رواية "الشحاذة"
قصة امرأة سورية عاشت اهوال الحرب بكل تفاصيلها حيث فقدت ابنتها الوحيدة، وهاجرت إلى فرنسا بحثاً عن ذاتها التي تاهت عنها.
هيفاء بيطار طبيبة وروائية سورية، عُرفت بإنتاجها القصصي والروائي الغزير كما أن كتاباتها أسهمت في تشكيل الوعي والتطور لدى فئات من المجتمع، وهي عضو في جمعية القصة والرواية في سوريا.
بدأت حياتها المهنية بتشخيص بعض العلل الاجتماعية بعينيّ طبيبة وروح وتعاطف الأديبة، ساعدتها مهنتها لتكون أكثر اقتراباً من حياة الناس وأسرارهم، كان أول إصداراتها الأدبية كانت عام 1992، حيث تبنّت من خلال أعمالها الدفاع عن قضايا المرأة العربية وتم تصنيفها ككاتبة أنثوية.
أصدرت روايتها الأخيرة بعنوان "الشحاذة" عام 2017 واعتبرها البعض سيرة ذاتية أكثر من كونها رواية، وثقت فيها هيفاء بيطار اهوال الثورة السورية ومآسيها التي حلت على المجتمع حتى صار متكيفاً من العيش في المأساة.
فلم تقف عند استحضار الفاجعة في كافة صورها، وإنما ساهمت أيضا في إنتاج نصوص تشبهها لا تخضع لنظرية النوع أو القوالب التجنيسية، حيث استحضرت المأساة السورية وكشفت عن جحيم المعاناة التي يعيشها السوريون سواء في رحلات هروبهم في قوارب الموت، أو في الأوطان البديلة، التي لم تمنح لهم غير اجترار المواجع والذكريات.
تسرد الكاتبة تجربتها بعد الحرب والقصص التي سمعتها، فتروي عن امرأة تعاني من الحرب التي كانت سبباً لفراق ابنتها الوحيدة، وقد استطاعت أن تنجو من وطن الموت والرصاص والقتل، تجتر حزنها على وطنها مع صديقاتها اللاتي يقاسمنها المأساة بما يسردن عن أوجاعهن من فقد أبنائهن في رحلات المجهول.
رسمت الكاتبة صورة لامرأة عذبتها المآسي السورية، حتى أنها جعلتها إنسانة مختلفة، فحياتها في باريس تتحول إلى هروب من الزمن، ومن الأصدقاء ومن الأهل، والأهم من الذات، كما ترسم صورة مؤلمة لواقع الحرب التي خرّبت حياة كلّ السّوريين.
إذا كانت الحرب شوّهت الداخل، فإن الغربة ضاعفت وفاقمت من الجرح، أصبحت الرغبة في النوم أشبه بالرغبة في الموت، حالة الاغتراب جمدة الإحساس لدى البطلة جعلتها تسير في شوارع باريس هائمة كالمشردين غير معتنيا بزينتها، وفي الليل تتصاعد في روحها الرغبة في الصراخ للتعبير عنما تحمله من ألم ومعاناة.