سعاد الصباح المرأة التي ناصرت النساء بقصائدها

ناصرت الشاعرة سعاد محمد الصباح الضعفاء والمظلومين وعبرت عن موقفها في أكثر من قصيدة

مركز الأخبارـ ، بينما شكل دفاعها عن حرية المرأة مساراً ثابتاً في شعرها، فقد ناضلت بشجاعة من أجل حصول المرأة على حقوقها.
 
موهبتها الأدبية 
ولدت الشاعرة والناقدة الكويتية سعاد محمد الصباح في الثاني والعشرين من أيار/مايو عام 1942 في مدينة الزبير بقضاء البصرة في العراق، وهي الابنة البكر لوالدها الذي أثر عليها بعمق حيث ورثت عنه حبها للقراءة والكتابة والشعر. وكانت العائلة قد نزحت من الكويت بعد مقتل جدها حاكم الكويت محمد بن صباح الصباح عام 1896. 
درست المرحلة الابتدائية في البصرة والإعدادية والثانوية في مدارس الكويت، ثم التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة وتخرجت منها عام 1973. وكذلك حصلت على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة "سري" في مدينة غلدفورد جنوب العاصمة البريطانية لندن عام 1981.
تلقت علوماً باللغة العربية منذ الصغر قبل دخولها المدرسة، الأمر الذي ساعدها على تطوير مهاراتها اللغوية والتعبيرية فيما بعد.
ظهرت موهبتها الكتابية وهي في الثالثة عشرة من عمرها، فكان أول دواوينها (ومضات باكرة) والثاني (لحظات من عمري) عام 1961، وصفتهما بالقول: "هما كتاباتي الطفولية".
 
قضية الإنسان والمرأة 
لم تنحصر أعمالها العلمية في الاقتصاد فحسب، بل عملت ككاتبة مساهمة ومنتظمة في العديد من الصحف على مستوى العالم. ولم تقتصر كتاباتها على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، بل تناولت قضايا وحقوق المرأة السياسية أيضاً.
إذ تعتبر إحدى أشهر الشاعرات على مستوى العالم. ويمتاز شعرها بالرقة والعذوبة والوجدان، ويمتاز شعرها بالمزج بين الشعر والفكر الناطق الذي تصب فيه هموماً معاصرة، اهتمت الشاعرة بهموم الإنسان على وجه العموم، وقضايا المرأة بشكل خاص، فقد نذرت نفسها لتحرير المرأة من القيود الاجتماعية التي فرضت عليها.
وعلى الرغم من أن إنتاجها الشعري كان يغطي سلسلة كبيرة من المواضيع تتراوح بين الرومانسية والوطنية، إلا أنها كانت تدور حول محور مشترك ألا وهو حرية الإنسان دون التمييز بين الرجل والمرأة القائم على مبدأ المساواة بين الجنسين.
 
كسر جدار الفضيلة
ناصرت الشاعرة سعاد الصباح الضعفاء والمظلومين وقد عبرت عن موقفها نحوهم في أكثر من قصيدة، بينما شكل دفاعها عن حرية المرأة مساراً ثابتاً في شعرها. فقد ناضلت بشجاعة من أجل حصول المرأة على حقوقها السياسية ودافعت عن قضية المرأة وحريتها كنوع من الوطنية. ولم تكن تنادي بتحرير المرأة من سطوة الرجل في بقعتها الصغيرة فحسب بل نادت بحرية المرأة في كل بقاع الأرض. وقد كان لنشأتها في أجواء تتجاهل المرأة تأثير كبير عليها، فكل شيء تفعله المرأة كان يوضع تحت مفهوم "ممنوع وعيب" أو حكر على الرجال، وفي ذلك الزمن الذي كان فيه الشعر والكتابة أيضاً حكراً على الرجال، جابهت سعاد الصباح الرجل وقاومته. وأرادت أن تقول إن صوت المرأة موجود في المجتمع ويمكنها أيضاً كتابة الشعر. فكتبت قصيدتها الثائرة والمناصرة للمرأة بعنوان "يقولون" والتي تقول فيها:
 يقولــــــون؛
إن الكتابة إثــــم عظيـــم...
فلا تكتبـــي.
وإنّ الصلاة أمام الحروف... حرام
فلا تقربـــي.
وإنّ مداد القصائــــــد سمّ...
فإياك أن تشربي...
وها أنـا ذا
قد شـــربت كثيراً
فلم أتسمّم بحبر الدواة على مكتبي
وها أنـا ذا...
قد كتبت كثيــــراً
وأضرمت في كل نجم حريقاً كبيراً
فما غضب الله يوماً علي
ولا اســتاء مني النبي...
 يقولــــــون؛
إنّ الكلام امتياز الرجــال...
فلا تنطقي!!
وإنّ التغزّل فنّ الرجــــال ...
فلا تعشقي!!
وإنّ الكتابة بحر عميق المياه
فلا تغرقي...
 وها أنا ذا قد عشقت كثيرا...
وها أنا ذا قد سبحت كثيرا...
وقاومت كلّ البحار ولم أغـرق...
 يقولـــــون:
إني كسرت بشعرى جدار الفضيلة
وإن الرجال هم الشعراء
فكيف ستولد شاعرة في القبيلة؟؟
وأضحك من كل هذا الهراء
وأسخر ممن يريدون في عصر حرب الكواكب...
وأد النســاء...
وأسأل نفسي؛
لماذا يكون غناء الذكور حلالا
ويصبح صوت النساء رذيـــــلة؟
 
إنجازاتها الأدبية
نُشرت أشعارها في كثير من المطبوعات اليومية والأسبوعية والشهرية، وتم توثيقها في خمسة عشر كتاباً. للأديبة سعاد الصباح الكثير من الدواوين الشعرية من أهمها "ومضات باكرة، من عمري، أمنية، إليك يا ولدي"، وفي عام 1986 أصدرت ديوان "فتافيت امرأة" الذي اشتهرت منه قصيدة "كن صديقي" التي غنتها الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي.
تابعت الأديبة سعاد الصباح نشاطاتها وأعمالها حيث نشرت العديد من الكتب منها "الورود تعرف الغضب، الشعر والنثر لك وحدك، قراءة في كف الوطن، للعصافير أظافر تكتب، في البدء كانت الأنثى، حوار الورد والبنادق، برقيات عاجلة إلى وطني، قصائد حب" والعديد من الكتب الأخرى.
أضافت الدكتورة والأديبة سعاد الصباح على المكتبة العربية مؤلفات عدة تتعلق باقتصاديات الدول المنتجة للنفط. ويتضمن ذلك أربعة عشر كتاباً وكثيراً من المقالات. ويعتبر كتابها "التخطيط والتنمية في الاقتصاد الكويتي ودور المرأة" مرجعاً للمهتمين بالأبحاث الخاصة بالكويت بشكل خاص ومنطقة الخليج بشكلٍ عام.
أسست "دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع" عام 1985. وقامت بإعادة طبع مجلدات "الرسالة الأدبية" المكونة من 1020 نسخة صدرت بين عامي 1933 و1952. كما أسست مسابقات عدة لتشجيع الشباب العربي على الإبداع الأدبي والعلمي.
 
الجوائز والتكريمات
نالت العديد من الجوائز وكرمت في أكثر من مناسبة خلال مسيرتها الأدبية من أهمها درع جمعية الاقتصاديين الكويتيين، ووسام الثقافة التونسية، ودرع التفوق من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، والميدالية الفضية من معهد العالم العربي في باريس. كما تم تكريمها في العديد من الدول لإصداراتها الشعرية وإنجازاتها الأدبية ومقالاتها الاقتصادية والسياسية.
تم اختيارها من قبل الأمين العام للأمم المتحدة عام 1995 لتمثيل المنظمة الدولية في المؤتمر العالمي للمرأة في بكين. وكانت واحدة من خمس سيدات تم اختيارهن كضيفات شرف للمؤتمر.
وبسبب موقفها الثابت تجاه حقوق الإنسان منحتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان بطاقة العضوية رقم واحد تقديراً لدورها في تأسيس المنظمة والعمل فيها لأكثر من عشرين عاماً.
ساهمت سعاد الصباح مساهمة فعّالة في خدمة الحركة الثقافية والفكرية من خلال الدعم والمساندة للواقع الثقافي. فهي تؤكد أن الثقافة والشعر رسالة إنسانية. كما قامت بالدفاع عن قضية المرأة من أجل المشاركة في بناء الحياة والمستقبل. ولا تزال سعاد محمد الصباح تناضل في كل مكان من أجل حرية الإنسان وحقوقه. وتعتبر سعاد عَلَماً بارزاً في الأدب العربي، وتعد واحدة من أبرز الشخصيات المشهورة والمحبوبة جماهيرياً.