الهند عام 1998 بسبب قيامها بتجارب نووية، إلا أن الاتفاق لاقى نقداً شديداً خاصة من قبل الحزب اليساري الذي رأى أن من شأن الاتفاق تعزيز هيمنة الولايات المتحدة في الهند وبالتالي ستعيق تحرك البلاد بحرية، لذلك ردت سونيا غاندي قائلة "إن مصالحنا الأمنية وبرنامجنا النووي واستقلال سياستنا الخارجية أمور غير قابلة للحول الوسط".
قضايا المرأة على رأس أولوياتها
أولت سونيا غاندي قضايا المرأة اهتماماً كبير وحاولت النهوض بها ورفع ما عنها ما تلاقيه من ظلم حيث أنها قررت ذات مرة عدم الاحتفال بالعام الجديد حداداً على روح فتاة توفيت بعد تعرضها لاغتصاب جماعي الأمر الذي سرع سعيها مع حزبها للحصول على موافقة البرلمان على مشروع قانون جديد يضمن عقوبات مشددة على مرتكبي جرائم اغتصاب النساء تصل لعقوبة 30 عاماً سجناً كما أنها يمكن أن تتعدى العقوبات في بعض الحالات إلى تعريض الجاني لعقوبة الإخصاء الكيميائي، كما أنها رأت أن زيادة هذا النوع من الجرائم سيؤثر على الاستقرار السياسي في البلاد.
بالإضافة للتشريع السابق سعت لإنشاء محاكم تختص فقط بالنظر في جرائم الاغتصاب وأن يتم النظر في هذا النزع من الجرائم بمدة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر من وقوع الحادثة أو الجريمة، وعلى الرغم من سعيها الدؤوب لحماية المرأة الهندية إلا أنها لم تكن تصل لحد الرضا على إداءها في هذه القضية وذلك انطلاقاً من نظرتها إلى أن مشكلة المرأة في البلاد مشكلة وطنية مرتبطة بجميع النساء، وترى أن حلها يكمن في تكاتف القوى المجتمعية لتحسين وضع المرأة دون الاقتصار على فئة معينة.
كما ترى أن قضايا الاغتصاب تحتاج إلى حلول وطنية عاجلة وأن عقوبة الاعدام أو السجن ليستا حلاً لإنهاء الجرائم المرتكبة بحق النساء، فرأت أنه لابد من وجود تشريعات وسياسات أخرى بالإضافة لبرامج تثقيفية أخلاقية تبث روح الاحترام للإنسان دون النظر إلى عرقه أو دينه أو حتى لغته كل ذلك بهدف إيقاف الانتهاكات المرتكبة بحق الإنسان في الهند وليس المرأة فقط.
ومع كل الجهود التي بذلتها سونيا غاندي للهند إلا أنها لاقت تعنتاً شديداً عندما تهيأت للترشح لرئاسة الهند عام 2014 بسبب أصولها الإيطالية كما حدث معها في انتخابات عام 2004، مما تسبب لها أزمة صحية انتقلت على إثرها إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي العلاج.
استطاعت سونيا غاندي خلال مسيرتها أن تكون واحدة من بين النساء الأكثر نفوذاً على 1.2 مليار نسمة في الهند، حيث صنفتها مجلة "فوربس" الأمريكية كأقوى شخصية نظراً لقدرتها على إدارة شؤون بلاد كالهند عانت من مشكلات جمة في ظل الحكومة الهندية الائتلافية المتهمة بالإخفاق في التعامل مع الخلافات والاحتجاجات الحاشدة ضد الفساد.