رواية "مدينة البنات"
الابداع في الانتقال بين الفترات الزمنية المفصلية لأمريكا بقلم إليزابيث جلبرت على لسان بطله روايتها الخياطة فيفان موريس.
إليزابيث جلبرت روائية أمريكية وكاتبة قصّة قصيرِة، وكاتبة سير ذاتية ولدت عام1969 في ولاية كونيكتيكت الأميركية، درست في جامعة نيويورك وتخرّجت في 1991 في اختصاص علمِ السياسة، وبعدها عاشت حياة متشردة فعملت كطباخة.
اعتمدت الكاتبة في روايتها "مدينة البنات" الصادرة عام ٢٠٢٢ عن دار المدى تقنية الفلاش باك (الاسترجاع الزمني للأحداث) من خلال تتبع حياة بطلتها فيفان موريس القادمة من إحدى الضواحي إلى مدينة نيويورك للعمل في المسرح الذي تملكه عمتها "بيغ"، حيث الأضواء والممثلين والراقصات ذلك الزمن الذهبي المبهر بفعالياته واستعراضاته.
اللافت في القصة هي أن كل الروايات والسير التي تتناول حياة الفنانين خلف الكواليس تقوم على لسانهم لكن السارد في هذا الرواية هي خياطة المسرح "فيفان موريس حيث تبدأ الحكاية عام 1940 فيكشف الستار عن حياة فتيات الاستعراض في ذلك الزمن وعن التمرد والندم.
ركزت الكاتبة إليزابيث في الرواية على ضرورة الغفران بما معناه أن يصفح المرء عن أخطائه فلا معنى لأن يبقى جلادا لذاته، يمشي جسدا مصنوعة من الأسرار، والحزن، والجراح القديمة التي لم تلتئم، بقلب يعتصره الحزن مثخن بالألم.
تسير الأحداث باتجاه الحرب العالمية الثانية وما خلفته من دمار وضحايا، وحتى الناجون منها لم يتشافوا من أثارها النفسية العميقة في داخلهم، نيويورك بين يوم وليلة خلت المدينة الدافئة من شبابها الذين التحقوا بالحرب للدفاع عن الوطن والمبدأ، وبعد الانتصار لم تعد كما كانت فشملها التغيير من جميع جوانبها واجتاحتها الحداثة والتطور، فتصف الراوية بدقة حجم الهوة التي تفصل أميركا في مرحلة الأربعينات عن أميركا بعد الحرب العالمية الثانية وخصوصا في فترة الخمسينيات حين يبدأ مجتمع الولايات المتحدة بتبني أفكار جديدة مختلفة جذريا عن أربعينيات القرن العشرين، كذلك تصف الكاتبة عقد الستينيات على أنه من أجمل الفترات المؤثرة من حيث التحرر وحرية الأفكار.
كما تجلى إبداع الكاتبة في وصفها البديع لكل اللحظات الإنسانية وتعبيرها عن كل ما يجول في دواخل الإنسان من مشاعر الحب والكره والخوف والغيرة والحقد فكانت بطلتها امرأة تعمل على مكانة خياطتها وتعترف بكل أخطائها، خياطة جميلة متمردة.